إمبراطورية الثروة 19
على الرغم من ثورة ستيفن جيرارد فأنها
كانت أقل من 8 ملايين دولار . ومع ذلك , فقد أعلن على الفور موافقته , واكتتب خطيا
(بباقى القرض المذكور) .
كان شرطه أن يودع المبلغ المتبقى فى مصرفه إلى حين الطلب
, وأن يحصل على عمولة ربع من 1 فى المائه على القرض لتغطية تكاليف بيع الحصص
الأخرى إلى غيره من المكتتبين .
قدر أدم سميث أن بإمكان أى مصرف إصدار
أوراق نقدية – من دون خشية أى عواقب – تعادل خمسة أضعاف رأسماله , وحددت بعض
الولايات إصدار الأوراق النقدية بما يعادل ثلاثة اضعاف رأس المال .
لكن ولايات
أخرى لم تضع مثل هذه الشروط . وفى عام 1809 أصدر مصرف فى رود أيلاند – برأسمال لم
يتجاوز 45 دولار – أوراقا نقدية بقيمة 800 الف دولار , أى أكثر من سبعة عشر ألف
ضعف من رأس المال .
كان ذلك بالطبع من باب الاحتيال , وليس ممارسة العمل المصرفى ,
لكنه كان الأول فى سلسلة من الاف حوادث فشل المصارف فى الولايات المتحدة .
و قد
أصبحت هذه الحوادث – والفضل فى ذلك لتوماس جيفرسون ومن سار على نهجه من السياسيين –
ظاهرة أمريكية تماما , مثلها مثل فطيرة التفاح .
ولم يقيد بعض الولايات عملية إصدار الأوراق
النقدية من قبل المصارف . وعلى الرغم من أنها كانت تسمى بالاصطلاح التقنى (سند
إثبات مؤقت) , وكانت الغاية منها سد النقص العابر فى كمية النقد المتداول , فقد
أصدرت العملات الورقية من قبل السلطات البلدية والاتحادات التجارية و المصانع وحتى
بعض الافراد . إذا أصدرت جهة أطلقت على نفسها اسم مجموعة من بقاليات فيلادلفيا
سندات الإثبات المؤقت , ومنها ورقة نقدية .
لم يكن لأحد , ولا حتى توماس جيفرسون ,
القدرة على صياغة صورة الحزب الديموقراطى وفلسفته الاقتصادية قبل فرانكلين روزفلت
سوى اندرو جاكسون .
إن الحزب الديموقراطى الحالى ملتف حول الشخصية السياسية الفذة
لجاكسون .
فقد اعتقد جاكسون و جيفرسون بضرورة دفع مركز النفوذ إلى مستوى أدنى فى
السلم الأجتماعى .
إذ كان كلاهما يحمل كرها عميقا للامتيازات الموروثة وما أسماه
جاكسون (قوة المال) , وقصد بها المصارف خصوصا الكبيرة منها والضاربة جذورها
والمتنفذة . لكن الرجلين كانا يتكشفان أيضا عن فروق عظيمة و اختلافات جذرية . فقد
حقق جيفرسون فلسفته بالوسائل الفكرية , فهو كان أولا و أخيرا رجب فكر . أما جاكسون
فكان رجل فعل وعمل .
لقد مثل أندرو جاكسون ثورة فى عالم
السياسة الأمريكية , وهذا ما حمل مؤرخ القرن التاسع عشر الشهير جورج بانكروفت على
اعتباره أخر الاباء المؤسسين .
زاول جاكسون المحاماة وضارب فى الأراضى ,
وذلك هو أسرع – وأخطر – الطرق إلى الثروة .
ووصف جيمس بارتون – وهو من أوائل من كتب
السيرة الذاتية لجاكسون – ما أسماه سر ثرائه . وكان ذلك أيضا سر أولى الثروات
المكتسبة فى مناطق التخوم . فكتب بارتون : ( اشترى جاكسون إقطاعات واسعة من الأرض
بثمن بخس (جرس حصان أو بقرة) , واحتفظ بها حتى ارتفع ثمنها بعد تدفق المهاجرين
اليها .
وانخرط جاكسون – مثله مثل أكثر المضاربين فى الاراضى – أحيانا فى صفقات
معقدة دخل فيها عنصر الدين . وباع فى العام 1795 – رغبة منه فى أن يؤسس لنفسه
تجارة يزاولها – 68 الف فدان من الأرض إلى دافيد اليسوون , وقبل منه كمبيالات نظير
ثمنها .
واستخدم الكمبيالات ضمانا لشراء البضائع اللازمة لتجارته . لكن اليسون
انتهى الى الإفلاس , وعاد جاكسون صفر اليدين .
وستستغرق منه تسوية هذه المسألة نهائيا
خمسة عشر عاما , وقد خلف ذلك فى نفسه خوفا من الدين و أساليبه لازمه طوال حياته .
كان أندرو جاكسون يرى النقد الحقيقى يتجسد فى المسكوكات – القطع الذهبية والفضية –
أما النقد الورقى وما عرف انذاك بالأوراق التجارية – الكمبيالات والسندات الأذنية
والشيكات المصرفية وما شابهها – فكان فى نظره كما كان يراه جون ادامز فى الجيل
السابق , ضربا من الاحتيال .
لقد كان واضحا منذ البدء أن إدارة جاكسون لن
تكون كسابقاتها , إذ إن احتفالات التنصيب السابقة كانت تتم بأسلوب توجيه الدعوات ,
بهرج المجتمع النبيل .
أما حفل الاستقبال لدى تنصيب الرئيس جاكسون فحضره كل من
أتيح له ولوج باب البيت الأبيض .
ووصلت قيمة الأضرار الناتجة عما تحطم من زجاج
وخزف و أثاث إلى عدة الاف من الدولارات .
وكان حشد الحضور كبيرا مما عرض سلامة
جاكسون إلى الخطر , فهرب من إحدى النوافذ , بينما حمل الخدم زجاجات الشراب خارجا إلى
حديقة البيت الأبيض لحمل الحشود على الخروج .
0 التعليقات:
إرسال تعليق