إمبراطورية الثروة 20
وكان أول عمل يقدم عليه جاكسون لدعم
النظام المالى بعد وصوله إلى البيت الأبيض بسيطا هو سداد الدين القومى .
فلقد قلص
الدين القومى – الذى يبلغ اكثر من 80 مليون دولار فى عام 1792 – الى 45 مليون
دولار فقط فى عام 1811 , وادت حرب العام 1812 الى ارتفاع حاد فى قيمة الدين
ليتجاوز 125 مليون دولار فى عام 1815 , وحققت التعريفات الجمركية المرتفعة فوائض
ضخمة بعد الحرب , وفى الوقت الذى وصل فيه جاكسون الى سدة الرئاسة بلغت قيمة
الفوائض 48.565.000 دولار .
كان جاكسون ينشد غايتين من تخليص البلاد
من عبء الديون . الأولى – طبعا – اعتقاده الشخصى أن الدين أمر غير محبذ بذاته
ولذاته .
وقد أسماه وبالا على الأمه وذلك فى حملته الرئاسية الاولى فى عام 1824 ,
لكنه راى أيضا أن المؤسسات و الأشخاص الذين أفادوا من ذلك الدين كانوا وبالا على
الأمة أيضا .
وروى عنه أنه قال : ( أتعهد بسداد الدين القومى و أن أحول دون تنامى
الطبقة الأرستقراطية الثرية حول إدارتنا وتوجيه تلك الإدارة لخدمة مصالحها وتقويض
حرية بلدنا ) .
على المرء ألا يقترض إلا دعته الحاجه فقط .
فيتو الجيب : فيتو غير مباشر يستخدمه
الرئيس الأمريكى على مشروع قانون يقدم إليه بحيث يبقى الفيتو (النقض) من دون توقيع
الى ما بعد انتهاء دورة الكونغرس .
كما هو شأن فترات الازدهار , تصاعدت حدة
المضاربة بوقع سريع أيضا .
كما ارتفع كثيرا التداول بالأسهم فى بورصة وول ستريت
إلى درجة أن اسم وول ستريت بات يطلق لأول مرة كناية عن المنظومة المالية الأمريكية
.
أتاحت المصارف نقودها الورقيه للمضاربين
فدفعت الى مستحقيها وعادت على الفور الى المصارف لتقرضها مرة أخرى و أخرى , فلم
تكن إلا ادوات وضعت بيد المضاربين أثمن الأراضى العامة . وبالفعل فقد وضعت كل موجة
مضاربية الأساس للموجة التالية .
انتظر جاكسون حتى علق الكونغرس اجتماعاته
(للعطلة الصيفيه) و أصدر فى 11 يوليو أمر تنفيذيا عرف ب (تعميم النقد المعدنى) ,
ومن نافلة القول تأكيد أن الغاية من ذلك إنما كانت وقف حركة المضاربة فى الأراضى
الغربية على الفور .
لكن ذلك أدى أيضا إلى ارتفاع كبير فى الطلب على النقد فى
المناطق الغربية , مما استنزف المصارف الشرقية ذهبها وفضتها وفتح الباب أمام
الاكتناز .
ووجد كثير من المصارف فى المناطق الغربية نفسه فى ضائقة مالية – خصوصا
المصارف المدللة – وذلك بفضل جزء أخر من برنامج جاكسون المالى .
مع تخلف المقترضين الذين لم تتوافر لديهم
السيولة اللازمة لسداد قروضهم , عمت المناطق الغربية موجة من إفلاسات المصارف و
بدأت تمتد إلى المناطق الشرقية .
وبادر مصرف إنجلترا , للحيلولة دون خروج الذهب من
البلاد , إلى رفع أسعار الفائدة وتراجعت الاستثمارات البريطانية فى الأوراق
المالية الأمريكية مع تراجع مشتريات بريطانيا من القطن . وتراجعت وول ستريت .
الثروات الفاحشة التى سمعنا عنها كثيرا فى
أيام المضاربة قد ذابت كالثلج تحت شمس أبريل .
ولا يمكن لامرئ أن ينأى بنفسه عن الكارثه
إلا إن كان لا يملك المال أصلا , إنه لسعيد ذلك ذلك الذى لم تثقل كاهله الديون أو
كان حرا منها .
وفى مطلع الخريف أغلقت 90 % من مصانع البلاد . وتراجعت الإيرادات
الفدرالية الى النصف فى عام 1837 .
استقال أندرو جاكسون – وهو فى أوج حياته
السياسية – من منصب الرئاسة فى الرابع من مارس . وسيخلفه مارتن فان بيرن الذى
سيعانى العواقب السياسية لسياسات جاكسون المالية .
وعانت البلاد أيضا من أطول
فترات الكساد الاقتصادى فى تاريخ الأمة . ولم يصل الكساد نقطة الحضيض حتى فبراير
1843 بعد 72 شهرا من بدايته .
0 التعليقات:
إرسال تعليق