29‏/11‏/2014

تنقية أصول التاريخ الإسلامي 15

تنقية أصول التاريخ الإسلامي 15


   فى صفر 252 هجريه بدات معركه اهل بغداد والعرب مع الاتراك وحلفائهم من المغاربه وقد تولى ذلك رجل يسمى محمد بن عبد الله فاحسن تسليح جنده وسار معه القهاء والقضاه فدعا الاتراك الى التوقف عن التمادى فى الطغيان واللجاج والعصيان وبعث لهم الامان واشترط ان يكون ابو عبد الله المعتز خليفه بعد المستعين فان قبلوا والا باكرهم بالقتال وقد تجمعت معه الالوف من اهل بغداد وجموع من الناس وارهبوا الاتراك والمغاربه فلم يستطيعوا قبالتهم , ولكن الاتراك مع ذلك ثبتوا متمسكين بامتيازتهم نازلهم الناس وقتلوا منهم واستمر القتال .

    وكان عدد القتلى والجرحى من الجانبين عظيما , وشيئا فشيئا بدا الناس ينتصرون على الاتراك , ثم دارت معركه مع اربعه الاف تركى فنهزموا وقتل منهم فى الموقعه الفان .

     تستمر هذه الاخبار التى توقع فى النفس الملل تجعل الانسان يحس ان التاريخ الاسلامى فقد شخصيته ورسالته : لان التاريخ اذا لم تكن له غايه او روح اصبح حديثا مكررا معادا لا معنى له .

     والحق ان تاريخنا فقد شخصيته وروحه منذ اصبح مجرد نزاع على السلطان فى ذاته , لاشىء اذا لم تكن له رساله , والاسلام هو رساله التاريخ الاسلامى , وفى عالمنا اليوم اغنياء يملكون الملايين ولكن حياتهم ممله ولا معنى لها حتى ان بعضهم يقتل نفسه , ولهذا فاننى رايت ان اقف عند هذا الحد من تاريخ بنى اميه وبنى العباس ويكفينى اننى صورت للقارىء خواء تاريخنا وفراغه مع انه فى الحقيقه ينبغى ان يكون اغنى التاريخ لانه تاريخ الاسلام والاسلام كله تقدم وخير .

    وليس ادل على ذلك من خبر الاطروشى , وهو الحسن بن محمد بن على بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب , فهذا الرجل العلوى راى انه لا معنى لان ينافس فى طلب الدوله الاسلاميه ويحاول انتزاعها من بنى العباس ففعل ما فعله ابن عمه ادريس بن محمد بن على بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب , عندما ذهب الى بلاد البربر وانشأ الدوله الادريسيه خارج نطاق الدوله العباسيه وخارج نطاق دوله بنى اميه فى الاندلس ايضا , واخبار هذا الاطروشى قليله لان مؤرخينا يشغلون فى العاده باخبار نزاع الترك والمغاربه والاشروستيه على الخلافه وهو نزاع مرير وفارغ وبلا معنى ولكن الاطروشى تنبه الى ان بنى العباس اهملوا فى نشر الاسلام فى نواحر طبرستان والبلاد الواسعه الواقعه بين نهر جيحون وبحر قزوين , وهناك بلاد واسعه دون اسلام , مع انها فى صميم بلد الاسلام , فذهب فى سنه 301 هجريه الى بلاد الديلم والجبل , وهى التى نسميها اليوم بلاد خوارزم , وهى بلاد واسعه وخصبه وغنيه يسكنها ملايين الناس , فراى ان ينشر الاسلام فيها لانهم كانوا اهل جاهليه , بل كان فيهم مجوس يعبدون النار فاجتهد فى نشر الاسلام فى هذه النواحى , وانشا دوله كبيره تعتبر من اعاظم دول الاسلام , ولا تقارن الاب الدوله الادريسيه واخبار هذه الدوله قليله لانها قامت فى بلاد واسعه ولكن ليس فيها شعب قائم بنفسه يؤرخ لبلاده .


