مذكرات ونستون تشرشل 12
وفى الثانى عشر من شهر فبراير 1938 أى بعد
ثمانية أيام من تسلم هتلر زمام القيادة العليا للقوات المسلحة , استدعى الى مقره
فى برختسجادن ومعه وزير خارجيته جيدو شميدت وبين أيدينا الان الحوار الذى دار
بينهما .
وكان هتلر قد عرض للتحصينات الدفاعية على
الحدود النمساوية ولم تكن تحتاج الى أكثر من عملية عسكرية بسيطة للتغلب عليها ,
وذلك قبل أن يثير للمواضيع الرئيسية الخاصة بالحرب والسلام وفيما يلى ما دار
بينهما :
هتلر : إن الأمر فيما يتعلق بالحدود الخيالية
التى أتمتموها لا يتطلب منى إلا امرا بسيطا اصدره حتى تكون قد اختفت فى ليلة واحدة
. ولا أظنكم تعتقدون أنكم تستطيعون الوقوف أمامى اكثر من نصف ساعة . ومن يدرى فقد
أكون بغته فى ليلة واحدة فى فينا . كعاصفة من عواصف الربيع وعند ذلك ستجربون شيئا
جديدا . و إنى أريد أن أوفر على النمساويين هذه التجربة التى تكلفهم الضحايا
العديدة فبعد زحف الجيش , يزحف جيش الصاعقة ثم الحارس النازى ولا يستطيع إنسانا كائنا ما كان أن يحول بينهم
وبين الثأر . حتى أنا نفسى فهل تريد ان تجعل من النمسا أسبانيا ثمانية ؟ إنى أريد
تجنب كل ذلك.
شو شينج : سأصل إلى المعلومات الكافية . و
أوقف بناء اية تحصينات دفاعية على الحدود الألمانية . وأنا أعرف بالطبع أنك تستطيع
أن تزحف على النمسا ولكن هذا الزحف يا سيدى المستشار سواء اردنا او لم نرد سيؤدى
الى الدمار وسفك الدماء . ونحن لسنا وحيدين فى العالم . وقد يكون زحفكم مؤديا إلى
الحرب العالمية .
هتلر : فى مقدورك أن تقول هذا الكلام فى
هذه اللحظه ونحن نجلس هنا على المقاعد الوثيرة . ولكن وراء هذا الكلام كثيرا من
الالام والدماء . فهل أنت على استعداد يا شو شينج لتحمل مسئولية ذلك ؟ .
لا تصدق أن فى العالم من يستطيع أن يردنى
عما قررت .
إيطاليا ؟ كلا لقد تفاهمت مع موسولينى .
وعلاقتى مع ايطاليا الان على أحسن ما يرام . من ؟ انكلترا ؟ ان انكلترا لن ترفع
اصبعا واحدة لاجل النمسا . وفرنسا ؟ . لقد كنت أعد نفسى مغامرا حين زحفنا على
منطقة الراين بمجموعة من الكتائب أما الان فقد فات الاوان على فرنسا .
كانت هذه المقابلة الأولى فى الساعة
الحادية عشرة فى الصباح وقد أستدعى النمساويون – بعد غداء رسمى – الى حجرة صغيرة
كان فيها ريبنتروب وباين ومعهما انذار نهائى نخطوط غير قابل للمناقشة فى شئ من محتوياته .
وتتضمن تعيين سابكس – اسكوارت النازى ونريرا
للامن فى الحكومة النمساوية . وشمول جميع النازيين النمساويين المعتقلين بالعفو
العام . وضم الحزب النمساوى بصفة رسمية الى الجبهة الوطنية التى تشرف عليها
الحكومة .
وقد استقبل هتلر المستشار النمساوى وقال له
اكرر عليك قولى إن هذه هى الفرصة الأخيرة . و انتظر أن توقع الشروط خلال ثلاثة
أيام .
لقد أتخذ الحديث التليفونى الذى دار بين
هتلر و الأمير فليب هيسى مبعوثة الخاص الى الدوتش وثيقة من الوثائق فى محاكمات
نورمبرج .
ويجدر بنا أن ننقله هنا بنصه :
هيس : حضرت منذ دقائق من قصر البندقية وقد قبل
الدوتش الموضوع كاملا وبروح ودية , وهو يبعث اليك بتحياته واحترامه , وقد تلقى
المعلومات من النمسا , فقد أبلغه شو شينج الأخبار , و أعلن أن التدخل الايطالى
مستحيل , وانه لن يكون الا اكذوبة ز أنه لا يستطيع أن يقوم بمثل هذا الأمر على هذا
النحو وقد أعلن موسولينى أن أمر النمسا لا يهم .
هتلر : اذن ارجو ان تبلغ موسولينى اننى لن
انسى له هذا الجميل .
هيس : اجل .
هتلر : ابدا ابدا مهما يحدث ومازلت مستعدا
لعقد معاهدة مختلفة معه .
هيس : نعم لقد ابلغته ذلك .
هتلر : بعد ان تتم تسوية القضية النمساوية
ساكون مستعدا لان اسير معه بغير قيد او شرط ولا احفل بشئ .
هيس : اجل يا زعيمى .
هتلر : ساعقد معه اى اتفاق . فلم اعد احفل
بالوضع المخيف الذى كان لا بد أن يحدث من الوجهة العسكرية . اذا اشتبكنا فى نضال .
أرجو أن تبلغه عميق شكرى . واننى لا انسى له موقفه ابدا.
هيس : اجل يا زعيمى .
هتلر : لن أنسى له ذلك مهما يكن الامر . فاذا
احتاج الى مساعده فى أى وقت او احس بالخطر فيستطيع أن يثق بأننى سأكون الى جانبه
ولو تألب العالم عليه بأسره .
ولا شك أن هتلر قد وفى بعهده حين انقذ
موسولينى من أيدى الحكومة الإيطالية المؤقته سنه 1943 .
0 التعليقات:
إرسال تعليق