إمبراطورية الثروة 9
وقد بدأ إصدار النقد الورقى المصرفى على يد
المصارف الإنجليزية منذ بداية القرن الثامن عشر .
وكانت قابلة للتداول – بفضل
إمكان استرداد قيمتها ذهبا منالايداعات لدى المصارف – حيث كان الذهب الذى تمثله
هذه الفئات النقدية ملكا مطلقا لحاملها .
من دون المصارف لم تكن المستوطنات الأمريكية
قادرة على التعالم بالنقد الورقى .
لأنها كانت نقودا قانونية استخدمت فى سداد
الضرائب والمستحقات الحكومية الأخرى , فقد جرى تداولها كالنقود ( مع أن ذلك تم
غالبا بحسم على قيمتها الأسمية ) .
لكن القطع النقدية المعدنية لا بد أن تصنع من
معدن ما . كما أن إنتاجها يعتبر باهظ التكلفة . أما إنتاج النقد الورقى ذا تكلفة لا تذكر .
ولم يتوازن السياسيون عن الأنسياق وراء استخدام النقد الورقى كحل قصير
الاجل لمشكلات الحكومة المالية . ولا يستثنى من ذلك سياسيو أمريكا الشمالية
التابعة لبريطانيا . وعمدت حكومة ماساتشوستس – التى انكبت على إصدار المزيد
والمزيد من النقد الورقى – الى سحب القطع النقدية الذهبية و الفضية من التداول .
تاكيدا لقانون جريشام (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول) . وهكذا كان
الناس يتعاملون بالنقد الورقى ويحفظون النقد المعدنى تحت وسائدهم .
لأنهم اعتبروه
مخزن قيمة , و هذا ما كان عليه فعلا .
ازدهرت تجارة الرم والسكر المكرر و المواد
الغذائية والسلع الصناعية بين المستوطنات . وفى العام 1770 كان نحو 20 فى المائة
من الحمولة التى غادرت ميناء نيويورك تتجه إلى موانئ المستوطنات الأخرى وليس غلى
أوروبا أو الإنديز الغربية .
وبدأ اقتصاد أمريكا الشمالية التابعة
لبريطانيا بالتحول عن طابعه الاستيطانى (الكولينيالى) الى اقتصاد مماثل لاقتصاد
البلد الام , اقتصاد متنوع و متطور .
ظهرت أولى بوادر الحركة المناوئة للعبودية
فى أواخر القرن السابع عشر فى انجلترا . إذا استنكر جورج فوكس (1624-1691) – مؤسس
جمعية الأصدقاء – الرق (فى وقت كان فيه لدى ويليام بين كثير من العبيد) .
بدأ الامريكيون يميلون سريعا إلى اعتبار
انفسهم رعايا للتاج البريطانى , وبالقدر نفسه مساوين للرعايا البريطانيين الذين
يقطنون انحاء اخرى من الإمبراطورية الأطلسية العظيمة والمتنامية , ومنها البلد
الأم .
وقد عدوا أنفسهم كغيرهم من الرعايا
البريطانيين , ورثة صراع من اجل التحرر عمره أكثر من خمسمائة عام . فلقد تجاهلت
الحكومة فى لندن المستوطنات الأمريكية خلال فترات طويلة من القرنين السابع عشر و
الثامن عشر .
وكانت تستخدمها منفى للمحكوم عليهم وغيرالمرغوب فيهم (المبعدين)
ولحماية المصالح الاقتصادية للتاج البريطانى و لأولئك المتنفذين فى البرلمان
كأصحاب مزارع السكر فى ويست إنديان والتجار البريطانيين .
لكن الموقع الجغرافى لبريطانيا العظمى كان قد
شهد تغيرات سريعة خلال تلك الفترة . ففى عهد تشارلز الثانى كانت بريطانيا – على
أكثر تقدير – تعد قوة أوروبية متوسطة . وقد قبل تشارلز الثانى معونة سرية من لويس
الرابع عشر لقاء الإذعان للمطامح الفرنسية .
لكن عندما أطاحت الثورة المجيدة فى
العام 1688 بجيمس الثانى – أخى تشارلز الذى أعلن انتماءه الكاثوليكى على الملأ – و
استبدلت به ويليام الثالث البروتستانتى المناوئ لفرنسا , وانخطرت بريطانيا فى
سلسلة لا تنتهى من الحروب مع فرنسا كان لها أثر واضح فى تحول بريطانيا إلى قوة
عظمى .
0 التعليقات:
إرسال تعليق