    ثم جاء الاسلام فكان كذلك الى ان هدده الاطروشى , وكان بين الاطروشى والحسن بن القاسم الحسنى الداعى حروب على بلاد طبرستان , فكانت بينهم سجالا , وكان الحسن بن القاسم الحسنى الداعى قد نزل الرى وذلك سنه 317 هجريه فى جيوش كثيره من الجبل والديلم , ومعه ما كان بن كالى الديلمى احد فتاك الديلم ووجوهها , فاخرج عساكر نصر بن احمد بن اسماعيل بن احمد صاحبه عنها ,

 واستولى عليها وعلى قزوين وزيخان وقم وابهر وغير ذلك مما اتصل بالرى فكتب المقتدر الى نصر بن احمد بن اسماعيل بن احمد صاحب خراسان ينكر عليه ذلك , ويقول انى ضمنتك المال والدم , فاهملت امر الرعيه واضعفتها واهملت البلد حتى دخلته المبعضه والزمه اخراجهم عنه , فوقع اختيار نصر صاحب خراسان على اتفاق رجل من اصحابه من الجبل يقال لواحد منهما اسفار بن شيرويه واخرج معه ابن المحتاج الجبلى فيمن معه من الجيوش الى حدود الرى فكانت الموقعه بين شيرويه 

الجبلى وبين ما كان بن كالى الديلمى وقواده مثل مشير وتالجين وسليمان بن شركله الاشكرى  ومراد الاشكرى وفشونه بن وفشونه بن اومرك فى اخرين من قواد الجبل , فحمل عليهم ما كان بن كالى فى نفر من الاتراك فولى ماكان بن كالى ودخلا بلاد طبرستان وانهزم الداعى بين يديه وما كان بن كالى على حاميته , فلحقته خيول خراسان والجبل الديلم والاتراك فيهم اسفار بن شيرويه ومضى ماكان لكثره الجيوش وانحاز الداعى وقد لحق بقرب امل قصبه بلاد طبرستان الى طاحونه هناك , ولحق ما كان بالديلم واستولى اسفار شيرويه على بلاد طبرستان وجرجان وقزوين وزيخان وابهر وقم وهمذان والكرخ ( الكرج ايضا ) لصاحب خراسان واستوثقت له الامور وعظمت جيوشه وكثرت ودعا اعوانه وتجبر وشقى , وكان لا يدين عمله الاسلام , وعصى صاحب خراسان وخالف عليه , واراد ان يعقد التاج على راسهوينصب بالرى سريرا من ذهب الملك

, ويتملك على ما فى يديه مما قد ذكرنا من البلاد ويحارب السلطان وصاحب خراسان . فسير الحضور هارون ابن غريب فى الحال نحو قزوين فكانت له معه حروب , وانكشف هارون وقتل من اصحابه خلق كثير , ويكفى هذا القدر من ذلك الخبر الهام لامه طويل , وهو مثال هام من اخبار هامه ورئيسيه ونحن لا نعرف عنها شيئا , لان الحقيقه اننا لا نعرف الكثير من حقائق تاريخ الاسلام فهذا تاريخ دوله اسلاميه كبرى ادخلت فى الاسلام ملايين البشر ومساحه ضخمه من هذه الارض وقد انشاها وقام عليها رجل واحد من الطالبين وهو الاطروشى هذا .

 وقد لقب بلالطروشى لانه كان قليل السمع , اى انه كان يعانى من ضعف سمعه ولكنه مع هذا استطلع ان يكمل مساحه الاسلام من هذه الناحيه التى يقع فيها اليوم جزء كبير من بلاد ما وراء النهر وروسيا الاسلاميه . فهذه بلاد خوارزم وطبرستان . بهذه المناسبه احب ان انبه الى ان الاسلام باق فى تلك البلاد الى يومنا هذا , لان الاسلام اذا دخل بلدا لم يخرج منه ابدا , الاسبان والكاثوليك لكى يتخلصوا من المسلمين ابادوهم بصوره بشعه وهذه فضيحه من فضائح التاريخ , ومازال البشر يذكرونها الى اليوم للاسبان او قل للكنيسه الكاثوليكيه

, لان تلاك الكنيسه هى دون شك الد اعداء الاسلام وما زالت لانها زائفه والاسلام حقيقه ولكنه زيف مرتب ومنظم , اما نحن فعلى الرغم من اننا على الحق فاننا فى فوضى دائما , وفى اليوم الذى نتخلص فيه من الفوضى سنسود الدنيا , اقصد ان الاسلام دين الله , ولابد ان يعم الدنيا مهما كانت العقبات فى طريقه .


0 التعليقات: