إمبراطورية الثروة 22
قرر رجل من نيوجيرسى واسمه توماس جيبونز
أن يقاتل فى المحكمة وفى السوق .
كان يملك مركبا بخاريا أطلق عليه أسم ستودنغر ,
ولصغر حجمه كان يعرف باسم الفأر أيضا , فشغله ما بين نيويورك ونيوبرنسويك وهو
واحدة من أقصر طريقين الى فيلادلفيا , واستاجر للمركب قبطانا شابا من ستاتين
ايلاند يدعى كورنيليوس فاندربيلت .
كان لدى فاندربيلت – وهو لما يزل فى
العشرينات من العمر – أسطول صغير من السفن الشراعية , لكنه أدرك انذاك أن المستقبل
سيكون للمراكب البخارية , فتحول الى العمل لحساب جيبونز كى يكسب الخبرة اللازمة
وينمى رأسماله .
وأقنع جيبونز على الفور ببناء مركب أكبر وضع تصميمه فاندربيلت
بنفسه , واطلق عليه جيبونز اسم بيلونا تيمنا باسم الهة الحرب عند الرومان .
وكان
مضمون الاسم غير خاف على أحد , وبخاصة فى ذلك العصر المغرق بروح الكلاسيكية .
وأبحر فاندربيلت – تحت راية رفعها على
المركب حملت الكلمات التالية (نيوجيرسى يجب أن تحرر) – الى نيويورك من دون تردد
ليرسو فى موضع لا تحرسه سلطات ولاية نيويورك , وليذوب على الفور فى قلب المدينة .
ولم تجرؤ السلطات على احتجاز المركب نفسه وهى تعلم أن نيوجيرسى ستصعد موقفها
باحتجاز أول مركب تجارى احتكارى تضع يدها عليه .
وعندما أزف موعد العودة انسل
فاندربيلت خلسة الى أقرب نقطة من المركب وهرع مسرعا اليه وما إن بلغه حتى شرع
الطاقم برفع المرساة .
وحاولت السلطات اعتقال فاندربيلت بأن
صعدت المركب فى منتصف مرفأ نيويورك , ولم تجد عند دفة القيادة الا واحدة من الركاب
– تغلب عليها سيما , البراءة بشرائطها الزينية وقبعتها البونية – بينما اختبأ
فاندربيلت فى حجرة سرية كان قد أقامها تحت دكة المركب تحسبا لأى طارئ .
وأطلق
الركاب صيحات الاستهجان والسخرية من الشرطة على سوء طالعها .
وقد حاولت الشركة الاحتكارية استقطاب
فاندربيلت بأن عرضت عليه مرتبا ضخما قدره 5000 دولار فى العام , لكنه رفض على نحو
قاطع قائلا : يجب أن أفى بالتزامى للسيد جيبونز حتى يتجاوز الصعاب التى تواجهة .
التجارة حركة تبادل بلا ريب لكنها لا
تقتصر على ذلك , إنها ضرب من التفاعل .. تنظمها أحكام لازمة لإنجازه .
أبدى بعض ابناء نيويورك تململا بعد صدور
الحكم الأخير عن المحكمة العليا للولايات المتحدة الخاص باحتكار المراكب البخارية
.
ويمكن طمأنتهم بالقول إنه حكم أقر فى الولايات الشقيقة , وهم قد يرون ما ينافى
أصول اللياقة فى ادعاء نيويورك استئثارها بالمعابر المائية التى تعد سبيل التفاعل
بين تلك الولاية والولايات الأخرى وحتى الاستئثار التام بذلك التفاعل التجارى نفسه
.
لكن الواقع هو أن اكثر اهالى نيويورك ابدوا موافقتهم بحماس . وفور صدور
الحكم دخل المركب البخارى يونايتد ستيتس , بقيادة القبطان بانكر نيوهافن , نيويورك
بزهو المنتصرين , و أثنت حشود كبيرة من المسافرين على قرار المحكمة الأمريكية
العليا المعارض لاحتكار نيويورك .
وأطلقت عيارات نارية تحية للحشود , وقوبلت
بهتافات مدوية من رصيف الميناء . وترددت الهتافات فى كل انحاء البلاد .
0 التعليقات:
إرسال تعليق