06‏/11‏/2016

ثروة الأمم 21

ثروة الأمم 21


   ويبدو أن الصين لم تزل ، منذ زمن طويل ، مستقرة ، والأرجح أنها امتلكت ، منذ زمن طويل ، ذلك القدر التام من الثروات الذى ينسجم مع طبيعة قوانينها ومؤسساتها .                                                                     
       ولكن هذا القدر ربما كان أدنى بكثير مما قد تتيح لها تربتها ، ومناخها ، وموقعها أن تكتسبه . فالبلد الذى يهمل التجارة الخارجية أو يحتقرها ، 

والذى لا يسمح لمراكب الأمم  الأجنبية أن ترسو إلا فى مرفأ أو اثنين من مرافئه فقط  ، لا يستطيع أن يقوم بنفس كمية التجارة التى كان من شأنه أن يقوم بها فى ظل قوانين ومؤسسات مختلفة . 

والبلد الذى يتمتع فيه الأثرياء أو أصحاب رءوس الأموال الكبرى بقسط وافر من الأمان ، ولايكاد الفقراء أو أصحاب رءوس الأموال الصغرى يتمتعون بشئ منه ، بل تراهم عرضة للنهب والسلب على أيدى أصاغر الموظفين بذريعة تنفيذ العدالة ، لا يمكن لكمية رأس المال المستثمر فى مختلف أصناف الأعمال التجارية التى تزاول فيه من ان تساوى ما قد تسمح به طبيعة هذه الأعمال أو مداها الطبيعى .     

  ولا بد لقهر الفقراء فى كل باب من أبواب الأعمال التجارية من أن يقيم احتكار الأثرياء الذين إذ يستحوذون على التجارة كلها لأنفسهم ، سوف يتمكنون من جنى أرباح طائلة جدا . 

ويقال ، استنادا إلى ذلك ، إن نسبة الفائدة المعتادة فى الصين هى اثنتا عشرة بالمئة ، ولابد أن الأرباح العادية لرءوس الأموال تكفى لتحمل هذه الفائدة المرتفعة . 

   عندما يحظر القانون الفائدة كليا ، فهو لا يحول دونها .
 فلا بد لكثير من الناس أن يقترضوا ، ولن يقرضهم أحد من دون أى اعتبار لاستعمال النقود ، لما يقتضيه ما يمكن أن يجنى من استعمالها، فضلا عن صعوبة التهرب من القانون وخطورة ذلك. 

ولا يعزو السيد مونتسكيو ارتفاع نسبة الفائدة عند الأمم المحمدية إلى فقرها فحسب ، بل وإلى صعوبة استرداد النقود أيضا . 

   إن أدنى نسبة معتادة للربح ينبغى أن تكون بقدر يزيد عما هو كاف لتعويض الخسائر الطارئة  التى يتعرض لها كل استثمار لرأس المال . 
فهذا الفائض وحده هو الربح الصافى أو الواضح . 

   ينبغى لكامل مزايا أصناف العمل ورأس المال ومساوئها أن تكون ، فى المحلة نفسها ، إما متساوية تماما أو أن تميل باستمرار إلى التساوى . 

فلئن كان أى صنف من أصناف العمل يمتاز فى المحلة نفسها بكونه أربح من غيره بصورة واضحة أو أقل مربحية ، فإن الكثير من الناس سوف يتزاحمون عليه فى الحالة الأولى ، ويهجرونه فى الحالة الثانية ، بحيث تعود مزاياه إلى مستوى بقية أصناف العمل . 

وهذا ، على الأقل ، هو ما تكون عليه الحال فى المجتمعات التى تترك فيها الأشياء تجرى مجراها الطبيعى ، وحيث توجد حرية كاملة ، وحيث يستطيع كل رجل أن يختار بحرية كاملة صنف العمل الذى يعتقده مناسبا ، وأن يغيره بقدر ما يرى ذلك ملائما . 

 إن مصلحة كل رجل سوف تدفعه إلى التماس العمل المريح ، واجتناب العمل غير المريح .

0 التعليقات: