25‏/11‏/2014

تنقية أصول التاريخ الإسلامي 7

تنقية أصول التاريخ الإسلامي 7

فى العاده لا يكون صاحب الخلافه او صاحب السلطان رجلا واحدا بل يكون وراءه ومعه ناس اصحاب مصلحه فى ان يظل السلطان فى يده , وحتى لو مال هو الى الصلح والتفاهم فان الذين حوله لا يرضون ولا يتاخرون عن قتله .

ومادام الانسان قد دخل السياسه وطلب السلطان فهو المسئول عما يصيبه،

 وقد سبق ان ذكرنا ان بنى اميه اذا لم يكونوا اصحاب حق فى الخلافه فما هو الاساس الشرعى لمطالبه العلويين للخلافه ؟ وهل اذا مات على بن ابى طالب ورث الحق فى الخلافه اولاده : الحسن ثم الحسين ثم زيد , وهكذا ؟ كل ذلك نشا كما قلنا من ان احدا لم يضع للخلافه تشريعا , بل الكل هنا يجمعون على حق ابناء على بن ابى طالب فى الخلافه .
    
  
        المشكله هنا مشكله عدم وجود دستور للخلافه وحق الامه فى انتخاب الخلافه ضاع بعد ايام عمر , لان الخلافه ايام ابى بكر كانت ابا بكر وايام عمر كانت عمر , اما ايام عثمان اصبحت عثمان وال عثمان , وهذا  هو ما انكرته الامه , ولكن احدا لم يصحح ذلك الخطأ تصحيحا شرعيا بوضع دستور , فاصبحت المساله مساله عنف وقسوه وغدر وغش وهذا هو ما ينبغى ان نذكره دائما , حتى لا نصيب الاسلام باذى ونلحق به شرور الناس .   

            يقول ابى بكر بن العربى فى كتابه العواصم من القواصم : اننا لا ينبغى قط ان نقول كلمه فى حق معاويه لانه كان من الصحابه ولا يجوز لمسلم ان ينقد صحابيا . ولنا فى ذلك راى اخر فنحن نرى ان نحترم كل صحابى بقدر ما افاد او قبس من نور رسول الله (ص) فبعض الصحابه مثل ابى بكر وعمر كان خلقهم كله اقتباسا من الرسول (ص) ولهذا فاننا نحترم كل تصرف لهما وكل كلمه قالاها , ولكن ما رايك فى عبد الرحمن بن عوف الذى قصد بالفعل ان يخرج عليا من الخلافه عندما ساله : هل تتبع خط الرسول وابى بكر وعمر ؟ فقال على : اننى اتبع خط الرسول (ص) ولكن ابا بكر وعمر صحابيان مثلى والله ارسل نبيا واحد هو محمد (ص) ولم يبعث ثلاثه انبياء فانا اتبع الرسول وسنته وانظر فيما فعل ابو بكر وعمر , فما رايت من الصواب فى عملهما فعلته , والا فاننى اجتهد برايى وعمر نفسه لم يعجبه الكثير من اراء ابى بكر فتركها واستشار الناس واخذ بالشورى .
     وانا اقول ذلك لان تحديد الفكر وتحريمه على الناس لا ياتى بخير ابدا . وهذا هو السبب فى ان الفكر السياسى عندنا اصيب بشلل فقد كان الناس ولا يزالون يقدسون جميع الصحابه حتى انهم لم ينتقدوا منه احدا .
   نحن فيما يتعلق بالماضى نميل الى الكذب ظنا منه ان ذلك يزيد من مجد العرب .
  

          انا اكتب هذه الفصول لكى اقول للناس , فليس هناك احسن ولا احلى من الصدق . واذا كنا لم ناخذ افكار التشريع السياسى الا من اهل الغرب ولم نعرف الدستور الا عن طريقهم فكيف يسالنى صديق قائلا : الم ياخذ اهل الغرب الدستور عنا ؟ وانا اقول له يا سيدى , انهم لم ياخذوا الدستور عنا بل نحن الذين اخذناه عنهم , وهم انفسهم قضوا فوق المائتى عام يفكرون ويعملون حتى انتهوا الى ضروره وضع دستور , اى قانون اساسى يحدد مده الحاكم الاعلى , ويضع حدود سلطاته وحقوق المواطنين , ويحدد مصارف المال العام . ولفظ الدستور نفسه ليس لفظ عربىا بل فارسى ومعناه فى الاصل : قالب الطوب الذى يصنع بمقاييس محدده , فاخذه المشرعون العرب فلا القرن الماضى واستعملوه بمعنى القاعده التى يعمل القانون الاساسى بمقتضاها . والدفتر الذى تكتب فيه وفى الاصلاح المعاصر مجموعه القواعد الاساسيه التى تبين شكل الدوله ونظام الحكم فيها ومدى سلطتها ازاء الافراد .
       ومن غريب الامر ان الجاحظ – رغم هذا الذكاء وبعد النظر – لم يكتب حرفا فى ضروره تشريع الخلافه وعذره هنا معروف وان لم يكن مقبولا فقد كان الرجل يكتب فى العصر العباسى وكان هو نفسه عباسيا , والعباسيون قد غصبوا الخلافه كما فعل بنى اميه . فكيف يستطيع الرجل ان يقول كلمه فى هذا المعنى , ولو انه قالها لخبط بالسيف وشك بالرماح .
    عشنا دائما فى ظل الاستبداد السياسى , ولم يؤذن لنا قط ان نقول كلمه حق , وكان اهل الغرب فى مثل حالنا حتى قامت الثوره الفرنسيه سنه 1789 , فالحق ان هذه الثوره اطلقت عقال الالسنه وفتحت الابواب على مصاريعها للحريه .

        ارجو ان القارىء الا يستهين بالثوره الفرنسيه , حقا ان الاسلام قرر قواعد الحريه السياسيه فى ايام الرسول , صلوات الله وسلامه عليه , ولكن المسلمين ابتداء من العصر الاموى حرموا الناس من حقوقهم السياسيه وكذلك العباسيون وكل دول الاسلام الى العصر الحديث , والعبره فى التاريخ بالحقائق الواقعه الى جانب المبادىء المعلنه .
       الحقيقه هى ان الحكم المطلق هو الذى كان يغير اخلاق اولئك الناس , فان الواحد منهم كان مستعدا لان يامر بقتل عشره الاف انسان اذا غضب او اذا خاف على ملكه .


0 التعليقات: