22‏/12‏/2014

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 25

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 25



الموقف الصينى :

       عن موقف الصين بالذات , فإنها ترى أن القوتين الأعظم , على عكسها هى كقوة ثورية ديناميكية , أقرب الان فى طبيعتها إلى أن تكونا قوتين محافظتين على حد سواء , لأن هدفها ليس تغيير الوضع الراهن فى العالم وإنما الابقاء عليه , وذلك لصالحها أساسا .

 وهذا هو جوهر الوفاق . كل ما هناك أن إحدى القوتين تريد التوسع , والأخرى تريد حماية مصالحها المكتسبة .

واستمرار هذا التنافس سوف يؤدى بهما إلى الحرب يوما ما .

ومن هنا فإنهما تمارسان تكتيكا مزدوجا بصدد التسلح , إذ بينما تدعوان إلى الحد من التسلح تمارسان التوسع فيه على أوسع نطاق .

 وحتى دعوتهما إلى الحد من التسلح تنصب فقط على الكم دون الكيف , وهذا إنما يعنى (التوازن نحو الأعلى) باستمرار ,مما يضاعف خطر الصدام . 

ولهذا كله فإن الوفاق محكوم عليه سلفا .

.....................

         واشتداد او استشراء النزعة الأوروبية إلى اتخاذ مواقف مستقلة إلى حد أو اخر فى المشاكل والقضايا الدولية الكبرى مثل الشرق الأوسط وأمن البحر المتوسط .

وقد لا تكون هذه المواقف وتلك الخلافات أكثر من تكتيكية إن لم نقل احيانا انتهازية , إلا انها مؤثرة نسبيا مع ذلك .

 ففى حالة أزمة الشرق الأوسط , على سبيل المثال , يمكن القول بمنتهى الاختصار – والصراحة ايضا – إن الفارق هو أن اوروبا تريد أن تمسك العصا من الوسط , فيما تريد أمريكا أن تمسكها من الطرفين .


         كذلك فلقد نشأ فى السنوات الأخيرة بضعة محاور أو اشباه محاور استقطاب انوية متقاطعة أو متعامدة داخل المعسكر الغربى ككل , تعبر بوضوح عن قدر من اختلاف المصالح الذاتية الخاصة والسياسات التكتيكية الاقليمية .

ويلاحظ أن فرنسا غالبا طرف فى هذه المحاور الصغرى , فى حين أن الولايات المتحدة هى الطرف الثابت الاخر .

فداخل أوروبا الغربية نفسها ثمة شبه محور الولايات المتحدة – بريطانيا التقليدى الخاص , فى مقابل شبه محور فرنسا – المانيا الناشئ أو الواشى .

وفى المغرب العربى نستطيع أن نميز مؤخرا شبه محور فرنسا – الجزائر / ليبيا (باعتبار ان الاولى اشتراكية الحكم حاليا وذات ميول تقدمية) , وذلك فى مقابل شبه محور الولايات المتحدة – المغرب / تونس (بعتبار ان الاخيرتين نظم تقليدية محافظة) .

وفى عقر امريكا اللاتينية نجد محور الولايات المتحدة – الدول المحافظة الأساسى , فى مقابل شبه محور فرنسا – الدول (الثورية) .

حتى فى اسيا نستطيع ان نلمح شبه محور فرنسى – هندى بازغ , فى مقابل شبه المحور الامريكى – الباكستانى الراجع . وهكذا و هكذا إلى أخره .


        وفى المحصلة النهائية , وهاهنا المفارقة المذهلة , فإن عقدة فيتنام التى قادت إلى الوفاق والجزر الأمريكى السياسى عالميا لم يكن لها من استثناء سوى العالم العربى وحده والشرق الأوسط فقط .

فبينما أطلقت عقدة فيتنام ثم صفقة الوفاق يد الروسيا عمليا فى العالم كله تقريبا إلا العالم العربى وحده بالدقة والتحديد (فلسطين – إسرائيل) , كفت يد أمريكا تقريبا فى العالم كله إلا العالم العربى وحده للتعاسه والسخرية .

0 التعليقات: