إستراتيجية الاستعمار والتحرير 25
الموقف
الصينى :
عن موقف الصين بالذات , فإنها ترى أن
القوتين الأعظم , على عكسها هى كقوة ثورية ديناميكية , أقرب الان فى طبيعتها إلى
أن تكونا قوتين محافظتين على حد سواء , لأن هدفها ليس تغيير الوضع الراهن فى
العالم وإنما الابقاء عليه , وذلك لصالحها أساسا .
وهذا هو جوهر الوفاق . كل ما
هناك أن إحدى القوتين تريد التوسع , والأخرى تريد حماية مصالحها المكتسبة .
واستمرار هذا التنافس سوف يؤدى بهما إلى الحرب يوما ما .
ومن هنا فإنهما تمارسان
تكتيكا مزدوجا بصدد التسلح , إذ بينما تدعوان إلى الحد من التسلح تمارسان التوسع
فيه على أوسع نطاق .
وحتى دعوتهما إلى الحد من التسلح تنصب فقط على الكم دون الكيف
, وهذا إنما يعنى (التوازن نحو الأعلى) باستمرار ,مما يضاعف خطر الصدام .
ولهذا
كله فإن الوفاق محكوم عليه سلفا .
.....................
واشتداد او استشراء النزعة الأوروبية
إلى اتخاذ مواقف مستقلة إلى حد أو اخر فى المشاكل والقضايا الدولية الكبرى مثل
الشرق الأوسط وأمن البحر المتوسط .
وقد لا تكون هذه المواقف وتلك الخلافات أكثر من
تكتيكية إن لم نقل احيانا انتهازية , إلا انها مؤثرة نسبيا مع ذلك .
ففى حالة أزمة
الشرق الأوسط , على سبيل المثال , يمكن القول بمنتهى الاختصار – والصراحة ايضا –
إن الفارق هو أن اوروبا تريد أن تمسك العصا من الوسط , فيما تريد أمريكا أن تمسكها
من الطرفين .
كذلك فلقد نشأ فى السنوات الأخيرة بضعة
محاور أو اشباه محاور استقطاب انوية متقاطعة أو متعامدة داخل المعسكر الغربى ككل ,
تعبر بوضوح عن قدر من اختلاف المصالح الذاتية الخاصة والسياسات التكتيكية
الاقليمية .
ويلاحظ أن فرنسا غالبا طرف فى هذه المحاور الصغرى , فى حين أن
الولايات المتحدة هى الطرف الثابت الاخر .
فداخل أوروبا الغربية نفسها ثمة شبه
محور الولايات المتحدة – بريطانيا التقليدى الخاص , فى مقابل شبه محور فرنسا –
المانيا الناشئ أو الواشى .
وفى المغرب العربى نستطيع أن نميز مؤخرا شبه محور
فرنسا – الجزائر / ليبيا (باعتبار ان الاولى اشتراكية الحكم حاليا وذات ميول
تقدمية) , وذلك فى مقابل شبه محور الولايات المتحدة – المغرب / تونس (بعتبار ان
الاخيرتين نظم تقليدية محافظة) .
وفى عقر امريكا اللاتينية نجد محور الولايات
المتحدة – الدول المحافظة الأساسى , فى مقابل شبه محور فرنسا – الدول (الثورية) .
حتى فى اسيا نستطيع ان نلمح شبه محور فرنسى – هندى بازغ , فى مقابل شبه المحور
الامريكى – الباكستانى الراجع . وهكذا و هكذا إلى أخره .
وفى المحصلة النهائية , وهاهنا المفارقة
المذهلة , فإن عقدة فيتنام التى قادت إلى الوفاق والجزر الأمريكى السياسى عالميا
لم يكن لها من استثناء سوى العالم العربى وحده والشرق الأوسط فقط .
فبينما أطلقت
عقدة فيتنام ثم صفقة الوفاق يد الروسيا عمليا فى العالم كله تقريبا إلا العالم
العربى وحده بالدقة والتحديد (فلسطين – إسرائيل) , كفت يد أمريكا تقريبا فى العالم
كله إلا العالم العربى وحده للتعاسه والسخرية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق