14‏/12‏/2014

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 4

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 4



ينبغى أن نضغط جيدا على حقيقة هامة وهى أن توسع البرتغال إنما قام على حساب العرب اساسا سواء تجاريا أو استراتيجيا .

 وهم فى الواقع الذين ورثوا دورها السلمى وبدأوا انهيارها العسكرى .

 وإذا كانت المدن الإيطالية قد شاركت العرب فى هذا المصير , فهذا باعتبارها المكمل الأوروبى الثانوى فقد فى سلسلة تجارة الشرق القديمة .

صراع الأضداد :
        وفى هذا الصراع العربى – البرتغالى فى الهند تحالف البرتغال مع الحبشة المسيحية التى قدمت لهم مساعدات كثيرة ضد مصر خاصة .


 وكان التعاون بينهما قد بدأ فى الواقع قبل الكشف بقرن كامل إبان الصليبيات , وكان بينهما مشروع خيالى لتحويل مجرى النيل الأزرق فى الحبشة إلى البحر الأحمر لتجف مصر وتنقرض جوعا .

     من ناحية اخرى لم يكن لدى البرتغال , بعددهم المحدود , القوة البشرية الكافية للاستعمار السكنى الاستيطانى حتى لو أرادت .

بل إن أمر هذه القوة البشرية ليثير الدهشة حقا , ففى عصرها البطولى هذا لم تكن البرتغال تزيد على المليون نسمة سكانا , فالغرابة إذن ليست فى سقوط الاستعمار البرتغالى فى النهاية .
 و إنما هى فى الدرجة الأولى فى قيامه اصلا .

ولهذا و بالأحرى كان الاستعمار السكنى الاستيطانى سؤالا غير وارد على الأطلاق , وظل الاستعمار البرتغالى فى جزر الهند الشرقية (استعمار البهار) اساسا وبامتياز .

 ومن ثم يمكن أن نلخص محاور الاستعمار البرتغالى فى ثلاثية : الكثلكة , التجارة , الغزو .

تحلل الإمبراطورية :

     وسيلاحظ أن البرتغال – التى هى اول بناة الامبراطوريات – قد حققت استعمارها فى عقود قليلة بسرعة غير عادية , وملكت مناطق اضعاف اضعاف مساحتها هى وتترامى فى إطار جغرافى لا يقل عن نصف محيط الأرض ! . . ومع ذلك , ورغم أن القرن السادس عشر كان بلا نزاع قرن سيطرة وتسيد البرتغال واسبانيا , فان الامبراطورية البرتغالية لم تعمر فى الواقع اكثر من جيل بالكاد .

 ولم تلبث بعد ذلك أن أخذت فى التقلص والانكماش .

 فما أن ظهرت قوى بحرية جديدة حتى انهارت البرتغال بلا مقاومة تقريبا .

ففى الوطن ضمت اسبانيا اليها البرتغال بمستعمراتها فى نهاية القرن السادس عشر .

ورغم أن البرتغال استعادت كيانها بعد ذلك , فقد كانت تلك هى الضربة القاضية .

 و إذا كان لها مغزى فهو أن موقع البرتغال الممتاز وتجارتها الفائدة لم تجد شيئا أمام ضخامة اسبانيا : لقد كان لا بد للموضع الضخم أن يتغلب على الموقع مهما كان ممتازا .

     ومن ناحية أخرى اهتبلت هولندا كقوة بحرية صاعدة فرصة تحطيم البرتغال على يد اسبانيا لترث دورها وتجارتها بل ومستعمراتها .


     إذا كان الغزو البرتغالى فى العالم الجديد قد جاء سريعا , فقد جاء الاستقرار بطيأ فقد ظلت البرازيل فى البدء مجرد نقطة تموين فى الطريق الى الهند لا أكثر , وكان أغلب المهاجرين الأوائل إليها من المجرمين والمطرودين .

لكن ضياع الامبراطورية فى شرق نقل اهتمام البرتغال الى البرازيل فى اواخر القرن السادس عشر بعد ذلك الاهمال الطويل .

0 التعليقات: