14‏/12‏/2014

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 3

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 3


هناك إذن سهم حركى واضح يبدأ من الجنوب الشرقى الى الشمال الغربى ,
ومن عروض دون مدارية الى عروض معتدلة باردة .

 هذا ما يعرف فى مجموعه بنظرية هجرة الحضارة نحو الشمال , بعيدا عن خط الاستواء , وتجاه القطب .

 والمسلم به علميا وتاريخيا أن هذه الحركة ارتبطت تماما بالاحتكاك والاقتباس الحضارى .

 بمعني ان كل مركز لاحق استمد حضارته أصلا من مركز سابق ثم نماها إلى مستويات أعلى ربما والكشوف الجغرافية فى الحقيقة لا تخرج كثيرا عن هذه القاعدة .

     غير أن كثير من الكتاب الغربيين يحلو لهم ان يردوها الى حيوية وتطلع غير عادى فى شعوب غرب اوروبا , والى حب استطلاع ومغامرة وتفوق طبيعى فى الجنس .

 هم بمعنى آخر أثييرون تفسيرا عنصريا .

 إلا أن الحقيقة ان أوروبا الغربية خرجت الى الكشوف بسبب عدة ضوابط و ضواغط أهمها ما جاء من الخارج و أقلها ما صدر عن الداخل .

 وبتحليل هذه العوامل لن نعدم ان نرى أثر مراكز الحضارة والقوة الأسبق من عرب واستبس وغيره , ويمكن أن تحدد تلك العوامل فى ثلاثة : حضارى و سياسى وجغرافى .


      لم يكن من الممكن لأوروبا الوسيطة ان تخرج الى استعمار الكشوف بهذا الهيكل السياسى البدائى القزمى , بل هى لم تخرج إلا بعد أن بدأت فيها جراثيم القومية الأولى والشعور و الوعى بالذات الوطنية واتجهت نحو لم جزئياتها السياسية فى وحدات وطنية اكبر فى طريقها الى الدولة الوطنية الحديثة .


     إن الذى خلق الشعور القومى مبكرا فى أوروبا هى الضغوط الثلاثة التى أحدقت بها من جهاتها الثلاثة : خطر الفيكينج من الشمال , والاستبس من الشرق , والسراسنة (العرب) من الجنوب .


     لن ننسى أن هذه البيئة البحرية الفريدة كانت من عوامل سرعة تبلور القومية فى غرب أوروبا . 

فبفضل تداخل المحيط فى اليابس وتقطيعه له بالبحار الداخلية والخلجان الكبيرة , انقسم اليابس إلى وحدات جغرافية طبيعية معقولة الأحجام , متميزة الحدود واضحة الشخصيات مما سهل تبلورها القومى ونشأة الدولة الوطنية الحديثة فى كل منها .

0 التعليقات: