روح الإشتراكية 5
ليس العصر الحاضر مبدأ ظهور الاشتراكية ،
فهى ترجع فى منشأها الى أقدم الأزمان ، وغايتها القضاء على التفاوت فى المعايش وان
كان هذا التفاوت سنة من سنن العالم القديم والحديث ، و اذا لم تغير قدرة الهية
طبيعة البشر ظل هذا التفاوت سائدا حتى ينقرض الكون ، فالنزاع القائم بين الغنى
والفقير أبدى .
لم تتحد كلمة الاشتراكيين قط فى ذلك العصر
كما أنها لم تتحد فى أيامنا ، و اذا اتحدت فعلى التخريب فقط .
عرف بنو اسرائيل رغائب الاشتراكيين فكان
أنبياؤهم الذين هم فوضويو ذلك الزمان يصبون لعناتهم على الاغنياء ، وكان أشهرهم
يسوع المسيح يطالب بحقوق الفقراء خاصة وينذر الاغنياء قائلا ( ان ملكوت السموات خص
بالفقراء وان دخول غنى اليه لأصعب من ولوج الجمل فى سم الخياط ) .
ولهذا السبب كانت الديانة المسيحية فى
القرون الثلاثة الاولى من الميلاد مذهبا اشتراكيا عند الفقراء والمحرومين طيب
العيش والساخطين ، وقد قاتلت أنظمة ذلك الوقت ، ثم تم لها النصر فى النهاية . وهذه
هى المرة الاولى التى نالت فيها المذاهب الاشتراكية فوزا باقيا .
الغاية التى يتوخاها الاشتراكيون فى جميع
الاجيال هى سلب ما بيد الاغنياء فى سبيل الفقراء .
إذا ظل التاريخ يعيد نفسه فذلك لاشتقاقه من
طبيعة الانسان التى لم تتغير بعد .
معادلة السعادة هى فى النسبة بين الحاجات
ووسائل قضائها ، فإذا تساوى الحدان قنع الانسان _ ولا عبرة فى مقدارهما _ ويقنع
أيضا اذا بطل التوازن بين الحدين وصارت الوسائل لا تفى على شرط أن يعاد التوازن
بينهما بأن تنقص الحاجات ، وهذا الحل الاخير قد عثر عليه الشرقيون فصاروا راضين
بما قسم الله لهم .
لا يتوجع المرء إلا من سعادة غيره وهذا هو
شقاء الفقير . فالاشتراكيون يعلمون ان المساواة فى الرزق لا تتحقق ولكنهم يرجون ان
تتم المساواة فى الفقر على يدهم .
لم
تظهر الناشئة المترفة ايضا بمظهر لائق تكون به قدوة لطبقات الناس ، فهى تعمل على
زعزعة جميع التقاليد الاخلاقية التى هى قوام الامم ، وترى أن مبادئ الواجب
والوطنية و الاباء اوهام باطلة وقيود تستحق الهزء ، و إذا در عليها المال من
مضاربة أو مكيدة او زواج موسع او ميراث فلا تبذله الا فى أحط اللذات .
الامم الراضية بحظوظها كالأمم الشرقية لا
تفلح .
الحوادث الاجتماعية تسير بنسبة مئوية لا
بعوارض ومعدل متوسط .
مستوى الامم العقلى بما عندها من أرباب
النفوس العالية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق