إستراتيجية الاستعمار والتحرير 4
ينبغى أن نضغط جيدا
على حقيقة هامة وهى أن توسع البرتغال إنما قام على حساب العرب اساسا سواء تجاريا
أو استراتيجيا .
وهم فى الواقع الذين ورثوا دورها السلمى وبدأوا انهيارها العسكرى
.
وإذا كانت المدن الإيطالية قد شاركت العرب فى هذا المصير , فهذا باعتبارها
المكمل الأوروبى الثانوى فقد فى سلسلة تجارة الشرق القديمة .
صراع الأضداد :
وفى هذا الصراع العربى – البرتغالى فى
الهند تحالف البرتغال مع الحبشة المسيحية التى قدمت لهم مساعدات كثيرة ضد مصر خاصة
.
وكان التعاون بينهما قد بدأ فى الواقع قبل الكشف بقرن كامل إبان الصليبيات ,
وكان بينهما مشروع خيالى لتحويل مجرى النيل الأزرق فى الحبشة إلى البحر الأحمر
لتجف مصر وتنقرض جوعا .
من ناحية اخرى لم يكن لدى البرتغال , بعددهم
المحدود , القوة البشرية الكافية للاستعمار السكنى الاستيطانى حتى لو أرادت .
بل
إن أمر هذه القوة البشرية ليثير الدهشة حقا , ففى عصرها البطولى هذا لم تكن
البرتغال تزيد على المليون نسمة سكانا , فالغرابة إذن ليست فى سقوط الاستعمار
البرتغالى فى النهاية .
و إنما هى فى الدرجة الأولى فى قيامه اصلا .
ولهذا و
بالأحرى كان الاستعمار السكنى الاستيطانى سؤالا غير وارد على الأطلاق , وظل
الاستعمار البرتغالى فى جزر الهند الشرقية (استعمار البهار) اساسا وبامتياز .
ومن
ثم يمكن أن نلخص محاور الاستعمار البرتغالى فى ثلاثية : الكثلكة , التجارة , الغزو
.
تحلل الإمبراطورية :
وسيلاحظ أن البرتغال – التى هى اول بناة
الامبراطوريات – قد حققت استعمارها فى عقود قليلة بسرعة غير عادية , وملكت مناطق
اضعاف اضعاف مساحتها هى وتترامى فى إطار جغرافى لا يقل عن نصف محيط الأرض ! . .
ومع ذلك , ورغم أن القرن السادس عشر كان بلا نزاع قرن سيطرة وتسيد البرتغال
واسبانيا , فان الامبراطورية البرتغالية لم تعمر فى الواقع اكثر من جيل بالكاد .
ولم تلبث بعد ذلك أن أخذت فى التقلص والانكماش .
فما أن ظهرت قوى بحرية جديدة حتى
انهارت البرتغال بلا مقاومة تقريبا .
ففى الوطن ضمت اسبانيا اليها البرتغال
بمستعمراتها فى نهاية القرن السادس عشر .
ورغم أن البرتغال استعادت كيانها بعد ذلك
, فقد كانت تلك هى الضربة القاضية .
و إذا كان لها مغزى فهو أن موقع البرتغال
الممتاز وتجارتها الفائدة لم تجد شيئا أمام ضخامة اسبانيا : لقد كان لا بد للموضع
الضخم أن يتغلب على الموقع مهما كان ممتازا .
ومن ناحية أخرى اهتبلت هولندا كقوة بحرية
صاعدة فرصة تحطيم البرتغال على يد اسبانيا لترث دورها وتجارتها بل ومستعمراتها .
إذا كان الغزو البرتغالى فى العالم الجديد
قد جاء سريعا , فقد جاء الاستقرار بطيأ فقد ظلت البرازيل فى البدء مجرد نقطة
تموين فى الطريق الى الهند لا أكثر , وكان أغلب المهاجرين الأوائل إليها من
المجرمين والمطرودين .
لكن ضياع الامبراطورية فى شرق نقل اهتمام البرتغال الى
البرازيل فى اواخر القرن السادس عشر بعد ذلك الاهمال الطويل .
0 التعليقات:
إرسال تعليق