12‏/11‏/2016

روح الإشتراكية 5

روح الإشتراكية 5


      ليس العصر الحاضر مبدأ ظهور الاشتراكية ، فهى ترجع فى منشأها الى أقدم الأزمان ، وغايتها القضاء على التفاوت فى المعايش وان كان هذا التفاوت سنة من سنن العالم القديم والحديث ، و اذا لم تغير قدرة الهية طبيعة البشر ظل هذا التفاوت سائدا حتى ينقرض الكون ، فالنزاع القائم بين الغنى والفقير أبدى .

      لم تتحد كلمة الاشتراكيين قط فى ذلك العصر كما أنها لم تتحد فى أيامنا ، و اذا اتحدت فعلى التخريب فقط .

      عرف بنو اسرائيل رغائب الاشتراكيين فكان أنبياؤهم الذين هم فوضويو ذلك الزمان يصبون لعناتهم على الاغنياء ، وكان أشهرهم يسوع المسيح يطالب بحقوق الفقراء خاصة وينذر الاغنياء قائلا ( ان ملكوت السموات خص بالفقراء وان دخول غنى اليه لأصعب من ولوج الجمل فى سم الخياط ) .

     ولهذا السبب كانت الديانة المسيحية فى القرون الثلاثة الاولى من الميلاد مذهبا اشتراكيا عند الفقراء والمحرومين طيب العيش والساخطين ، وقد قاتلت أنظمة ذلك الوقت ، ثم تم لها النصر فى النهاية . وهذه هى المرة الاولى التى نالت فيها المذاهب الاشتراكية فوزا باقيا .

     الغاية التى يتوخاها الاشتراكيون فى جميع الاجيال هى سلب ما بيد الاغنياء فى سبيل الفقراء .

     إذا ظل التاريخ يعيد نفسه فذلك لاشتقاقه من طبيعة الانسان التى لم تتغير بعد . 

     معادلة السعادة هى فى النسبة بين الحاجات ووسائل قضائها ، فإذا تساوى الحدان قنع الانسان _ ولا عبرة فى مقدارهما _ ويقنع أيضا اذا بطل التوازن بين الحدين وصارت الوسائل لا تفى على شرط أن يعاد التوازن بينهما بأن تنقص الحاجات ، وهذا الحل الاخير قد عثر عليه الشرقيون فصاروا راضين بما قسم الله لهم .

     لا يتوجع المرء إلا من سعادة غيره وهذا هو شقاء الفقير . فالاشتراكيون يعلمون ان المساواة فى الرزق لا تتحقق ولكنهم يرجون ان تتم المساواة فى الفقر على يدهم .

      لم تظهر الناشئة المترفة ايضا بمظهر لائق تكون به قدوة لطبقات الناس ، فهى تعمل على زعزعة جميع التقاليد الاخلاقية التى هى قوام الامم ، وترى أن مبادئ الواجب والوطنية و الاباء اوهام باطلة وقيود تستحق الهزء ، و إذا در عليها المال من مضاربة أو مكيدة او زواج موسع او ميراث فلا تبذله الا فى أحط اللذات .

       الامم الراضية بحظوظها كالأمم الشرقية لا تفلح .

       الحوادث الاجتماعية تسير بنسبة مئوية لا بعوارض ومعدل متوسط .

       مستوى الامم العقلى بما عندها من أرباب النفوس العالية .

0 التعليقات: