28‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 10

إمبراطورية الثروة 10


     كان سلاح بريطانيا السرى فى هذه الحروب نظامها الضريبى المتطور وقدرتها على تمويل جيشها من خلال الاقتراض لحساب دينها الوطنى الجديد .

 وفى وقت كانت فيه القوى العظمى الأخرى فى أوروبا لا تزال تعتمد على متعهدى الجباية tax farmers  وهم أشخاص يتعهدون بتقديم عائدات معينة الى الحكومة مقابل حصولهم على حق جباية الضرائب فى منطقة , بحيث يحتفظون لأنفسهم بالزيادة , فقد حولت بريطانيا جباة الضرائب فيها الى طبقة بيروقراطية , وبالنتيجة تحولت نسبة أكبر من الضرائب المجبوة إلى الخزينة البريطانية .

     وانتهت لمصلحة البريطانيين الحرب النفسية الهندية , التى اندلعت فى طول العالم وعرضه من فورت دوكيسن فى غربى بنسلفانيا إلى الهند .

وقد أجبرت فرنسا على تسليم إمبراطوريتها فى أمريكا الشمالية إلى البريطانيين لتنهى بذلك الوجود الفرنسى , والتهديد الذى يمثله فى الباب الخلفى للمستعمرات البريطانية .

 وهكذا وبسيطرة البحرية الملكية على الأطلس وحشد عشرة الاف جندى بريطانى على الجبهة لحفظ السلام مع الهنود أمنت المستوطنات للمرة الأولى فى تاريخها القصير من الهجوم الأجنبى .

     وسعت الحكومة البريطانية إلى موارد جديدة للدخل وقد أرهقت كاهلها خدمة الدين القومى الكبير – 60 فى المائة من ميزانية الحكومة فى تلك السنوات ذهبت إلى سداد فوائد الدين – وفى وقت استمرت فيه بريطانيا فى تمويل جيش عرمرم .

 ومع تحول الإمبراطورية البريطانية فى أمريكا الشمالية إلى قوة إقتصادية كبرى مستقلة بذاتها , فلا عجب أن البريطانيين ركزوا أعينهم عليها .

 واستفاد المستوطنون أيضا بصورة كبيرة من نتائج الحرب الفرنشية الهندية , ولم تعد الضرائب تثقل كواهلهم كما كان شأن الرعايا البريطانيين فى البلد الأم .

 فقد كان المواطن البريطانى العادى يدفع 26 شلنا فى العام كضرائب , أما الأمريكى فلم تزد ضرائبه على شلن واحد .

 وكانت الحكومة فى لندن تعتقد أن من الحكمة  و العدل أن تقدم الستوطنات مساهمة أكبر فى تحمل نفقات الأمبراطورية .

     فى عام 1733 اشترط البرلمان أن يكون بلد المنشأ لكل دبس السكر المستورد إلى مستوطنات أمريكا الشمالية من الجزر البريطانية المنتجة للسكر .

لكن دبس السكر كان رخيصا جدا فى الأنديز الغربية التابعة لفرنسا , و استمر التجار الأمريكيون فى شرائه من هناك , حتى فى الفترات التى كانت فيها بريطانيا فى حالة حرب مع فرنسا .

    ولقد قاوم المستوطنون حقا – وبضراوة – الضرائب البسيطة التى حاول الإنجليز فرضها وتشديد القيود التجارية .

 واعتبروا أن الرعايا البريطانيين لا يمكن أن يقبلوا الضرائب ما لم يصدر قرار فرضها عن نوابهم فى البرلمان , ذلك أن الأمريكيين كانوا ممثلين فى مجالس المستوطنات وليس فى برلمان ويستمنستر .

 فليس لبرلمان إيرغو سلطة بفرض الضرائب عليهم . وعلى اعتبار أن الرعايا البريطانيين كانوا متساوين فى الحريات , فبأى وجه حق يسن البرلمان قوانين تصب فى مصلحة التجار البريطانيين على حساب تجار المستوطنات ؟ .

     عندما أدركوا إمكان استغنائهم عن حماية الجيش البريطانى للدفاع عنهم لم يروا من ضرورة لهذه الإمبراطورية من اصلها .

     أما تعليقات البريطانيين على هذه الأمة – من الجانب الأخر- فكانت لا تكف عن استخدام كلمات مثل المزارع والاطفال خلال الاشارة الى المستوطنات وسكانها , فقد كانوا تابعين (رعايا) وكان لا بد من معاملتهم على هذا الأساس .

 كما أن معظم النظام السياسى البريطانى لم يشك إطلاقا فى أن جيشه المتفوق سيتصدى من دون عناء لأى ازمة تخلقها المقاومة التى قد تبديها المستوطنات .


     لكن ذلك جانب الصواب إن ويليام بيت – ايرل تشاثام – الذى يعود إليه الفضل , كرئيس للوزراء , فى كسب الحرب الفرنسية الهندية كان ذا رأى أقرب الى الصواب . فقد خاطب البرلمان البريطانى قائلا : ليس فى مقدوركم غزو امريكا . 


لكن أعضاء البرلمان لم يرغبوا فى الإصغاء إليه .


0 التعليقات: