29‏/11‏/2014

حرب العصابات في قبرص 11

حرب العصابات في قبرص 11


      لقد كانت حركه التحرير القبرصية حركة ذات مضمون دينى عميق الجذور

 وتتجلى هذه الحقيقة فى الشعارات التى كانت تنادى بها الحركة والتى كانت تتكرر فى العبارات التالية : (اسم الثالوث المقدس) , وبعون الله ونستعين بالله فى اعمالنا فلقد كانت ايوكا شأنها شأن قدماء البيزنطيين تعد الشعب والدين شيئا واحدا لا انفصال لأحدهما عن الاخر

, ومما يدل على ذلك أن الشعب لم يكن ينظر الى مكاريوس كزعيم للكنيسة ورئيس اسقفتها فحسب , بل كزعيم للامه .

 واذا كان هذا المضمون الوحدوى للحركة مصدر قوة ايوكا فانه يمثل نقطة ضعفها فى الوقت نفسه وذلك فيما يتعلق بالروابط السياسية التى تربط اليونانيين بالاتراك .

      كانت الهجمات التى شنتها ايوكا صبيحة الاول من ابريل هجمات واسعة النطاق , وكانت على شىء من التنسيق مما يقطع بأن وراءها قوة موجهة واحدة وأن القائمين بها عناصر لها الالمام والخبرة بالفنون العسكرية , فلم تكن عملا من أعمال الهواة او الاستراتيجيين السياسيين الذين يعتمدون على حماس الأحزاب , كما ان الحرص الشديد الذى أبداه رماة القنابل ومفجرو الالغام للحيلولة دون وقوع خسائر فى الارواح قد فسر وبالأخص من جانب السلطات المسئولة على انه تخطيط يقصد به حقن الدماء خشية ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة .

    غير ان الحقيقة انه وراء كل ذلك تكمن خطط محدودة الهدف , منها اثارة اكبر ضجة ممكنة وانزال اكبر ضرر بالممتلكات الحكومية واثاره اقصى ما يمكن من الصعوبات فى وجه الاداه الحكومية املا فى تعدل الحكومه البريطانيه من سياستها وتقوم بمفاوضة القبارصة حول مستقبل بلدهم .

     اجل لقد خيل للقبارصة , على هذا الاساس انهم سيحصلون بدورهم على حقوقهم الوطنيه , غير انهم لم يحصلوا على شىء بمجرد المطالبة به مما اضطرهم الى اتباع الوسائل الحقيقة للظفر بمطالبهم , وهكذا اذا ما سدت الابواب فى وجه الشعوب المكافحة وحيل بينها وبين طريقها الطبيعى فى تحقيق التقدم تجد لسوء الحظ انه لا مناص لها من اللجوء الى الخنجر والمسدس والقنبلة , ففى مثل هذه المواقف تعد القوة مبررا اخلاقيا لتحقيق الهدف الوطنى .

      قد توالت الهجمات على المراكز والمنشات البريطانية وان لم تزد من حيث الشدة والنطاق , بل اصبحت تتم على فترات متقطعة , وكانتتسبب اضرار اقل مما سببته فى الليله الاولى .

      الحماس وحده لا يكفى اعداد الفرد للعمل الثورى , بل لابد من الاعتماد على التدريب والنظام لابقاء الثورة فى ميدان المعركة , وكان هذا ما يشغل بال ديجينيس بصورة رئيسية خلال الشهور التالية .

      لكن البوليس والجيش سرعان ما اكتشفا بعض المخابىء السرية , وصادرا منها كميات من السلاح والمواد المتفجرة كانت مخبأة فيها , وكان منها بعض الاسلحة والمسدسات الاوتوماتيكية بكميات كبيرة .
    ان هذا الحادث بالاضافة الى عدد من الاعتقالات التى قام بها البوليس واكتشافه لاسماء بعض قادة الحركة ارغمت ايوكا الى اللجوء الى الكفاح السرى , كما غرزت الاعتقاد بأن منظمة ايوكا يجب القضاء عليها وهى فى المهد حتى لا تشكل اى خطر , ولم يكن احد يدرك وقتئذ ان تلك العمليات ماهى الا مقدمات , وان الخطط قد وضعت لصراع طويل الاجل وان منظمه ايوكا كانت تمارس نشاطها لتوسيع نطاق عملياتها وتعبئة الشباب والفلاحين على مراى من رجال البوليس .

      من طبيعة الثورات الوطنية ان تترك اثرها على الافراد بصورة اقوى مما تتركه الحروب نفسها , والقضيه تتفرع على وجه التقريب الى اتجاهين واضحى المعالم : الامه فى جانب , والدولة المسيطرة فى جانب آخر , ويصبح قول الشاعر : بلادى وان جارت على عزيزة – هو المتنفس الوحيد لضمير الامة .


     هل ستعمد الحكومة الى فرض الأحكام العرفية وتطبيق نظام حظر الجولان ؟
     هل ستحل الأحزاب ؟
   وهل ستفرض الحظر والرقابة على الصحف ؟

    وأخيرا هل ستعلن الحكم العسكرى وتعطى البوليس صلاحيات أوسع على غرار ما فعلت فى سنة 1930 ؟ 

0 التعليقات: