13‏/11‏/2016

روح الإشتراكية 33

روح الإشتراكية 33


المشكلة الأساسية للاشتراكية

عديمو الالتئام

                                1 – تكاثر عديمى الالتئام 

    أما البرابرة الجدد فإنهم يعيشون بيننا ، وإذا لم يحرقوا باريس فى دور الكومون فذلك لنقص فى وسائلهم التنفيذية . 

    كيفية تكوين عديمى الالتئام فى جميع درجات السلم الاجتماعى 

    أدت مقتضيات الاقتصاد السائدة على العالم الحاضر وامزاحمة التى هى أساس الإنتاج إلى تحول فى جميع الأمور التى أصبحت كما قال الموسيو " سيشون " :

 لما انحل الملاط القديم الذى كا يثبت المجتمعات صارت حبيبات الرمال التى يتركب منها الملاط المذكور تسير بدافع ذاتى ، فكل امرئ له أفضلية على من حوله يرتقى فى تنازع الحياة كارتقاء فقاعة الغاز الخفيفة فى الهواء ولا يتقيد صعوده برابطة وكل امرئ ذا صفات رديئة معنى أو مادة يهبط ولا يحول دون سقوطه حائل ،فهذا هو فوز الفردية المحررة من كل رق والمجردة من كل وصاية . " 

       ظن العمال الذين يذهبون ضحية هذه المقادير بسهولة معالجتها إذا حددوا الأجور على أيدى نقاباتهم تحديدا لا يخقض رب العمل منه شيئا من دون أن يهجره جميع عماله ، ولقد عاضدت بلديات المدن الكبيرة كبلدية باريس مطاليبهم فوضعت تعريفات لأجورهم وقررت أنه لا يحق لمتعهدى الأشغال العامة أن يستخدموا العمال بأقل منها . 

       لا يزال ضرر هذه التعريفات أشد من نفعها لمن وضعت لحمايته ، وقد أثبت وضعها ما فى الأنظمة من عجز إزاء مقتضيات الاقتصاد ، فأرباب الاعمال يعانون مطاليب نقابات الصناعات القديمة المعقدة المتطلبة عمالا ماهرين ،

 وأما فى الصناعات الأخرى المعقدة والتى لا تتطلب مهارة فقد ذللت فيها الصعوبات تذليلا يستفيد منه أرباب الأعمال ، وسأورد صناعة الأثاث فى باريس مثالا استشهد به فى هذا الباب من بين كثير من الأمثلة المتشابهة :

 كان أرباب الاعمل يشغلون فى مصانعهم عمال هذه الصناعة ولكن بعد أن ظهرت النقابات وطاليبها اضطروا إلى إخراج ثلاثة أرباع عمالهم ولم يبقوا عندهم سوى أشد العمال كفاءة للقيام بالأعمال المعجلة أو أعمال الإصلاح والرتق فأوجب ذلك شغل العامل فى بيته ، 

وبما أنه ليس من يشترى منه غير رب العمل فقد اضطر العامل إلى عرض ما صنعه من الأثاث عليه فتمكن بذلك من إملاء شروطه ، ثم نتج عن المزاحمة بين المتجين الفرنسيين والمتجين الأجانب بعد ذلك هبوط الأجور إلى نصف ما كانت عليه فأصبح العامل ذو الكفاءة المبتذلة الذى يكسب كل يوم من سبعة إلى ثمانية فرنكات فى المصنع لا يكسب فى بيته إلا أربعة أو خمسة فرنكات ، وهكذا تعلم أرباب الأعمال كيف يقدرون على التخلص من مطاليب الاشتراكيين ، 

ونال الجمهورأثاثا وأمتعة بأثمان رخيصة واطلع العامل تلقاء خسارته على كون مقتضيات الاقتصاد التى تسير العالم الحديث لا تتبدل بالنقابات والأناظيم . 

       وأما المتعهدون المضطرون إلى قبول التعريفات التى وضعتها البلديات فقد ذللوا الصعوبة باستخدام أصحاب الكفاءة من العمال الذين لا يحتاجون إلى أية حماية لينالوا أجورا عالية حيثما يشتغلون ، وهكذا فقد نشأ عن التعريفات الاجبارية اضطرار المتعهدين إلى العدول عن العمال العاجزين الذين كانوا يستخدمونهم فى القيام بالأشغال الثانوية تلقاء أجور بخسة 



  والخلاصة هى أن التعريفات التى وضعت لحماية قليلى الكفاءة من العمال أصبحت منافية لمصالحهم ، إذ لم يكن لها نتيجة سوى جعل حالتهم الحاضرة أصعب منها فى الماضى . 

       والدرس الذى يستنبط من ذلك هو ما أشار إليه الموسيو " دوروزييه " بمناسبة ( النظام المعرق ) حيث قال : " لا شئ يغنى العامل عن قيمته الذاتية "

      إن القيمة الذاتية هى أكثر رءوس الأموال أهمية والتى يجب انماؤها بجميع الوسائل . 

      حقا إن هذه أوضح نتائج المزاحمة الناشئة عن مقتضيات الاقتصاد فى الوقت الحاضر ، فإذا لم تؤد الزاحمة المذكورة إلى فوز أصحاب الكفاءة دائما فإنها تطرح الأقل كفاءة على كل حال ، وفى هذا تطبيق لسنة الانتخاب المؤدية إلى ارتقاء ذوات الحياة . 

     إن ذوى القابليات هم الذين يربحون فى هذه المزاحمة ولا يلحق قائدها غير الخسران  وهذا ما يسهل علينا استجلاء السر فى تشوق الاشتراكيين إلى إلغائها ،

 ولكن هبهم استطاعوا ذلك فى البلاد التى يصبحون سادتها فكيف يتوصلون إليه فى الأقطار التى لا سلطان لهم عليها والتى تغمر منتجاتها الأسواق على رغم جميع مكوس الحماية ؟

0 التعليقات: