روح الإشتراكية 35
تطور النظام
الاجتماعى
منابع راس المال وتقسيمه :
الذكاء ورأس المال والعمل
لا يعرف الاشتراكيون سوى
منبعين للرزق وهما رأس المال والعمل ، وللرزق مورد ثالث غير أس المال والعمل وهو
الذكاء ، ومع أن الاشتراكيين يرونه قليل القيمة فهو فى الحقيقة ذو تأثير عظيم
ولذلك سنبدأ به فى بحثنا .
1 – الذكاء
وما تاريخ الحضارةإلا تاريخ عظماء الرجال الذين
يظهرون فى غضون الأجيال يجحد الاشتراكيون فضل العقل ، فماركس لا يعنى بسوى الأشغال
اليدوية ، ويقصى ملكة الاختراع والعبقرية والإراجة إلى الدرجة الثانية .
أن السبب فى حقد الاشتراكيين
على الذكاء هو أن الذكاء صخرة أبدية تتحطم عليها جميع مبادئهم فى المساواة .
2 – رأس المال
يشتمل رأس المال على كل ما يمكن الإتجار به من
سلع وآلات وبيوت وأطيان ، وأما النقود فليست إلا رمزا رسميا أو مقياسا تجاريا يفيد
فى تقدير قيم الأشياء ومقايضتها .
والعمل
وحده عند الاشتراكيين هو منبع القيمة ومقياسها وما رأس المال إلا جزء من العمل سرق
من العامل دون أن يرد إليه ، فرأس المال ناشئ من العمل سواء أكان ماديا أم ذهنيا .
يقول علماء الاقتصاد أنه ليس فى العالم سوى 24
مليارا من النقود الذهبية و20 مليون من النقود الفضية .
ومن الجهل بطبيعة الانسان أن يجزم أن التفاوت
فى المال لن يعود بعدئذ بين الناس على رغم تفاوتهم فى القابلية والنشاط والميل إلى
التبذير وحب الادخار .
يجب على الاشتراكيين أن يفرحوا لانتشار رءوس
الأموال بين الناس ، فكلما انتشرت رءوس الأموال فإن ربح رأس المال فى المشاريع
الصناعية يقل بينما تزيد مكاسب العمال .
يطرأ اليوم على دخل المساهم
تنزيل مستمر فى البلاد اللاتينية ، إذ تنفذ فيها مطالب المنتسبين إلى النقابات على
الفور إما لعدم مبالاة مديرى الشركات وإما لضعفهم ،
ولا يكون هذا التنفيذ إلا بأخذ
أرباح المساهمين ، ولما كانت مطاليب النقابات تتكرر بحكم الطبيعة وكان المديرون لا
يخسرون شيئا من جراء تنفيذها فإنهم يستمرون على الإذعان وإن أدى ذلك إلى تقليل ربح
المساهم وخفض ثمن السهم ، وسيظل الأمر كذلك حتى لايبقى ربح للمساهم وثمن للسهم .
على هذه الطريقة اللبقة أخذت
المشاريع الكبيرة تتدرج فى قلة الربح وسوف لا تمنح المساهمين ربحا بعد بضع سنين ،
وعندما يغيب أصحاب المشاريع عن عالم الصناعة يتحقق حلم الشيوعية .
3 – العمل
4-
العلاقات بين رأس المال والعمل
أرباب الأعمال والعمال
من الجهل بروح الجماعات أن
يعتقد المرء أنها تصير شاكرة إذا أحسن إليها إحسانا جامعا ، فالإحسان الجامع لا
يورث عندها فى الغالب إلا بما يمنحه عن ضعف .
لوحظ فى هذا الأمر اعتصاب
" كارمو " الشهير ، فقد جرب مدير المصنع ماذا يجر اللين والضعف من
النتائج ، كان يؤدى هذا المديرعماله أجورا باهظة وقد نظم مخازن لتبيع الأشياء
الحاجية بالمفرق على أسعار المجمل ،
غير أن النتيجة كانت كما جاء فى المحادثة التى
وقعت بين مراسل الجورنال ومدير المصنع ونشرت فى العدد الصادر فى 30 أغسطس سنة 1895،
وإليك بعض ماورد فيها :
" ينال عمال كارمو
أجورا أرفع مما يناله أمثالهم فى كل مكان ، رفعت هذه الأجور ليسود السكون
والطمأنينة بينهم ، وإنى أدفع إليهم كل سنة زيادة 000 ، 100على ما ينالونه لو
كانوا عمالا فى مصنع زجاج آخر، ولكن ماذا كانت العاقبة ؟
أحدث ذلك ما كنت أود
احتنابه من الضيق والضجر والاستياء " ولو كان عند هذا المدير اطلاع ولو قليلا
على علم النفس لشعر بأن مثل هذه العطايا تولد مطاليب جديدة ، فجميع من هم على
الفطرة يحتقرون عاطفتى الحلم والضعف المتقاربتين على الدوام وليس لهاتين العاطفتين
أقل تأثير فيهم .
تذلل البطائن ونفاقهم أمام
ظلمة الشرق المستبدين .
والخلاصة إنه يتأفف من
أرباب الأعمال والصعاليك – عند الأمم اللاتينية على القليل – طبقتان عدوتان عاجزتان
عن اقتحام المصاعب الناشئة عن العلائق اليومية متطلبتان مداخلة الحكومة للقيام
بذلك فيثبتان لنا أن شعبنا يسير بغريزته ليكون محكوما وأنه يعتبر المجتمع كناية عن
سلسلة من الطبقات تحت مراقبة أمير قادر على كل شئ
.
حقا إن روحنا القومية لا تستمرئ مبادئ حرية
المزاحمة والميل إلى الاشتراك والاعتماد على الذات ، وما مثلها الأعلى إلا أن تكون
مسودة من سيد ،
نعم إن هذا المثل الأعلى يخفض قيمة صاحبه ولكنه لا يتطلب منه إلا
عملا زهيدا وحزما قليلا ومن ثم نرجع مرة أخرى إلى المبدأ الأساسى القائل بأن
بأخلاقها لا بأنظمتها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق