إستراتيجية الاستعمار والتحرير 7
كانت انجلترا هى
التى ورثت دور هولندا التجارى رغم أن فرنسا هى التى حطمت قوتها عسكريا – تماما كما
كانت إسبانيا هى التى حطمت البرتغال ولكن التى ورثتها هى هولندا .
كانت انتفاضة فرنسا نابليون بعد الثورة
وفيها وصلت السيادة الفرنسية فى أوروبا الى قمتها – ولكن ايضا الى نهايتها .
تفصيل ذلك الى ان نابليون حاول أولا أن يؤسس
إمبراطورية فى المشرق فى مصر والشام تكون مواقع الخطى إلى الهند كى يضرب بريطانيا
فيها , أو لتكون مصر لؤلؤة الإمبراطورية الفرنسية فى مقابل الهند لؤلؤة
الإمبراطورية البريطانية كما قيل .
وفى مرحلة تالية حاول أن يغزو بريطانيا فى
جزيرتها , لكن قصور فرنسا البحرى التقليدى وصل إلى قمته فى هذه المحاوله التى
انتهت بالطرف الأغر .
وكانت المرحلة الأخيرة هى (الحصار القارى) لبريطانيا
لحرمانها من كل تجارة اوروبا .
وفى هذا السبيل أخضع اوروبا جميعها عدا السويد
والنطاق العثمانى , كما انتهى به إلى حملة روسيا القاتلة . ولعل هذه كانت أعظم
إمبراطورية أوربية شهدتها العصور الحديثة إن لم يكن التاريخ جميعا , لكن تلك كانت
نقطة ضعف النهائية : فقد اتسعت الجبهة إلى مدى غير عملى , فجاءت النهاية نتيجة
للاستنزاف المطلق لقوة وموارد فرنسا .
ضخامة المستعمرات الفرنسية فى أمريكا
الشمالية جاءت فى النهاية نقطة ضعف لا قوة . فبعكس بريطانيا فى الولايات الثلاث
عشرة التى تحصرها الأبلاش واللجينى , كان من سوء حظ فرنسا بعد توغلها فى السنت
لورنس أنها لم تجد عقبة طبيعية كبرى توقف توسعها حتى توطد أقدامها وتعمق وجودهما
فيما ملكته . ولهذا أدى تقدمها الكاسح السريع إلى لويزيانا إلى أن أصبح وجودهما
كله مساحة لا كثافة , قوة بشرية ضئيلة فى رقعة قارية هائلة , ولهذا لم تستطع أن
تحتفظ بها طويلا .
أغلب مساحة الإمبراطورية الفرنسية التى
تكونت فى الموجة الأولى للاستعمار فى القرنين السادس والسابع عشر , سواء فى العالم
الجديد أو القديم , سواء فى العروض المعتدلة أو المدارية , قد ضاعت قبل أن تبدأ
الموجة الثانية فى القرن التاسع عشر .
وهى قد ضاعت أساسا على يد بريطانيا . بل
أكثر من هذا يمكن أن نقرر أن فرنسا خرجت فى تلك الموجة الأولى بإمبراطورية متواضعة
– بقايا إمبراطورية – أقل اتساعا وغنى مما خرجت به اى من البرتغال أو إسبانيا أو
هولندا – عدا بريطانيا بالطبع .
0 التعليقات:
إرسال تعليق