28‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 14

إمبراطورية الثروة 14


     اخترع ويتنى محلج القطن .

ومع أن ويتنى لن يحصل الا على 100 الف دولار فقط , فإن هذا المبلغ كان يعد (ثروة لابأس بها) بمعايير مطلع القرن التاسع عشر من ابتكار غير وجه العالم بكل معنى الكلمه .

وعلى الرغم من هذا , فإن المبلغ لم يأت من جعالات براءة الاختراع , بل من حكومات الولايات التى شعرت بالامتنان لقاء هذا الصنيع .

 وأقرت كارولينا الجنوبية لويتنى مبلغ 50 الف دولار , من خزينة الولاية للتعويض عن انتهاكات حقوق البراءة .


     كان أثر محلج القطن فى اقتصاد الجنوب وفى اقتصاد الولايات المتحدة اجمالا اثرا كبيرا .

 فقد انتجت الولايات المتحدة فى العام 1793 نحو خمسة ملايين رطل من القطن , معظمها من إنتاج سى ايلاندز .

هذه الكمية كانت دون 1 فى المائة من اجمالى محصول العالم من القطن , الذى كان معظمه يزرع فى الهند . ومع حلول العقد الأول من القرن التاسع عشر وبفضل محلج القطن ارتفع انتاج الولايات المتحدة ثمانية اضعاف ليصل الى اربعين مليون رطل .

 وازدادت صادرات امريكا السنوية من القطن الى اوروبا الى نحو خمسين الف ابالة .

    ومنذ ذلك الحين تضاعف انتاج امريكا من القطن كل عقد وسطيا ليصل الى مليارى رطل فى العام 1860 وكانت الولايات المتحدة تنتج فى العام 1830 نصف انتاج العالم من القطن وبعد عقدين ارتفعت النسبة الى 70 فى المائة تقريبا , ثلاثة أرباعها كانت تصدر الى الخارج .


      وتحولت أقاصى الجنوب الى افضل بقاع زراعة القطن فى العالم . ولما صارت زراعة القطن ممكنة بشروط عالية الربحية فى منطقة بيدمونت بكارولينا الجنوبية بجورجيا – وهى مسرح رواية ذهب مع الريح – فقد حققت زراعة القطن أقصى مردودها فى التربة الخصبة للحزام الأسود فى ألاباما والتربة الطموية العميقة فى دلتا نهر الميسيسبى حيث ازدهرت زراعة القطن اكثر من اى بقعة على وجه الارض .

      وشهدت كل هذه المناطق الجديدة انفتاحا , وتحول مركز إنتاج القطن الأمريكى غربا . كانت كارولينا الجنوبية الولاية هى الرائدة فى إنتاج القطن حتى العقد الثالث من القرن التاسع عشر عندما احتلت جورجيا مركز الريادة لتحل محلها بعد عقد من الزمن ولايتا ميسيسبى و ألاباما

. و أصبحت لويزيانا مباشرة منتجا رئيسا للقطن , وكانت هذه الولايات الخمس تنتج ثلاثة أرباع القطن الأمريكى زمن الحرب الأهلية . وليس من قيبل المصادفة أن هذه الولايات – إضافة الى الولايات الأخرى المنتجة للقطن مثل فلوريدا وتكساس – كانت أولى الولايات التى انسحبت من الاتحاد بعد انتخابات العام 1860 .
      
     أصبحت حياكة الملابس , وهى عمل منزلى منذ أقدم العصور , فى أواخر القرن الثامن عشر أول صناعة كبرى فى زمن الثورة الصناعية .

   ارتفع إنتاج الملابس القطنية بصورة درامية . وفى العام 1765 بلغ انتاج غزول القطن فى بريطانيا خمسة الاف رطل كانت معظمها من انتاج الورش المنزلية .

 وبعد عشرين عاما وصلت كمية الغزول الى ستة عشر مليون رطل معظمها من انتاج المصانع . وانخفض سعر الملابس القطنية كثيرا ما حقق طفرة فى الطلب عليها .

 وهذا ما أدى الى ارتفاع أسعار القطن الخام , الى أن ساعد اختراع ويتنى على حل مشكلة حلج القطن وخفض تكاليف إنتاجه فى مزارع المرتفعات . وهكذا ارتفع غنتاج القطن فى أمريكا وبريطانيا معا فى ذلك الحين .
    
      ومع نهاية فترة الحرب هيمنت زراعة القطن على اقتصادات بريطانيا ومناطق الجنوب , وبدا أن اقتصادى بريطانيا والولايات المتحدة اصبحا مرتبطين بصورة وثيقة .

 وكتبت مجلة (الإكونومست) الاقتصادى البريطانية فى العام 1855 لو اصاب الولايات المتحدة اى اضطراب اجتماعى او خلل مادى فان اثر تلك الصدمة سيصل الى انجلترا من لاندز إند الى جون أوكروتز .

 إن حياة نحو مليونين من مواطنينا تعتمد على محاصيل القطن الامريكى وربما توقفت اقدارهم – من دون مبالغة – على خيط قطن .

 ولو حلت كارثة كبيرة فى اراضى القطن لقبعت الاف من سفن تجارنا عاطلة فى مراسيها , ولأوقفت عشرة الاف مصنع أنوالها الدائرة , ولانتهى الفا فم الى التضور جوعا , بسبب نقص الغذاء اللازم لسد رمقهم .

      عندما نصب جورج واشنطن رئيسا فى 30 ابريل 1789 , ارتدى بذلة بنية متواضعة بأزرار فضية وجوارب بيضاء وحذاء بأربطة فضية . لكنه حرص على ان يكون لباسه أمريكى الصنع .حيك فى هارتفورد بكونيكتيكيت .

       توظيف التقنيات الصناعية فى حرفة الحياكة فى بريطانيا فى العقود القليلة السابقة منح بريطانيا ميزة تنافسية لا تضاهى , وكانت بريطانيا مصممة على الحفاظ عليها . وقد كان تصدير الالات محظور تماما , وإذا كانت الولايات المتحدة تطور صناعة النسيج الخاصة بها , لكن امامها – والحال كذلك – خياران اثنان .

 اما ان تعيد بنفسها اختراع ما كان يعد فى ذلك الوقت تقنية متطورة , أو أن تسرق تلك التقنية . وكان الخيار الأول بعيدا عن الاحتمال , حيث كانت الولايات المتحدة انذاك تفتقر الى العمالة الخبيرة بتعقيدات صناعة النسيج .


      لذلك لم يبق امام الولايات المتحدة سوى سرقة تلك التقنية .

وعلى الرغم من أن الصحف البريطانية كان محظورا عليها الحديث عن هذه التقنيات على صفحاتها , فانه تم تداول اعلنات سريه – وهى نوع من النشر غير الرسمى – باليد فى مناطق صناعة النسيج فى ميلاند (الارض الوسطى) مما وفر عوائد كبيرة لكل من كان راغبا وقادرا على بناء الات النسيج وتشغيلها فى الولايات المتحدة .

 وكان هناك رجل على علم – ولا شك – بهذه المحفزات , واسمه صموئيل سلاتر ولد فى بلبير بديربيشاير فى العام 1768 فى قلب منطقة صناعة النسيج المزدهرة .

 وتمرس سلاتر , فى العام 1782 , على يد يد جيديديا ستروتز مالك مشغل نسيج فى بلبير واحد اوائل الذين اصابوا ثروات من التقنية الجديدة .

0 التعليقات: