12‏/11‏/2016

روح الإشتراكية 15

روح الإشتراكية 15


يقتضى ان تكون هذه الأنظمة والمعتقدات ملائمة لأخلاق من تطبق عليهم من الناس ولاحتياجاتهم .

       المجتمعات تشبه الحيوان فى كونها لا تتطور إلا بتبدلات إرثية صغيرة متوالية .

       لما كانت الشعوب اللاتينية مشربة بمبادئ السلطة القاهرة فقد حرمت هذه المبادئ على الأمم المذكورة مدة ثلاثة قرون التفكير و الارادة والعمل وما كان للتربية نتيجة غير تثبيت هذه المحرمات الثلاث ، فالدين كان يمنع الناس من التفكير و الاشتغال بالمعقولات وولاة الأمور كانوا يريدون ويعملون لأجل المجموع ،

وهكذا اعتاد الناس الانقياد الى تعاليم الكنيسة التى عدت بأنها لا تخطئ والى أوامر الملوك الذين كانوا يستمدون سلطانهم من الله ولا يخطئون . كان هذا الخضوع سببا لازبا لوحدة الشعوب اللاتينية وقد منحها فى بعض الأحوال و الأحيان قوة عظيمة ، إذ من خصائص هذه الشعوب ان تصبح زاهرة إذا كان على رأسها رجال نوابغ ولا تزهر إلا بذلك .

       قد يتحمل الناس فى البلاد التى نمت فيها ملكة الاستنباط منذ زمن بعيد و اصبح شأن الحكومة عندها صغيرا نتائج التطور الاقتصادى الحاضر ، 
و أما الأمم التى لا يتصف افرادها بتلك الملكة فقد صارت عزلاء وطلبت الى قادتها الذين كانوا يحلون مكانها فى التفكير والعمل مديد المعونة اليها .

     ربما لا يوجد على وجه الأرض أمة أتت بثورات كالأمم اللاتينية مع أنه لا يوجد أمة أشد تعلقا منها بنظم الماضى ، ولم تفض ثوراتها الدامية الى غير تسمية انظمتها القديمة بأسماء جديدة .

     كانت الحياة المحلية فى المديريات خامدة كما هى الآن لتدرج البلاد نحو المركزية التى لم تكن ثمرة لحكم الملوك المطلق بل كانت نتيجة لعدم اكتراث السكان .

                    -----------------------------------

     ان مبدأ التربية نتيجة لمبدأ الحكومة عند الأمم اللاتينية ، إذ انه لما كان على حكومتها ان تدير كل شئ وجب عليها ان تدير التربية أيضا ، ولما كان عليها ان تفكر وتعمل لأجل سكان البلاد وجب عليها ان تسعى لتطبع النفوس على حب الطاعة وتقمع كل ميل الى الاستقلال الشخصى ، فالتلميذ يطلب اليه ان يقتصر على ما فى الكتب الموجزة من الخطط الدالة على ما قررته السلطة السياسية و الدينية و الفلسفية و العلمية من المسائل .

 هذا هو مثل اليسوعيين الأعلى القديم الذى أتمه نابليون بمهارة ، ولا تزال الجامعات كما كونها هذا المستبد الكبير مثالا للطرق المؤدية الى استعباد الذكاء وانحطاط الأخلاق وتحويل الشبيبة اللاتينية الى أرقاء أو عصاه متمردين .

      تختلف التربية اللاتينية عن التربية الانغلوسكسونية من حيث انها تؤدى بأنظمتها الدقيقة القاسية الى هدم ملكة الاستنباط و الاستقلال النفسى و الارادة عند الطالب .

      ليست برامج الجامعات هى التى يجب تبديلها بل طرق التعليم .

      الخلاصة ان هذه المبادئ الثلاثة الأساسية – أى مبدأ الحكومة و مبدأ التربية و المبدأ الدينى – أعانت على تكوين الروح اللاتينية وأدت الى ظهورها بشكلها الحاضر ، وقد خضعت جميع الأمم التى نالت قسطا من الحضارة لأحكام هذه المبادئ ولم تشذ واحدة منها .

0 التعليقات: