23‏/12‏/2014

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 34

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 34


أما أسيا فتدخل الأن بعد يقظتها مرحلة الكيانات القومية الجديدة , وتحتاجها كل الام النمو والثورات والانقلابات الداخلية وتقلصات الصراعات الوطنية والضغوط الخارجية التى عرفتها أوروبا خلال القرن التاسع عشر وما حواليه .

       تأتى اليابان وهى بحق بريطانيا الشرق الأقصى فى أكثر من معنى , فى حين تناظر الصين وفرنسا بسهولة . وفى الوسط على جبهة الالتحام بين القارتين تتناظر هضبتا إيران والأناضول المتقابلتان إلى مدى بعيد للغاية .

       تبدو لنا شبه جزيرة الهند الصينية فى أقصى جنوب شرق أسيا كالنظير المباشر لشبه جزيرة البلقان فى جنوب شرق أوروبا .

       أما شبه جزيرة الهند فتتناظر توا شبه الجزيرة الايطالية فى الموقع والشكل , ولكل منهما كدول وزنه وحجمه الكبير ودوره التاريخى العريق فى قارته . كما أن له مشاكله السياسية الحادة كحبيس بحره أو محيطه كما أشرنا منذ قليل .

 وعلى الجملة , فكما تعد إيطاليا بصفة تقليدية الدولة الرابعة الكبرى فى أوروبا حاليا بعد بريطانيا وفرنسا و ألمانيا , فإن الهند هى رابعة الدول الكبرى فى أسيا بعد اليابان والصين والاتحاد السوفييتى  .

         أقطاب القوة فى غرب أوروبا تتركز كما رأينا فى مثلث القوة الشهير بريطانيا – فرنيا – ألمانيا , فإنهما فى شرق أسيا تتركز فى مثلث اليابان – الصين – الاتحاد السوفييتى (القطاع الأسيوى) .

      على أية حال أنه بينما بدأت أقطاب مثلث القوة الأوروبى تتقارب وتتجه إلى الوحدة بعد صراعات دامية استمرت قرونا , فإن أقطاب المثلث الأسيوى تتباعد كل يوم أيديولوجيا وقوميا وتتجه على ما يبدو إلى صراع لا ندرى طبيعته ولا مداه بعد .


استراتيجية الصراع :

      فإذا ما بدأنا بالضغوط والصراعات الكبرى , فلعل اليابان هى أضعف رؤوس مثلث القوة الأسيوى حاليا , وذلك باعتبارها قزما سياسيا وإن كانت  عملاقا  اقتصاديا .

 فهى بلا أنياب نووية حتى الان .

     بل قد لا نبالغ إذا قلنا إن اليابان حاليا منطقة خمود أو شبه فراغ سياسى تملؤه أمريكا بين رؤوس مثلث القوة العالمى (الولايات – الاتحاد – الصين) أكثر منها رأسا من رؤوس مثلث القوة الأسيوى التقليدى (الاتحاد – الصين – اليابان) .

      بطبيعة الحال فلقد تعرضت استراتيجية هذا الصراع لانقلاب جذرى كامل منذ الانشقاق السوفييتى – الصينى . فتغيرت المواقع وتبودلت الأدوار تماما بصورة درامية حقا . فابتداء , بينما كانت أمريكا هى التى تحاول حصر الصين و احتواءها بحلف جنوب شرق أسيا (السيتو) , أصبح الاتحاد بمشروع برجنيف للأمن الأيوى هو الذى يحاول .

 وبعد أن كانت الولايات المتحدة هى العدو الأول للصين , أصبح الاتحاد السوفيتى هو هذا العدو .

ومن ثم فقبل الانشقاق كانت معادلة الصراع كالاتى : الاتحاد + الصين ضد أمريكا لأخراجها من القارة .

 أما بعد الأنشقاق فقد أصبحت المعادلة كالاتى : أمريكا + الصين ضد الاتحاد لمنع توسعه فى القارة . 

فمن الحالة الأولى الحرب الكورية ثم حرب فيتنام , ومن الحالة الثانية حرب كمبوتشيا ثم حرب أفغانستان .


0 التعليقات: