ثروة الأمم 18
ومن البين أن الطلب على عمل الذين يعتاشون من
أجورهم لا يمكن أن يزيد إلا بزيادة الأموال المخصصة لدفع هذه الأجور .
عندما يتوفر لدى صاحب الأرض ،
أنويتانت ، أو مونيدمان ، دخل يفوق ما يعتبره كافيا للقيام بأود عائلته الخاصة ،
فهو يستخدم جملة هذا الفائض أو جزءا منه فى إعالة خادم صغير أو اثنين ، وإذا زاد
هذا الفائض تراه يزيد طبيعيا عدد هؤلاء الخدم .
عندما يتوفر لعامل مستقل ،
كالحائك أو الإسكافى ، من رأس المال ما يزيد عما يكفى لشراء المواد لعمله الخاص ،
والقيام بأوده حتى يصرف بضائعه ، فإنك تراه يستخدم عاملا مياوما أو أكثر بالفائض ،
كى يحقق ربحا من عملهم ، وإذا زاد هذا الفائض تراه يزيد بصورة طبيعية عدد عماله
المياومين .
لذلك فإن الطلب على الذين
يعتاشون من الأجور يزداد بالضرورة مع ازدياد الدخل ورأس المال فى كل بلد ، وإن
زيادة الدخل ورأس المال هى الزيادة فى ثرة الأمة ، ولذلك فإن الطلب على الذين
يعتاشون من الأجور يزيد بصورة طبيعية مع زيادة ثروة الأمة ، ولا يمكن ان يزيد
إطلاقا من دون ذلك .
ليست ضخامة ثروة الأمة هى التى
تسبب ارتفاع أسعار أجور العمل ، بل استمرار ارتفاع هذه الأسعار .
أجور
العمل هى الأغلى فى البلدان الأكثر ازدهارا ، أو التى تغتنى بسرعة تفوق سرعة غيرها
، لا فى البلدان الأغنى من غيرها ، فإنجلترا هى يقينا ، فى هذه الايام ، بلد أغنى
من أية بقعة من شمال أمريكا . غير أن أجور العمل أغلى بكثير فى شمال أمريكا مما هى
عليه أية منطقة من إنجلترا .
إن أسعار المواد التموينية فى كل
مكان من شمال أمريكا أدنى من أسعارها فى إنجلترا ، ولم تعرف قلة الأقوات هناك أبدا ، فقد كان لديهم ما يكفيهم فى أسوأ
المواسم ، وإن لم يكن كافيا للتصدير ، فإذا كان السعر النقدى للعمل أعلى مما هو فى
أى مكان من البلد الأم ، فإن سعره الحقيقى ، أى الاقتدار الحقيقى على ضرورات
الحياة وكمالياتها الذى يتيحه للعامل ، ينبغى أن يكون أعلى بنسبة أكبر .
ولكن على الرغم من أن شمال
أمريكا ليس ثريا قدر ثراء إنجلترا ، فهو أكثر ازدهارا ، كما انه يتقدم بسرعة أكبر
نحو المزيد من امتلاك الثروات ، فالعلامة الأدل على ازدهار أى بلد إنما هى زيادة
عدد سكانه .
فجزاء العمل هناك جيد إلى حد أن
العائلة الكثيرة الأولاد تعد مصدرا للازدهار والترف للوالدين ، بدلا من ان تعد
عبئا عليهما ، وتقدر الحسابات أن عمل كل ولد ، قبل ان يترك منزله ، يساوى مئة
باوند من الربح الخالص هم ،
ومن شأن الأرملة الشابة التى لها
أربع أو خمسة أولاد ، والتى لا تكاد تحظى فى صفوف الفتيات الوسطى أو الدنيا من
الناس بفرصة الزواج ثانية ، من شأنها ان تكون موضع تودد فى كثير من الاحيان
باعتبارها شكلا من الثروة .
فقيمة الاولاد هى أكبر المشحعات على الزواج . ولا يمكننا لذلك أن نتعجب من
أن الناس فى شمال أمريكا يتزوجون فى أوائل الشباب .
وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة
الناتجة عن زيجات مبكرة كهذه ، فثمة شكوى مستمرة من قلة الأيدى العاملة فى شمال
أمريكا ، فالطلب على العمال ، والأموال المخصصة لتشغيلهم وإعالتهم ، فى تزايد ،
فيما يبدو ، بأسرع مما يزداد عدد العمال المطلوبين للعمل .
0 التعليقات:
إرسال تعليق