01‏/11‏/2016

ثروة الأمم 18

ثروة الأمم 18



   ومن البين أن الطلب على عمل الذين يعتاشون من أجورهم لا يمكن أن يزيد إلا بزيادة الأموال المخصصة لدفع هذه الأجور . 

   عندما يتوفر لدى صاحب الأرض ، أنويتانت ، أو مونيدمان ، دخل يفوق ما يعتبره كافيا للقيام بأود عائلته الخاصة ، فهو يستخدم جملة هذا الفائض أو جزءا منه فى إعالة خادم صغير أو اثنين ، وإذا زاد هذا الفائض تراه يزيد طبيعيا عدد هؤلاء الخدم . 

   عندما يتوفر لعامل مستقل ، كالحائك أو الإسكافى ، من رأس المال ما يزيد عما يكفى لشراء المواد لعمله الخاص ، والقيام بأوده حتى يصرف بضائعه ، فإنك تراه يستخدم عاملا مياوما أو أكثر بالفائض ، كى يحقق ربحا من عملهم ، وإذا زاد هذا الفائض تراه يزيد بصورة طبيعية عدد عماله المياومين . 

   لذلك فإن الطلب على الذين يعتاشون من الأجور يزداد بالضرورة مع ازدياد الدخل ورأس المال فى كل بلد ، وإن زيادة الدخل ورأس المال هى الزيادة فى ثرة الأمة ، ولذلك فإن الطلب على الذين يعتاشون من الأجور يزيد بصورة طبيعية مع زيادة ثروة الأمة ، ولا يمكن ان يزيد إطلاقا من دون ذلك . 

   ليست ضخامة ثروة الأمة هى التى تسبب ارتفاع أسعار أجور العمل ، بل استمرار ارتفاع هذه الأسعار .  

 أجور العمل هى الأغلى فى البلدان الأكثر ازدهارا ، أو التى تغتنى بسرعة تفوق سرعة غيرها ، لا فى البلدان الأغنى من غيرها ، فإنجلترا هى يقينا ، فى هذه الايام ، بلد أغنى من أية بقعة من شمال أمريكا . غير أن أجور العمل أغلى بكثير فى شمال أمريكا مما هى عليه أية منطقة من إنجلترا .    
                           
   إن أسعار المواد التموينية فى كل مكان من شمال أمريكا أدنى من أسعارها فى إنجلترا ، ولم تعرف قلة الأقوات  هناك أبدا ، فقد كان لديهم ما يكفيهم فى أسوأ المواسم ، وإن لم يكن كافيا للتصدير ، فإذا كان السعر النقدى للعمل أعلى مما هو فى أى مكان من البلد الأم ، فإن سعره الحقيقى ، أى الاقتدار الحقيقى على ضرورات الحياة وكمالياتها الذى يتيحه للعامل ، ينبغى أن يكون أعلى بنسبة أكبر . 


   ولكن على الرغم من أن شمال أمريكا ليس ثريا قدر ثراء إنجلترا ، فهو أكثر ازدهارا ، كما انه يتقدم بسرعة أكبر نحو المزيد من امتلاك الثروات ، فالعلامة الأدل على ازدهار أى بلد إنما هى زيادة عدد سكانه .   

 فجزاء العمل هناك جيد إلى حد أن العائلة الكثيرة الأولاد تعد مصدرا للازدهار والترف للوالدين ، بدلا من ان تعد عبئا عليهما ، وتقدر الحسابات أن عمل كل ولد ، قبل ان يترك منزله ، يساوى مئة باوند من الربح الخالص هم ،

 ومن شأن الأرملة الشابة التى لها أربع أو خمسة أولاد ، والتى لا تكاد تحظى فى صفوف الفتيات الوسطى أو الدنيا من الناس بفرصة الزواج ثانية ، من شأنها ان تكون موضع تودد فى كثير من الاحيان باعتبارها شكلا من الثروة .

فقيمة الاولاد هى أكبر المشحعات على الزواج . ولا يمكننا لذلك أن نتعجب من أن الناس فى شمال أمريكا يتزوجون فى أوائل الشباب .      

 وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة الناتجة عن زيجات مبكرة كهذه ، فثمة شكوى مستمرة من قلة الأيدى العاملة فى شمال أمريكا ، فالطلب على العمال ، والأموال المخصصة لتشغيلهم وإعالتهم ، فى تزايد ، فيما يبدو ، بأسرع مما يزداد عدد العمال المطلوبين للعمل . 

0 التعليقات: