حرب العصابات في قبرص 25
قال مكاريوس وهو يتحدث عن أفنشيو : أنه لا
بد لك أن تعرف شيئا عن أفنشيو حتى تقدر مدى الشعبية التى كان يتمتع بها هذان الرجل
, لقد كان أفنشيو من الرجال الأفذاذ وكانت
صورته فى كل مكان تقريبا . . كما كان المواطنون يرددون الملاحم فيه ويطرون شجاعته
.
لقد كان من عادة أفنشيو أن يمرق كالسهم ثم
يكون قد أبادهم جميعا ,
قال زفاليس هذا الكلام , كما لو كان يقوم بحركة مسرحية
عنيفة , ثم أضاف أما اذا اقتربوا منه فانه يلقى عليهم القنابل اليدوية هكذا واذا
بحجر يمرق من محدثى عبر المنحدر الجبلى , كان هناك ما يقرب من الف جندى يطاردونه
ولكنه تحداهم جميعا , كان يقف وحيدا يقاتل عشر ساعات متوالية – تصور عشر ساعات
كاملة
. . لقد كانت قصته بالاحرى من قصص البطولة الهومرية التى سيظل صداها يتردد
من سهول طروادة حتى جبال قبرص , أنظر الى ذلك البيت , و أشار بيده الى مبنى صغير
يقع على بعد 800 ياردة من الربوة المقابلة ثم ألقى نظرة احتقار على البيت وقال :
فى ذلك البيت كان يسكن الراعى العميل الذى خان أفشيو
. . لقد كان على أفنشيو أن
يقتله .
اصبح أفنشيو قوة يجب على الجيش البريطانى
أن يحسب لها حسابها , ومن ثم فقد أعد الجيش فرقة خاصة لمطاردته وايقاع الهزيمة به
,ولقد قال أحد الضباط البريطانيين الذى كان يزور قرية أفنشيو كثيرا لتقصى أخباره
قال لأبيه الشيخ بيرى : أن مهمتى كجندى هى القبض على أبنك لانه أرهابى خطير فذلك
جزء من واجبى , غير أنى كأنسان لا يسعنى الا أن أهنئك على أبن عظيم كهذا .
صمم
أفنشيوس على البقاء فى مكانه والقتال حتى اخر قطرة من دمائه , وقد رفض جميع
توسلاتهم بالبقاء الى جانبه أو الخروج معهم , وقال : انه لن يسلم نفسه و انه قد
أخذ على نفسه العهد ألا يفعل شيئا كهذا , وبهذا أوفى بالعهد الذى كان قد قطعه على
نفسه .
وقد عثر على جثة أفنشيو ممزقة تحت الأنقاض
وعثروا بجانبها على نسخة من كتاب المسيح يصلب من جديد تأليف كازانزاكيس وكان يحمل
توقيع الراهب ايرنيوس .
كان أخر خطابين كتبهما أفنشيو هما الخطابان
اللذان يعتبران رمزا للنهاية التقليدية , ففى الخطاب الموجه الى والده يقول أفنشيو
ما نصه : لا تيأس يا أبت , كما لا أتمنى لأى منكم أن تخونه الشجاعه ازاء هذا
المصير بسبب فشل هنا أو كارثة هناك , فطالما كان بيننا رجال مصممون على الفداء ,
فأن النصر ات عن قريب .
قال سوفرونيس : أذا كان ديجينيس قد علمنا كيف
نقاتل فأن أفنشيو قد علمنا كيف نموت , وبعد أن فكر مليا استطرد يقول : أما الأن
فنحن فى حاجة الى من يعلمنا كيف نعيش .
لقد كان أفضل شئ بالنسبة الى أفنشيو هو أن
يموت , فسألته لماذا ؟
فأجاب : بأنه لو كان حيا اليوم لكان فى عداد المنسيين
. .
ان أفنشيو لم يكن من محترفى السياسة , لقد كان أنسانا متسامحا , ولم يكن غشاشا
بالدرجة التى تجعل منه سياسيا ناجحا , اما فيما يختص بماتسيس فقد كان الأمر يختلف
فهو يتمتع بجميع الكفايات اللازمه والقدرات الحقيقية لرجل السياسة , كما كان
مستواه فوق مستوى السياسيين العاديين وكان يتحلى الى جانب هذا بالشجاعة الأدبية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق