24‏/12‏/2014

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 37

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 37


الأنماط الجديدة

نمط الصراع الاستراتيجى العالمى :

      على أن البحر الأبيض المتوسط لم يفقد من دوره للمحيط الهندى بسبب البترول أو الخليج وحده , وإنما هناك بالإضافة عامل الاستراتيجية العالمية والسياسة الدولية بعامة .

 فلشد ما تغيرت أنماط ومحاور الصراع الاستراتيجى العالمى , مثلما توسعت للغاية أبعاده وأقطاره وأخطاره اليوم بالقياس إلى الأمس .

فحتى الحرب العالمية الثانية وصراع الإمبراطوريات الاستعمارية كان الصراع أساسا بين بريطانيا وألمانيا , وبذلك كان البحر الأبيض المتوسط مركزيا ومحوريا فى النمط الاستراتيجى السائد , مثلما كان دور قناة السويس شريانيا ومصيريا .

أما الان فإن الصراع بين الكتلتين والعملاقين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى قد نقل المسرح والخطر إلى الشرق أكثر , إلى الشرق من القناة والمتوسط بل و أوروبا نفسها أكثر و أكثر .

      لا بد أن نلاحظ أنه ما من مسرح قتال محتمل على وجه الارض أبعد من الولايات المتحدة و أقرب إلى الاتحاد السوفيتى من الخليج .

       البعض يتنبأ بأن المحيط الهادى – بكل قوى الصين واليابان و الاتحاد السوفيتى و الولايات المتحدة حوله – سيصبح البحر المتوسط العالمى الجديد فى القرن 21 .

مصر و السويس :

      تلك جميعا هى مجموعة المتغيرات العالمية التى أضافت إلى القيمة و الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربى وما شرقه على حساب منطقة السويس والقناة .

ولكن على الجانب الأخير , فإن هناك بالإضافة مجموعة أخرى من المتغيرات نالت بصورة مباشرة من قيمته ووزنه الحقيقى والنسبى مما ضاعف و إلى حد الخطر الاختلال الاستراتيجى بين كفتى الميزان . 

وكما رأينا فإن أهم هذه العوامل ثلاثة هى الاستراتيجية النووية والخطر الإسرائيلى ثم الناقلات العملاقة وطريق الرأس .

 فكل منها قد هدد أو أخذ بقدر أو آخر من قيمة الموقع الجغرافى ودور القناة الاحتكارى القديم .

ولئن كان من الممكن , وأمكن بالفعل , مواجهة هذه الأخطار واستعادة قدر من أهمية القناة , فلا سبيل إلى الشك فى أن وزنها قد خف فعليا ونسبيا فى الاستراتيجية والمواصلات العالمية سواء عما كان عليه فى الماضى تقليديا أو عما ال إلى الخليج العربى مؤخرا .

      وفى النتيجة الصافية ومجمل القول انتقل مركز الثقل الجيوبوليتيكى والجاذبية الاستراتيجية والصراع السياسى من البحر المتوسط إلى المحيط الهندى , ومن قناة السويس إلى الخليج العربى , ومن مصر والشام إلى شرق الجزيرة العربية والمشرق العربى , ومن شمال البحر الأحمر إلى جنوبه , بالاختصار من وسط الشرق الأوسط إلى شرقه , أو إن شئت فقل بالتقريب من الشرق الأدنى إلى الشرق الأوسط .

 ولعل من أبرز مظاهر و أعراض هذا الاختلال أو الانتقال شرقا تحول بثورة الحروب المحلية فى المنطقة مؤخرا ,لا سيما بعد ذلك الصلح المصرائيلى , من ركن مصر – إسرائيل – سوريا إلى ركن العراق – إيران – أفغانستان .

         خذ مثلا حرب العراق – إيران . هذه الحرب لا مفر دليل جزئى على تحرك مركز الثقل الاستراتيجى و الجيوبوليتيكى والاقليمى من السويس إلى الخليج ومن مصر إلى المشرق .

 أليست تضع الخليج الأن موضع قناة السويس فى القرن الماضى أو الأخير , وتكاد تكرر إلى حد ما حرب السويس ؟

 أوصدفة أنهم كانوا يتحدثون بقلق عن خطر إغلاق مضيق هرمز مثلما كانوا يتحدثون فى الماضى عن خطر إغلاق قناة السويس ؟

بل الطريف أو الغريب أنهم فى الغرب تحدثوا أثناء هذه الحرب عن الفراغ الذى سببه خروج بريطانيا ثم تخلى أمريكا عن الخليج مما فجر الحرب المحلية , تماما مثلما تحدثوا عن الفراغ بعد خروج بريطانيا من مصر وقاعدة السويس .

 الاكثر إثارة أنهم تحدثوا عن قوة بحرية مشتركة من دول الغرب لضمان المرور فى هرمز وتدفق البترول , تماما كهيئة المنتفعين بقناة السويس وشروطها ... الخ .

       مصر استراتيجيا قد تحولت كقناتها إلى موقع هامشى خادم على هامش الخليج الحيوى الحاكم المتحكم فى كل شئ , لا يغير من ذلك إعلان مصر استعدادها لإرسال قواتها إلى الخليج للمساهمة فى حمايته .

 - إيهاب- المؤلف رحمه الله كان بيقول هذا الكلام عام 1983 تخيل أنت 


      أسيا , بعد أن فشلت الولايات فى إخضاعها او احتوائها بالقوة وخرجت من يابسها القارى .

 هى أكثر من أى قارة او منطقة أخرى المرشحة لتكون ميدان اللعبة الجديدة , وإليها بالفعل تتجه كل مؤشرات الصراع , وفيها نجد أولى إرهاصاته , بحيث قد تحل اسيا محل اوروبا كميدان المعركة غير المباشر بين الأقطاب الخمسة المفترضين مثلما حلت محلها كميدان المعركة بين القطبين الأعظم الراهنين .

0 التعليقات: