06‏/12‏/2014

حرب العصابات في قبرص 29

حرب العصابات في قبرص 29

    وهكذا وجد ديجينيس أن الفرصة أصبحت مواتية , بعد أن ظل صامتا عدة أسابيع , فأعلن عن البدء فى معركة جديدة  هى معركة المقاومة السلبية ,

 وكان يرمى بهذه الخطه أساسا , كما جاء فى بيان أصدره فى أوائل شهر مارس عام 1958 , أن تشهد الدنيا كلها على أن شعب قبرص ما زال مصمما على التضحية بكل شئ فى سبيل حريته فقد قال فى بيانه :

     ها أنا ذا اليوم أرفع راية المقاومة السلبية كى تسير جنبا إلى جنب مع الكفاح المسلح الذى ستظل رايته خفاقه على جميع جبهات القتال لتسير بنا الى النصر . .

إن بريطانيا تستنزف عرق الشعب القبرصى وتسلب أبنائه أموالهم فى صورة ضرائب ومكوس وغرمات قضائية . .

غير أن قبرص للقبارصة لا للبريطانيين , وأن ثمرة جهود المواطنين من أبنائها يجب ان يتمتع بها هم . .

 وقال :
    ان المنشورات الدورية سوف تتضمن التعليمات الخاصة بالأشكال التى سوف تتخذها حركة المقاومة السلبية . .

 ثم طالب مواطنيه بأن يمتثلوا لتعليماته امتثالا منظما وأن ينضموا جميعا فى حرب شاملة للاطاحه بالحكم الاستعمارى .

      حققت هذه الجملة بعض النجاح عموما . .

 فقد أستقال عدد كبير من رؤساء القرى الذين كان مسموحا لهم حتى ذلك الوقت بالبقاء فى وظائفهم وتعهدوا بالوقوف الى جانب مكاريوس باعتباره الممثل الوحيد للامة وقد جردت المحاكم الرسمية من سلطاتها وحلت محلها لجان محلية للفصل فى المنازعات , كما سحب جميع التلامذه من المدارس الانكليزية , وأنخفض عدد الطلبات للوظائف الحكومية وكان معظم الذين تقدموا لتلك الوظائف فعلوا ذلك باذن من ايوكا . .

غير أن المبدأ الرئيسى للحملة كان مقاطعة البضائع الأنكليزية – وخاصة السيارات , والأقمشة والمواد , والأحذية والمصنوعات الجلدية والسجاير والخمور ومجموعة من المنتجات الصناعية تتراوح من إبر الخياطة إلى الدراجات وكان فى الامكان الاستعاضة ببعض هذه السلع بالمنتجات المحلية , أما السلع الاخرى فقد كانت تستورد من الخارج بموافقة الحكومة على استخدام العملة الاسترلينية .

       أما من لم يخضع من أصحاب المحال لأوامر أيوكا , فقد كانوا يخيرون بين غلق محالهم لعدة أيام كعقوبة لهم , أو تحطيمها .

 وقد أخذ صبية الفتوة والغوغاء يستغلون هذا التكتيك فى شغل أوقات فراغهم فينطلقون الى الشوارع المزدحمة , وينهالون على كل من هب ودب بالتهديد والسب و الاهانة ,ممن لم يكونوا قد امتثلوا امتثالا تاما لقرار المقاطعة .

    وقد أفلت زمام الموقف الى درجة اضطرت ايوكا لتشكيل فرقها الخاصة لمقاومة العصابات غير الرسمية , وتعرض كثير من أهل البلاد الى الاذلال والخسائر , غير أن التجار كانوا بالطبع الضحية الرئيسية  فقد تكدست البضائع المستوردة فى مخازن المستوردين , وأخذ المصدرون القبرصيون يخشون أن تلجأ الحكومة البريطانية الى اجراءات انتقامية كالامتناع عن استيراد المنتجات القبرصية . .

 وبصرف النظر عما كان يدور فى رأس ديجنييس فان خطته هذه أضرت بالبيوت التجارية والتجار الذين كانوا يتعاملون مع انكلترا واسواق الكومنولث , بينما أفادت ذلك القطاع من التجار الذين كانوا يعتمدون فى معاملاتهم التجارية على اليونان , وبعض أقطار اوروبا الغربية , وخاصة المانيا . .

 وقد قيل ان بعض هؤلاء كانوا على علاقة وثيقة بمنظمة أيوكا مما جعل الناس يرتابون فى حقيقة الدوافع الكامنة وراء تلك الحملة .

     وقد ألف رجال الأعمال الذين أصابهم ضرر من الحملة وفودا عدة توجهت سرا الى أثينا فى مجموعات صغيرة , وذلك حتى لا تعطى انطباعا مضادا لديجينيس . .

 وقد طالبت الوفود مكاريوس بأن يرجئ قرار المقاطعة حتى يتمكنوا من تصريف مخزونهم من السلع . .


وكان من المعروف أن الأسقف لم يكن يستطيع أن يلغى قرارا اتخذه رجل يعده ساعده الأيمن

 ولكنه وضع حلا وسطا وأعلنت ايوكا على أثره أنها لن تبدأ فى تطبيق قرار المقاطعة الا بعد استنفاد جميع المخزون من المنتجات والسلع المستوردة من انكلترا .

0 التعليقات: