26‏/11‏/2016

الإقتصاد الكلي مبادئ وتطبيقات 11

الإقتصاد الكلي مبادئ وتطبيقات 11








ثانيا : النظرية الكينزية : 

            أدى حدوث الكساد العالمى فى الثلاثينات من هذا القرن إلى زعزعة الثقة فى النظرية الكلاسيكية وبالسياسات الإقتصادية التى بنيت على أساسها وبخاصة لأنها اعتبرت مشكلة البطالة ظاهرة مؤقتة وأن اقتصاد السوق الحر قادر على معالجة هذه المشكلة بشكل تلقائى بعكس ما كان الاقتصاد العالمى يمر به من ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من ( 25 ) بالمائة وانخفاض الإنتاج والدخل لعدة سنوات وما رافق ذلك من نتائج اجتماعية سلبية تركت آثارها على المجتمعات الأوربية والأمريكية وأنذرت بانهيار النظام الرأسمالى . 

لقد هيأت أزمة الكساد العالمى الفكر الاقتصادى لتقبل نظرية جديدة كانت بمثابة ثورة فكرية اقتصادية أحدثت انقلابا جذريا فى السياسة الاقتصادية وانتدت آثارها إلى جميع الأجيال اللاحقة الذى صدر عام 1936

 1 - البطالة فى اقتصاد السوق :
اقتصاد السوق يعانى من نقصين أساسين لا يمكن أن يعالجان تلقائيا وهما : 

أ‌-       احتمال وقوع هذا الاقتصاد فى فترات كساد متواصلة ومزمنة كما حصل فى الثلاثينات من القرن العشرين .

ب‌-  أن هذا الاقتصاد غير مستقر بطبيعته ولذلك فإن حالة الاستخدام الكامل هى حالة نادرة إذا ما تحققت فإنها قد لا تدوم لفترة طويلة وسرعان ما يعود الاقتصاد إلى مستوى الإنتاج الاستخدام الكامل ، أى أن التقلبات الاقتصادية هى سمة دائمة لاقتصاد السوق .  

2- أسباب البطالة :
          إن السبب الرئيسى للبطالة فى النظرية الكينزية هو عدم كفاية الطلب الكلى أى النقص بالإنفاق على السلع والخدمات بحيث لا يكفى لعمل الاقتصاد بكامل طاقته الإنتاجية التى لا تغير فى الأمد القصير. 

3 – معالجة البطالة :
              معالجة البطالة لا يمكن أن تتم إلا بزيادة الطلب الكلى ( الإنفاق الكلى ) وأن أفضل طريقة لذلك فى فترات الكساد أو الركود الاقتصادى هى زيادة الإنفاق الحكومى ، ففى الأمد البعيد سنموت جميعا .

العرض الكلى فى النظرية الكنيزية :
         لقد أوضحنا سابقا بأن العرض الكلى هو عبارة عن دالة أو اقتران يربط بين الناتج الكلى والمستوى العام للأسعار وأن المستوى العام للأسعار يمثل المعدل العام فى الأسعار بما فيها أسعار السلع والخدمات وأسعار عناصر الإنتاج ، ولما كانت أجور العمل تمثل الجزء الأكبر من تكاليف الإنتاج غير الثابتة فإن تغير مستوى الأسعار لا بد وأن يعتمد على إمكانية تغير الأجور( التكلفة ) فلا يمكن أن ينخفض مستوى الأسعار بدون انخفاض فى التكلفة لأن المنتج لا يستطيع تحمل الخسارة لفترة طويلة إذا ما انخفضت الأسعار إلى أقل من مستوى التكلفة . 

       وعلى هذا الأساس فإن النظرية الكلاسيكية القائلة بأن منحنى العرض الكلى هو عمودى على المحور الأفقى تفترض نظريا إمكانية انخفاض الأسعار إلى الصفر وبالتالى وجوب انخفاض الأجور إلى الصفر أيضا إذا استمرت معدلات البطالة بالارتفاع . وهذه حالة يرفضها المنطق والواقع واعتبرها الكلاسيكيون حالة خاصة لأن الإنتاج والطلب باعتقادهم يبدأ بالارتفاع مع انخفاض الأسعار والأجور قبل أن تصل إلى الصفر ، ولو أن هذا الانخفاض قد يكون بطيئا ويستغرق مدة طويلة بسبب ممانعة العمال لقبول أجور تقل عن أجورهم التى كانوا يتقاضونها من قبل فترات الكساد الاقتصادى . 

        لقد رفض كينز هذا التفسير وأكد أن الأسعار والأجور لا يمكن أن تنخفض أقل من حد معين مهما بلغت معدلات البطالة ، وبالتالى فإن الأسعار أيضا لا تنخفض إقل من حد معين نظرا لعدم انخفاض الأجور والتكاليف . 

   وهذا يعنى أن منحنى العرض الكلى يكون خطا أفقيا مستقيما عند الحد الأدنى للأسعار والأجورولا ترفع الأسعار والأجوروبالتالى يرتفع منحنى العرض الكلى إلا عندما يصل الناتج الكلى إلى مستوى الاستخدام الكامل فى النقطة (FE ) فى الشكل  (8-6 ) حيث تبدأ الأسعار بالارتفاع ( التضخم ) لعدم امكانية زيادة الكميات المنتجة أكثر من مستوى الاستخدام الكامل للموارد . 

فقد أظهرت الدراسات الإحصائية والاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية بإن منحنى العرض الكلى فى واقع الحال يتكون من ثلاثة أجزاء :
 

1-   المدى الكينزى .
2-   المدى الكلاسيكى .
3-   المدى الوسيط  .

وكل منها ينطبق على مرحلة من مراحل التقلبات الاقتصادية . 

1-   المدى الكنيزى :
وينطبق عادة على حالات الكساد الشديد عندما تكون هناك طاقات إنتاجية فائضة ومعدلات بطالة عالية وتنخفض الأسعار والأجور إلى حدها الأدنى .

 فى هذا المدى يمكن زيادة الإنتاج بدون حدوث أى زيادة فى الأسعار والأجور وتنخفض معدلات البطالة بدون تضخم 

2-   المدى الوسيط :
          وينطبق على فترات الانتعاش عندما يبدأ الإنتاج الكلى بالارتفاع باتجاه   مستوى الاستخدام الكامل حيث تصل بعض الصناعات إلى طاقتها الأنتاجية القصوى بحيث لاى تستطيع زيادة الكميات المعروضة فترتفع أسعار منتجاتها بينما تبقى صناعات أخرى تمل دون طاقتها القصوى .

 فى هذا المدى تبدأ الأسعار والأجور بالارتفاع التدريجى مع استمرار ارتفاع الإنتاج وتظهر بوادر التضخم مع بقاء الاقتصاد دون الاستخدام الكامل . 

وهذا يفسر حالة التضخم مع وجود معدلات مرتفعة نسبيا للبطالة أو ما يسمى بالتضخم الركودى Stagflation  والذى حصل فعلا فى الدول الصناعية الكبرى فى فترة الستينات من القرن العشرين . 

3-   المدى الكلاسيكى :
   وينطبق على فترات يصل فيها الإنتاج إلى مستوى الاستخدام الكامل وعندها تبدأ الأسعار بالارتفاع بمعدلات عالية بدون تحقيق أى زيادة فى الإنتاج الكلى .
         وهذا يتحقق عادة فى فترات الإزدهار الاقتصادى .

0 التعليقات: