إمبراطورية الثروة 16
وفى العام 1802 رصد قانون الكونغرس الذى
أسست بموجبة ولاية أوهايو الأموال المتحصلة من بيع الأراضى العامة لمد الطرق .
وفى عام 1790 حين لم يضى إلا عام واحد على
تطبيق الدستور , رخصت ثمانى ولايات من الولايات الثلاث عشرة ما لا يقل عن ثلاثين
شركة لشق القنوات , ولم يصل كثير من هذه الشركات مرحلة التخطيط وكان معظمها يفتقر
إلى العزيمة اللازمة فلم تسع إلى مد الاجزاء الصالحة للملاحة فى الأنهار من خلال
حل مشكلات التيارات المائية والشلالات . كان جورج واشنطن من المتحمسين جدا لفكرة
القتال وذلك حرصا منه على تطوير فرص الملاحة فى نهر بوتوماك ,لكنه عجز عن تأمين
التمويل اللازم من الكونغرس .
إن قرار شق القنال شئ , وشقها شئ أخر تماما
.
وأصدرت الشركة أسهما فى العام 1794 لاقت
إقبالا كبيرا من المستثمرين , الذين كان يحدوهم الأمل بالأمكانات الاقتصادية التى
تبشر بها التقنية الجديدة , وهم غير مدركين الصعوبات العملية التى تترتب على إنشاء
القنال وتشغيلها على نحو مربح .
ومع البوادر الأولى – ولن تكون الاخيرة – لفقاعة
الاستثمار التقنى فى الولايات المتحدة ارتفعت اسعار اسهم شركة قنال مديلسكس – التى
بلغت حين إصدارها 225 دولارا – الى مستوى كبير وصل الى 475 دولارا , وذلك بفعل
المضاربين قبل أن تبدأ القنال عملها بعشر سنوات
يمكن تلمس ضخامة مشروع قنال إرى بالنسبة
إلى ولاية نيويورك إذا علمنا أن التكلفة التقديرية النهائية – والتى بلغت سبعة
ملايين دولار – تتجاوز أكثر من ثلث رأسمال المصارف وشركات التأمين العاملة فى
الولاية .
و فرضت نيويورك ضريبة على السفر بالمراكب البخارية , وعلى الملح وعلى
الاراضى التى تقع داخل حزام لا يزيد على خمسة وعشرين ميلا حول القنال لخدمة
السندات التى أصدرتها , واستثمرت شركتا تأمين لندنيتان أموالا طائلة فى هذه
السندات , لكن معظم الأموال جاءت من أبناء نيويورك , وجلهم من أصحاب الثروات
الكبيرة .
فمن أصل المكتتبين التسعة والستين فى سندات العام 1818 استثمر واحد
وخمسون منهم 2000 دولار أو ما يقل , واستثمر سبعة وعشرون مكتتبا أقل من 1000 دولار
للمكتتب الواحد .
فى عام 1821 اكتمل نحو 220 ميلا من القنال
وبدأت حركة النقل نزداد , وتستقطب اهتماما من الخارج . وبدأ سوق النقد فى لندن
بتوظيف استثمارات ضخمة فى المشروع , وستشترى شركة بارينخ بروذرز وحدها سندات فى القنال باكثر من 300 الف
دولار.
فى عام 1825 عبر 13.100 مركب القنال وجبيت
رسوم عبور بلغت نصف مليون دولار , وهذا يتجاوز المبلغ اللازم لتمويل الدين الذى
ترتب على بناء القنال , وفى أقل من عقد سددت الديون واستخدم فائض الأموال فى توسيع
القنوات الرافدة لها .
القنال استخدمتها ألوف للانتقال من الحقول
الصخرية فى نيوإنغلاند إلى الاراضى الخصبة فى الغرب الأوسط , و ارسلوا نتاج عملهم
ثانية عبر القنال مع التراجع الشديد فى تكلفة نقل البضائع غربا . قبل القناة , كان
الأمر يستغرق ثلاثة أسابيع وبتكلفة بلغت 120 دولار لإرسال طن من القمح من بوفالو
إلى مدينة نيويورك , أى ثلاثة أمثال تكلفة الطحين .
وبين ليلة وضحاها هبطت التكلفة
إلى ستة دولارات ولم يعد شحنها يستغرق أكثر من ثمانية أيام .
يصطلح الاقتصاديون على تسمية النقل
بتكلفة إنجاز الصفقة .
قبل اكتمال العمل فى قنال إرى عام 1822 رأت
صحيفة التايمز اللندنية أن القنال أوشكت على الانتهاء , وكتبت فى ذلك العام أنها
ستجعل مدينة نيويورك لندن العالم الجديد . وكانت التايمز محقة . فقد كانت قنال إرى
هى ما أكسب الإمباير ستيت مركزها التجارى وجعلت نيويورك عاصمة الأمة الامبراطورية
.
روى عن جون جاكوب أستور – وهو من كبار
المستثمرين فى القنال – قوله وهو على فراش الموت فى عام 1898 إن الشئ الوحيد الذى
يأسف عليه فى الحياة أنه لم يشتر منهاتن كلها . لكنه اشترى منها ما يكفى لجعله
أغنى رجل فى البلاد ولتتمتع عائلته بثراء عز نظيره فى الأجيال المقبلة .
كان على مستورد النسيج وتجار القطن فى
نيويورك السفر من حين إلى أخر الى بريطانيا لغرض التجارة , وكثير منهم كانوا
بريطانى المولد . وقد كانوا يأسفون على الزمن الضائع بانتظار إبحار السفينة , وخرج
احدهم , كان اسمه جيرميا طومبسون , بفكرة غير مسبوقة للحد من الزمن الضائع , إذ
اقترح تنظيم طابور للسفن تحت إدارة موحدة تلتزم ببرنامج زمنى منتظم تبحر بموجبه فى
تواريخ تعلن مسبقا .
0 التعليقات:
إرسال تعليق