28‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 19

إمبراطورية الثروة 19


       على الرغم من ثورة ستيفن جيرارد فأنها كانت أقل من 8 ملايين دولار . ومع ذلك , فقد أعلن على الفور موافقته , واكتتب خطيا (بباقى القرض المذكور) .

كان شرطه أن يودع المبلغ المتبقى فى مصرفه إلى حين الطلب , وأن يحصل على عمولة ربع من 1 فى المائه على القرض لتغطية تكاليف بيع الحصص الأخرى إلى غيره من المكتتبين .

       قدر أدم سميث أن بإمكان أى مصرف إصدار أوراق نقدية – من دون خشية أى عواقب – تعادل خمسة أضعاف رأسماله , وحددت بعض الولايات إصدار الأوراق النقدية بما يعادل ثلاثة اضعاف رأس المال .

لكن ولايات أخرى لم تضع مثل هذه الشروط . وفى عام 1809 أصدر مصرف فى رود أيلاند – برأسمال لم يتجاوز 45 دولار – أوراقا نقدية بقيمة 800 الف دولار , أى أكثر من سبعة عشر ألف ضعف من رأس المال .

 كان ذلك بالطبع من باب الاحتيال , وليس ممارسة العمل المصرفى , لكنه كان الأول فى سلسلة من الاف حوادث فشل المصارف فى الولايات المتحدة .

و قد أصبحت هذه الحوادث – والفضل فى ذلك لتوماس جيفرسون ومن سار على نهجه من السياسيين – ظاهرة أمريكية تماما , مثلها مثل فطيرة التفاح .

      ولم يقيد بعض الولايات عملية إصدار الأوراق النقدية من قبل المصارف . وعلى الرغم من أنها كانت تسمى بالاصطلاح التقنى (سند إثبات مؤقت) , وكانت الغاية منها سد النقص العابر فى كمية النقد المتداول , فقد أصدرت العملات الورقية من قبل السلطات البلدية والاتحادات التجارية و المصانع وحتى بعض الافراد . إذا أصدرت جهة أطلقت على نفسها اسم مجموعة من بقاليات فيلادلفيا سندات الإثبات المؤقت , ومنها ورقة نقدية .



        لم يكن لأحد , ولا حتى توماس جيفرسون , القدرة على صياغة صورة الحزب الديموقراطى وفلسفته الاقتصادية قبل فرانكلين روزفلت سوى اندرو جاكسون .

إن الحزب الديموقراطى الحالى ملتف حول الشخصية السياسية الفذة لجاكسون .

فقد اعتقد جاكسون و جيفرسون بضرورة دفع مركز النفوذ إلى مستوى أدنى فى السلم الأجتماعى . 

إذ كان كلاهما يحمل كرها عميقا للامتيازات الموروثة وما أسماه جاكسون (قوة المال) , وقصد بها المصارف خصوصا الكبيرة منها والضاربة جذورها والمتنفذة . لكن الرجلين كانا يتكشفان أيضا عن فروق عظيمة و اختلافات جذرية . فقد حقق جيفرسون فلسفته بالوسائل الفكرية , فهو كان أولا و أخيرا رجب فكر . أما جاكسون فكان رجل فعل وعمل .

        لقد مثل أندرو جاكسون ثورة فى عالم السياسة الأمريكية , وهذا ما حمل مؤرخ القرن التاسع عشر الشهير جورج بانكروفت على اعتباره أخر الاباء المؤسسين .

       زاول جاكسون المحاماة وضارب فى الأراضى , وذلك هو أسرع – وأخطر – الطرق إلى الثروة .

       ووصف جيمس بارتون – وهو من أوائل من كتب السيرة الذاتية لجاكسون – ما أسماه سر ثرائه . وكان ذلك أيضا سر أولى الثروات المكتسبة فى مناطق التخوم . فكتب بارتون : ( اشترى جاكسون إقطاعات واسعة من الأرض بثمن بخس (جرس حصان أو بقرة) , واحتفظ بها حتى ارتفع ثمنها بعد تدفق المهاجرين اليها .

وانخرط جاكسون – مثله مثل أكثر المضاربين فى الاراضى – أحيانا فى صفقات معقدة دخل فيها عنصر الدين . وباع فى العام 1795 – رغبة منه فى أن يؤسس لنفسه تجارة يزاولها – 68 الف فدان من الأرض إلى دافيد اليسوون , وقبل منه كمبيالات نظير ثمنها .

واستخدم الكمبيالات ضمانا لشراء البضائع اللازمة لتجارته . لكن اليسون انتهى الى الإفلاس , وعاد جاكسون صفر اليدين .

      وستستغرق منه تسوية هذه المسألة نهائيا خمسة عشر عاما , وقد خلف ذلك فى نفسه خوفا من الدين و أساليبه لازمه طوال حياته . كان أندرو جاكسون يرى النقد الحقيقى يتجسد فى المسكوكات – القطع الذهبية والفضية – أما النقد الورقى وما عرف انذاك بالأوراق التجارية – الكمبيالات والسندات الأذنية والشيكات المصرفية وما شابهها – فكان فى نظره كما كان يراه جون ادامز فى الجيل السابق , ضربا من الاحتيال .

     لقد كان واضحا منذ البدء أن إدارة جاكسون لن تكون كسابقاتها , إذ إن احتفالات التنصيب السابقة كانت تتم بأسلوب توجيه الدعوات , بهرج المجتمع النبيل .

 أما حفل الاستقبال لدى تنصيب الرئيس جاكسون فحضره كل من أتيح له ولوج باب البيت الأبيض . 
ووصلت قيمة الأضرار الناتجة عما تحطم من زجاج وخزف و أثاث إلى عدة الاف من الدولارات . 

وكان حشد الحضور كبيرا مما عرض سلامة جاكسون إلى الخطر , فهرب من إحدى النوافذ , بينما حمل الخدم زجاجات الشراب خارجا إلى حديقة البيت الأبيض لحمل الحشود على الخروج .

0 التعليقات: