حرب العصابات في قبرص 28
إنجاز
المهمة
وجد السير هيوفوت الذى بدأ عهده فى قبرص
بداية طيبة , والذى أدلى بتصريحات مناسبة فى أوقات مناسبة , والذى قام بزيارات
ومقابلات واسعة النطاق للطوائف المعنية , والذى عبر بإخلاص عن الحاجة إلى استقرار
السلام ودعا الأطراف إلى التجلد والثقة كشرط للعمل على ايجاد حل عادل للمشكلة ,
هذا
الرجل وجد نفسه فجأة هدف لعداء لم يكن يتوقعه أحد . .
الأتراك رأوا فى سياسته تحيزا إلى جانب اليونان
, وقد جاء الأن دور هؤلاء ليبعثوا بالاحتجاجات الى الحكومة .. وقد أدت المظاهرات
التى قاموا بها الى الاصطدام بالجيش , مما اسفر عنه اضطرابات خطيرة قتل فيها ستون
تركيا وجرح مئات منهم . .
كما
أصيب رجال الجيش والبوليس وفرق مكافحة الحرائق بجروح , ووقعت خسائر كبيرة فى
الممتلكات . .
ففى يوم 27 من يناير وحده قتل تركيان وجرح سبعون
منهم فى اضطرابات وصفت بأنها أخطر اضطرابات شهدتها الجزيره فى تاريخها . .
واذا
كان هاردنج قد استطاع ان يفقد بريطانيا ما تبقى من الصداقة القبرصية اليونانية
وتأييدها , فان (فوت) فعل الشئ نفسه بالنسبة للأتراك .
فى
نهاية الشهر زار فوت أنقره للتباحث مع رئيس وزراء تركيا لويد الذى كان فى تركيا
وقتئذ لحضور اجتماع دول حلف بغداد , ثم صحب سلوين لويد الى أثينا لاجراء مزيد من
المحادثات , واستغل فرصة وجوده فى أثينا فاجتمع بمكاريوس اجتماعا خاصا . .
واتضح أن الاتراك قد اشترطوا نظير موافقتهم على
حق تقرير المصير ان يتسلموا المناطق العسكرية فى قبرص .
ومن هنا أخذت السياسه البريطانية تتجه اتجاها
جديدا يقوم على اشتراك جميع الاطراف , غير ان الاجتماعات التى عقدت لهذا الغرض
والتى حاول فيها سلوين لويد كسب الجانبين التركى واليونانى الى مشروعه لم تسفر عن
التقاء فى وجهات النظر حول بعض النقاط الاساسية بل والحق يقال ظل كل جانب بعيدا عن
الآخر .
وما إن عاد (فوت) الى قبرص حتى وجد
اليونانيين غير راضين عنه , بل وجدهم يتهمونه بالتحيز للأتراك . .
وقد كان ازجاء التهم فى ذلك الوقت من أبسط
الأمور وأصبحت كل طائفة من الطائفتين أشد ارتباطا باخوانهم فى القومية عبر البحار
وازدادت كل منهما بعدا عن الاخرى , كما كانت الاثنتان تنظران الى بريطانيا كعدو
لهما . .
وهكذا
أصبح الموقف على شفا الانهيار . .
0 التعليقات:
إرسال تعليق