28‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 16

إمبراطورية الثروة 16


        وفى العام 1802 رصد قانون الكونغرس الذى أسست بموجبة ولاية أوهايو الأموال المتحصلة من بيع الأراضى العامة لمد الطرق .

      وفى عام 1790 حين لم يضى إلا عام واحد على تطبيق الدستور , رخصت ثمانى ولايات من الولايات الثلاث عشرة ما لا يقل عن ثلاثين شركة لشق القنوات , ولم يصل كثير من هذه الشركات مرحلة التخطيط وكان معظمها يفتقر إلى العزيمة اللازمة فلم تسع إلى مد الاجزاء الصالحة للملاحة فى الأنهار من خلال حل مشكلات التيارات المائية والشلالات . كان جورج واشنطن من المتحمسين جدا لفكرة القتال وذلك حرصا منه على تطوير فرص الملاحة فى نهر بوتوماك ,لكنه عجز عن تأمين التمويل اللازم من الكونغرس .

     إن قرار شق القنال شئ , وشقها شئ أخر تماما .

     وأصدرت الشركة أسهما فى العام 1794 لاقت إقبالا كبيرا من المستثمرين , الذين كان يحدوهم الأمل بالأمكانات الاقتصادية التى تبشر بها التقنية الجديدة , وهم غير مدركين الصعوبات العملية التى تترتب على إنشاء القنال وتشغيلها على نحو مربح .

 ومع البوادر الأولى – ولن تكون الاخيرة – لفقاعة الاستثمار التقنى فى الولايات المتحدة ارتفعت اسعار اسهم شركة قنال مديلسكس – التى بلغت حين إصدارها 225 دولارا – الى مستوى كبير وصل الى 475 دولارا , وذلك بفعل المضاربين قبل أن تبدأ القنال عملها بعشر سنوات

       يمكن تلمس ضخامة مشروع قنال إرى بالنسبة إلى ولاية نيويورك إذا علمنا أن التكلفة التقديرية النهائية – والتى بلغت سبعة ملايين دولار – تتجاوز أكثر من ثلث رأسمال المصارف وشركات التأمين العاملة فى الولاية .

 و فرضت نيويورك ضريبة على السفر بالمراكب البخارية , وعلى الملح وعلى الاراضى التى تقع داخل حزام لا يزيد على خمسة وعشرين ميلا حول القنال لخدمة السندات التى أصدرتها , واستثمرت شركتا تأمين لندنيتان أموالا طائلة فى هذه السندات , لكن معظم الأموال جاءت من أبناء نيويورك , وجلهم من أصحاب الثروات الكبيرة .

فمن أصل المكتتبين التسعة والستين فى سندات العام 1818 استثمر واحد وخمسون منهم 2000 دولار أو ما يقل , واستثمر سبعة وعشرون مكتتبا أقل من 1000 دولار للمكتتب الواحد .

     فى عام 1821 اكتمل نحو 220 ميلا من القنال وبدأت حركة النقل نزداد , وتستقطب اهتماما من الخارج . وبدأ سوق النقد فى لندن بتوظيف استثمارات ضخمة فى المشروع , وستشترى شركة بارينخ  بروذرز وحدها سندات فى القنال باكثر من 300 الف دولار.

     فى عام 1825 عبر 13.100 مركب القنال وجبيت رسوم عبور بلغت نصف مليون دولار , وهذا يتجاوز المبلغ اللازم لتمويل الدين الذى ترتب على بناء القنال , وفى أقل من عقد سددت الديون واستخدم فائض الأموال فى توسيع القنوات الرافدة لها .



       القنال استخدمتها ألوف للانتقال من الحقول الصخرية فى نيوإنغلاند إلى الاراضى الخصبة فى الغرب الأوسط , و ارسلوا نتاج عملهم ثانية عبر القنال مع التراجع الشديد فى تكلفة نقل البضائع غربا . قبل القناة , كان الأمر يستغرق ثلاثة أسابيع وبتكلفة بلغت 120 دولار لإرسال طن من القمح من بوفالو إلى مدينة نيويورك , أى ثلاثة أمثال تكلفة الطحين .

 وبين ليلة وضحاها هبطت التكلفة إلى ستة دولارات ولم يعد شحنها يستغرق أكثر من ثمانية أيام .

        يصطلح الاقتصاديون على تسمية النقل بتكلفة إنجاز الصفقة .
        قبل اكتمال العمل فى قنال إرى عام 1822 رأت صحيفة التايمز اللندنية أن القنال أوشكت على الانتهاء , وكتبت فى ذلك العام أنها ستجعل مدينة نيويورك لندن العالم الجديد . وكانت التايمز محقة . فقد كانت قنال إرى هى ما أكسب الإمباير ستيت مركزها التجارى وجعلت نيويورك عاصمة الأمة الامبراطورية .

        روى عن جون جاكوب أستور – وهو من كبار المستثمرين فى القنال – قوله وهو على فراش الموت فى عام 1898 إن الشئ الوحيد الذى يأسف عليه فى الحياة أنه لم يشتر منهاتن كلها . لكنه اشترى منها ما يكفى لجعله أغنى رجل فى البلاد ولتتمتع عائلته بثراء عز نظيره فى الأجيال المقبلة .


       كان على مستورد النسيج وتجار القطن فى نيويورك السفر من حين إلى أخر الى بريطانيا لغرض التجارة , وكثير منهم كانوا بريطانى المولد . وقد كانوا يأسفون على الزمن الضائع بانتظار إبحار السفينة , وخرج احدهم , كان اسمه جيرميا طومبسون , بفكرة غير مسبوقة للحد من الزمن الضائع , إذ اقترح تنظيم طابور للسفن تحت إدارة موحدة تلتزم ببرنامج زمنى منتظم تبحر بموجبه فى تواريخ تعلن مسبقا .

0 التعليقات: