13‏/11‏/2016

روح الإشتراكية 39

روح الإشتراكية 39


مصير الاشتراكية

                       1 – مبدأ الوجوب فى الحوادث التاريخية  

       لا يجوزعد علم الاجتماع علما أو شبه علم لعجزه عن كشف الحوادث ، فالمعارف لا يجوز نعتها بكلمة ( العلم ) إلا إذا استطعنا أن نعين بها صفات إحدى الحوادث وايجاده مرة ثانية أو كشف تكاملها قبل وقوعه على القليل .  

                    وكل ما يقوله لنا علم الاجتماع – وليس هو الذى علمنا ذلك – أن العلم الأدبى مسي كالعالم الحسى بنواميس ثابتة لاتقهر ، وأما ما نسميه مصادفة واتفاقا فليس سوى سلسلة من العلل غير المتناهية التى لا نعرفها .

       اشتباك هذه العلل يجعل كل تكهن صريح فيها مستحيلا ، ولا يتوصل الانسان إلى تفهم الحوادث الاجتماعية قليلا – ولا إلى كشفها قبل وقوعها – إلا إذا بحث عن كل عامل فى تكوينها على حدته ثم عن التأثير المتبادل لهذه العوامل ، وعندما يكثر عدد العناصر المؤثربعضها فى بعض فإن العلم الحاضر يصرح بعجزه عن اكتشاف نتيجتها القاطعة . 

       إن عدد علل الحوادث الاجتماعية التى يثتضى اكتشاف تأثيرها المتبادل ليس ثلاثة ملايين ، إذا فكيف يمكن الاخبار عن نتيجة حاسمة إزاء هذا الاشتباك ؟  لكى نصل فى ذلك إلى دلائل عامة موجزة – لا إلى حقائق مقررة حتى ولا حقائق تقريبية . 

        إذا فلنكتف بأن نعلم أن العالم الأدبى تابع لنواميس وأن نسلم بأننا نجهل نتائج هذه النواميس فى المستقبل 

                                 2 – التبؤ بالحوادث الاجتماعية 

        يجب على علم الاجتماع أن يقتصر على تسجيل الحوادث ، ومع أن رجال
السياسة غائصون فى بحار الحوادث السياسية فإنهم من أقل الناس قدرة على التبؤ بها .
     المفكرون البعيدون فى الظاعر عن أمور الدنيا فقد أثبتوا أنهم أوسع بصيرة من رجال السياسة .
      وبما أن أكثر الساسة لا يهتمون إلا بأمور الساعة الحاضرة فإنهم يظلوا قصيرى النظر .
     ولما كان الفلاسفة يعرفون كيف يتخلصون من تأثير أمور الساعة الحاضرة فإنهم يقدرون أحيانا على الإتيان بنبوءات صادقة . 

      أن الاقتداء بكثير من المؤرخين فى تحقيق الحوادث التى وقعت وفى توزيع التبعة فى المدح والذم لعمل صبيانى سيزدريه بحق فلاسفة المستقبل ،

 لان العلل المشتكبة الموجبة للحوادث لها سلطان مستقل عن الرجال الذين أتوا بهذه الحوادث فلا يجوز أن نغزو الحوادث التاريخية كسقوط بابل وأثينا وكانقراض الدولة الرومانية والاصلاح الدينى والثورة الفرنسوية والنوائب التى حلت بنا أخيرا إلى رجل واحد بل بل يقتضى عزوها إلى أجيال كثيرة من الآدميين كما أنه لا يحق للتمثال الخشبى الذى لا يشعر بالخيوط التى تحركه أن يذم أو يمدح حركات التماثيل الخشبية الأخرى . 

       فالانسان مسير بالبيئة والأحوال ولا سيما عزائم الأموات أى بالقوى الارثية الخفية الحية فيه ، فهذه القوى هى متسلطة على أكثر أفعالنا وعلى نسبة خفائها تكون قوية ، وأما أفكارنا الشخصية فلا تؤثر إلا فى الأجيال التى لم تخلق بعد . 

      ولما كانت أفعالنا صادرة عن ماض بعيد فإن جميع نتائجها لا تقع إلا فى مستقبل لا نراه .

0 التعليقات: