29‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 22

إمبراطورية الثروة 22



       قرر رجل من نيوجيرسى واسمه توماس جيبونز أن يقاتل فى المحكمة وفى السوق .

كان يملك مركبا بخاريا أطلق عليه أسم ستودنغر , ولصغر حجمه كان يعرف باسم الفأر أيضا , فشغله ما بين نيويورك ونيوبرنسويك وهو واحدة من أقصر طريقين الى فيلادلفيا , واستاجر للمركب قبطانا شابا من ستاتين ايلاند يدعى كورنيليوس فاندربيلت .

       كان لدى فاندربيلت – وهو لما يزل فى العشرينات من العمر – أسطول صغير من السفن الشراعية , لكنه أدرك انذاك أن المستقبل سيكون للمراكب البخارية , فتحول الى العمل لحساب جيبونز كى يكسب الخبرة اللازمة وينمى رأسماله .

 وأقنع جيبونز على الفور ببناء مركب أكبر وضع تصميمه فاندربيلت بنفسه , واطلق عليه جيبونز اسم بيلونا تيمنا باسم الهة الحرب عند الرومان .

 وكان مضمون الاسم غير خاف على أحد , وبخاصة فى ذلك العصر المغرق بروح الكلاسيكية .

       وأبحر فاندربيلت – تحت راية رفعها على المركب حملت الكلمات التالية (نيوجيرسى يجب أن تحرر) – الى نيويورك من دون تردد ليرسو فى موضع لا تحرسه سلطات ولاية نيويورك , وليذوب على الفور فى قلب المدينة .

 ولم تجرؤ السلطات على احتجاز المركب نفسه وهى تعلم أن نيوجيرسى ستصعد موقفها باحتجاز أول مركب تجارى احتكارى تضع يدها عليه .

 وعندما أزف موعد العودة انسل فاندربيلت خلسة الى أقرب نقطة من المركب وهرع مسرعا اليه وما إن بلغه حتى شرع الطاقم برفع المرساة .

        وحاولت السلطات اعتقال فاندربيلت بأن صعدت المركب فى منتصف مرفأ نيويورك , ولم تجد عند دفة القيادة الا واحدة من الركاب – تغلب عليها سيما , البراءة بشرائطها الزينية وقبعتها البونية – بينما اختبأ فاندربيلت فى حجرة سرية كان قد أقامها تحت دكة المركب تحسبا لأى طارئ .

 وأطلق الركاب صيحات الاستهجان والسخرية من الشرطة على سوء طالعها .
      
         وقد حاولت الشركة الاحتكارية استقطاب فاندربيلت بأن عرضت عليه مرتبا ضخما قدره 5000 دولار فى العام , لكنه رفض على نحو قاطع قائلا : يجب أن أفى بالتزامى للسيد جيبونز حتى يتجاوز الصعاب التى تواجهة .

       التجارة حركة تبادل بلا ريب لكنها لا تقتصر على ذلك , إنها ضرب من التفاعل .. تنظمها أحكام لازمة لإنجازه .

       أبدى بعض ابناء نيويورك تململا بعد صدور الحكم الأخير عن المحكمة العليا للولايات المتحدة الخاص باحتكار المراكب البخارية .

 ويمكن طمأنتهم بالقول إنه حكم أقر فى الولايات الشقيقة , وهم قد يرون ما ينافى أصول اللياقة فى ادعاء نيويورك استئثارها بالمعابر المائية التى تعد سبيل التفاعل بين تلك الولاية والولايات الأخرى وحتى الاستئثار التام بذلك التفاعل التجارى نفسه .


     لكن الواقع هو أن اكثر اهالى  نيويورك ابدوا موافقتهم بحماس . وفور صدور الحكم دخل المركب البخارى يونايتد ستيتس , بقيادة القبطان بانكر نيوهافن , نيويورك بزهو المنتصرين , و أثنت حشود كبيرة من المسافرين على قرار المحكمة الأمريكية العليا المعارض لاحتكار نيويورك .

 وأطلقت عيارات نارية تحية للحشود , وقوبلت بهتافات مدوية من رصيف الميناء . وترددت الهتافات فى كل انحاء البلاد .

0 التعليقات: