روح الإشتراكية 11
لا يلبث الأفراد المنتمون الى طبقات
اجتماعية مختلفة والمحترفون مهنا واحدة ان يتشابهوا ، لأنهم بعد ان يعيشوا فى بيئة
واحدة ويردوا ألفاظا واحدة وجملا واحدة وأفكارا واحدة يصبحون ذوى أفكار عامة واحدة
.
لا تلبث البذور الراقدة فينا أن تنمو إذا
تغيرت البيئة تغيرا شديدا.
تتخلص كل حضارة رويدا رويدا من روابط
التقاليد بتأثير ما يظهر فى كل عصر من النوابغ القليلين ، وعلة البطء فى هذا
التخلص هو ندرة هؤلاء النوابغ .
لا تتأسس الحضارة إلا إذا ابتدعت لنفسها
تقاليد ، ولا تتقدم إلا إذا تسنى لها ان تغير قليلا من هذا التقاليد فى كل جيل ،
لأنها إذا لم تغير لا تترتقى وإذا تحولت بسرعة تفقد استقرارها وتنحل ثم تنقرض .
الرأى العام لا يعرف إلا المشاعر المفرطة أو
قلة المبالاة ولا وسط بينهما ، فهو يشبه النساء فى عجزه عن ضبط نفسه وتهزه ورياح
العوارض الخارجية دائما .
لا يقتصر سلطان الرأى العام الكبير والمتقلب
على السياسة بل يتناول جميع عناصر الحضارة ، فهو يملى على أرباب الفن أعمالهم وعلى
القضاة أحكامهم وعلى الحكومات خططها .
يخضع القضاة غالبا الى الرأى العام فى
الأحكام والتبرئة من حيث لا يشعرون .
خلاصة هذا الفصل والفصل الذى تقدمه ان
الحضارات تقوم على عدد قليل من المعتقدات التى لا تتكون ولا تزول إلا ببطء وان المعتقد
لا يكون مقبولا أو نافذا نفوذا كافيا الى القلب ليصبر باعثا للحركة إلا إذا ارتبط
بالمعتقدات السابقة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق