إستراتيجية الاستعمار والتحرير 19
التفتيت
السياسى :
فقد لجأ الاستعمار عامدا متعمدا قبل خروجه
إلى تفتيت مناطقه السابقة تفتيتا ميكروسكوبيا , وفى أفريقيا بالذات تفتيتا ذريا .
معركة
الأسماء :
بالدقة معركة تغيير الأسماء .
لم تنج منها تماما فى حالات الاستعمار
الاستيطانى بالتحديد . و لعل الجزائر هى المثل الأكبر , حيث فرض المستعمر أسماء
فرنسية على مئات من المواقع والأماكن ابتداء من أكبر المدن الرئيسية حتى أصغر
القرى والنجوع النائية .
وإلى حد ما لم يخل
المغرب (مراكش) وليبيا خاصة (طرابلس) من هذه العدوى أو هذا العدوان .
لكن أخطر من الجيوب المتخلفة للاستعمار ,
الكتل الإستعمارية المتبقية , أخطر بكثير وخارج كل حدود , بل لعلها أخطر ما فى
تاريخ الاستعمار جميعا سواء فى أوجه أو حضيضه .
فرغم أن مابقى منها الان حالتان فقط . فإن فيهما
تكمن وتتركز كل ضراوة وشراسة ودموية الاستعمار الوحشى الكاسر المكسور .
والحالتان هما بالطبع إسرائيل وجنوب أفريقيا . والاثنتان نظائر جيوبوليتيكية واستعمارية إلى أقصى حد
: فجغرافيا , هذه على أقصى ضلوع أفريقيا الشمالية وهذه على أقصى طرفها الجنوبى .
وسياسيا , كلتاهما استعمار استيطانى عنصرى دموى إبادى إحلالى كثيف , يبدأ باغتصاب
الوطن ويؤمن بالتفوق العنصرى ويمارس العزل الجنسى وينتهى بالتصفية الجسدية
والاحلال الإثنى . وليس صدفة ولا اعتباطا بعد هذا أن يتحالف الاستعماران تحالفا
غير مقدس ضد كل من العرب و أفريقيا على السواء .
ولئن كانت اليد العليا تبدو لهما الآن على
ضحاياهما , وكان من الصعب أن يتنبأ أحد حاليا بمصيرها على المدى القريب , فإن من
المسلم به علميا أن المصير محتوم ومحكوم عليه تاريخيا وفى المدى البعيد . أما
الوضع القانونى مهما كان فزائل أو الزائف .
والاعتراف – أى
اعتراف – ليس نهاية المطاف . والوضع القانونى على أية حال ليس إلا تقنينا لا تقيدا
للقوة وللأمر الواقع , لايمنع من إمكانية تغييره متى استطاعت القوة وفرض الأمر
الواقع الجديد نفسه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق