تنقية أصول التاريخ الإسلامي 13
الدوله العباسيه تعانى منذ قيامها ازمه ماليه
لم ينقذها منها الا البرامكه فلما ذهب البرامكه ظهر الافلاس المطلق .
الرشيد اخطا خطا فاحشا فى حق الدوله
العباسيه عندما قضى على البرامكه لان البرامكه كانوا فرسا فى الاصل , ولكنهم
استعربوا فعلا واصبحوا يتصرفون تصرف عرب , ومهما بلغ من امر يحيى البرمكى فما كان
ليخطر بباله ان يضع نفسه فوق الرشيد , اما الفضل بن سهل كان يرى انه افضل من
المامون .
فى سنه 217 هجريه قتل المنصور عبدوس الفهرى
رأس الثائرين فى مصر , وفى نفس هذه السنه زاد المامون اعداد الجند الذين يجمعون من
الشام فجعلهم اربعه الاف وجعل الرزق الثابت لكل منهم مائه درهم للفارس غير الغنائم
والفىء , اما الراجل فكان رزقه اربعين درهما , وكذلك زيدت اعداد الجند من مصر
والجزيره .
وواضح ان المامون كان يستعد بذلك كله لامر
خطير , فقد كان يحس ان الناس منصرفون عنه وعن الدوله العباسيه جمله .
والفقهاء
خاصه كانت صلتهم به منقطعه تقريبا لانهم كانوا يرون انه يخالف الدين والحق انه لم
يكن على العقيده الصحيحه او ان تصرفه على الاقل كان يدل على ذلك , وهذا هو الذى
جعله يفكر فى مهاجمه الفقهاء واتهامهم بان ايمانهم بالاسلام ليس سليما وفى سنه 218
هجريه كلف المامون القاضى اسحاق بن ابراهيم بالشروع فى امتحان ايمان الفقهاء .
اراد الخليفه المامون ان يحدد من يريده بهذا الاذى فكتب الى ابراهيم
بن اسحاق فى اشخاص سبعه فقهاء اليه , قدر ان هؤلاء هم كبار الفقهاء الذين يريد ان
يعاقبهم , وهؤلاء هم محمد بن سعد كاتب الواقدى وابو مسلم مستملى يزيد بن هارون ,
ويحى بن معاذ وزهير بن حرب ابو خيثمه , واسماعيل بن داود , واسماعيل بن ابى مسعود
واحمد بن الدورقى .
القضيه هنا قضيه مكانه وسلطان لان المامون
احس انه لم يعد له سلطان كخليفه لان السلطان كان بيد الفقهاء فهم رؤساء الناس
واهل الدين والايمان , وهم رؤساء ذلك المجتمع اما هو اى المامون فليس بشىء , انما
هو رئيس رجال المال ورجال المال كلهم لصوص وناس بلا ذمه ولا ضمير .
واذن فان المامون لم
يكسب شيئا من وراء الخطوه الاولى فقد تبين بعد قليل ان احدا لم يفهم ما اراد
واستمروا يطيعون الفقهاء ولا يلقون بالا الى الخليفه ورجاله .
وفى الخطاب الثانى يتضح امران :
الامر الاول هو ان
الخليفه يقول : انه هو المسئول عن الدنيا وما فيها , وانه رئيس الخلق اجمعين
وعليهم ان يطيعوه .
الامر الثانى هو ان
القران مخلوق غير قديم .
ومع ان المامون لم يوفق فى احكام قضيته فان
نفرا من كبار الفقهاء ادرك غرضه , وعرف ان المراد تشكيك الناس فى ايمان الفقهاء ,
هنا ادركوا ان هذا الخليفه غافل تماما عن حقائق الامور فقرروا ان يخوضوا معه
المعركه .
هذه الجماعه من الفقهاء ادركت ان الذى يبحث
عنه المامون هو نصر حاسم وواضح على الفقهاء ليكون ذلك اعلانا صريحا بان رياسه امه
الاسلام هى فى الحقيقه لبنى عباس فقرروا التمسك بالحقيقه واعلان ان رياسه امه الاسلام
للفقهاء ( اى الدين ) وعلى راس هؤلاء احمد بن حنبل .
هذا ليس حديثا فى الدين او مناقشه فى عقيده
, انما هو ارهاب للناس . فمن قال ما يريد امير المؤمنين سكت عنه وتركه ومن لم يقل
فضحه ثم قتله .
ورجل واحد ثبت على رايه وكلامه لانه لم تكن
له عيوب دينيه او اخلاقيه ياخذها عليه المامون وهو احمد بن حنبل , وهنا نجده وقف
عاجزا لا يستطيع شيئا لقد حبسه وضربه دون ان يخرج منه بادنى نتيجه وحاول اخوان
احمد بن حنبل ان يصرفوه عن رايه فرفض وانهزم امامه المامون وخرج الفقهاء من محنه
خلق القران منتصرين .
والحقيقه ان السيف اخاف كل الفقهاء الا
اربعه على راسهم احمد بن حنبل وسجاده والقواريرى ومحمد بن نوح المعزوب .
على اى حال مات دون ان يبلغ على الفقهاء اى
نصر , مات واحمد بن حنبل فى اوجه يؤكد للناس باصراره واخلاقه ان زعامه امه الاسلام
للحق لا للقوه .
وقد شعر فقهاء المامون بخيبه امل لانهم
كانوا يرجون ان يتركوا كبار الفقهاء ويعلنوا انفسهم رؤساءهم فلم يوفقوا .
وقد اوصى المامون قبل موته بان يخلفه اخوه
ابو اسحاق الذى تلقب بالمعتصم ومن غريب ما يحكى الطبرى ان المامون وكان عليلا كان
جالسا على شاطىء نهر فى بلاد الروم يسمى اليدندون , وكان يستعذب ماء هذا النهر
ويجده احلى ماء فى الدنيا وتمنى ان يجيئه رطب يسمى رطب الازاد لياكله مع ذلك الماء
فجاء هذا الرطب واكل المامون واخوه وسعيد العلاف القارىء فمرضوا جميعا , والمامون
الذى اكل اكثر من غيره مات من هذا الرطب , فهل يمكن ان يقال ان هذا الرطب كان
مسموما ؟ ربما .
ملحوظة: - إيهاب - المؤلف رحمه الله واضح انه لا يعلم بالضبط المراد من قول المامون بخلق القرآن وما يتفرع عليها من تعطيل صفة الكلام لله سبحانه وتعالي لذا وجب التنبيه
0 التعليقات:
إرسال تعليق