29‏/11‏/2014

حرب العصابات في قبرص 3

حرب العصابات في قبرص 3
أيوكا – ديجينيس :

    عندما بدأت هاتان الكلمتان تظهران لاول مره على صفحات المنشورات فى قبرص لم يكن رجل الشارع القبرصى يعرف ما الذى كانتا ترمزان اليه ؟ وكان لابد من مضى عده اسابيع قبل ان يعرف الجمهور فى قبرص ما ترمز اليه الحروف الاولى للفظه ايوكا اما ما كانت ترمز اليه كلمه ديجينيس فقد ظل الرجل الذى استعار هذه الاسم من اسماء الاساطير الاغريقيه , اذا استثنينا القله من خاصته – قوه مجهوله لم تعرف على حقيقتها الا بعد انتهاء فتره الطوارىء فى قبرص .

     اما نشاط جريفاس بعد هذه الفتره فمعروف جيدا , بل وجدير باهتمامنا بصوره خاصه , لانه يلقى على شخصيته : فخلال الاحتلال الايطالى – الالمانى لليونان اشرف جريفاس على تنظيم حركه المقاومه ذات الاتجاه اليمينى وكانت تدعى حركه خى , وتختلف حركه خى عن كثير من مثيلاتها من حركات المقاومه بانها لم تكن تقوم على اهداف سياسيه , ولهذه الاسباب فشلت هذه الحركه على الصعيد القيادى , ولم تكن تزيد عن كونها اداه فحسب .

وعلى حين كان طابع الحركه عسكريا فانها كانت ذات قوميه , وكانت تتالف فى الغالب من ضباط مسرحين وبعض المدنيين الذين لم يكن لهم اى اتجاه سياسى معلوم , وكانت مهمتها تنحصر فى تنظيم وحدات المقاومه الوطنيه لمقاتله الغزاه بجميع الوسائل الممكنه , وبمواصله القتال الى جانب الحلفاء حتى بعد تحرر اليونان . حاولت منظمه خى كثيرا الحصول على اعتراف كل من حكومه المنفى اليونانيه والقياده العامه للقوات البريطانيه فى الشرق الاوسط .

      لقد ظلت حركه خى طوال سنوات الحرب منظمه عسكريه سريه , تدين بالولاء للعرش اليونانى , ولكن بدون ان تكون لها قاعده سياسيه . الا ان جريفاس حول هذه الحركه بعد الحرب الى حزب سياسى باسم حزب خى الو قرر به الدخول الى المعترك السياسى ولكنه سرعان ما فوجىء بالناخبين يرفضونه بعد ان اوشك حزبه ان يفوز بنصف الاصوات .
    وليس هذا فحسب بل اعرض عنه حتى السياسيون الذين افادوا من اعماله ! وهكذا تراءت حياته السياسيه من جميع الوجوه وكانها قد انتهت .

     لنستمع الى ميخائيل ميتاس وهو يصف جريفاس فيقول عنه انه كان متواضعا , هادىء الطبع , يندر ان يسير بغير كتاب او صحيفه فى يده , يشبه مدرسا طويل القامه جذاب الشخصيه يجمع بين مهنتى التدريس واداره الفنادق . وكان لا يشرب الخمر ولا يدخن او يلعب الورق , ويرتدى دائما احسن البدل المصنوعه من اجود الاقمشه , وكان يقضى الساعات الطوال فى المقاهى , يحيط به مجموعه من السيدات اللاتى يلعبن الورق او الرجال الذين يتناقشون معه او يشربون على حين يجلس هو فى وسط هذا الجمع مستغرقا فى التفكير او فى المطالعه , وكان لا يشترك فى النقاش الا نادرا , وان اشترك ففى احاديث عاديه لا اكثر ولا اقل , وكانت اسئلته تدور دائما عن اهل البلاد وظروف معيشتهم وللاستفسار عن اسماء المناطق المختلفه , ولم اره يشترك فى حديث جاد الا مره واحده مع جماعه من الناس وكان يقف على شرفه البيت .



         خلال تلك الزياره الترفيهية التقى جريفاس بمكاريوس الذى كان قد اعتلى منذ بضعه اشهر كرسى الاسقفيه فى قبرص , كانا صديقين قديمين منذ ايام الاحتلال حين كان مكاريوس يعمل شماسا فى اثينا وجريفاس شخصا مطاردا . لا احد يعرف ما تمخض عنه ذلك الاجتماع ,

 غير ان مكاريوس صرح فى بدايه العام التالى بان الشعب قد اصبح مستعدا لمعركه قبرص .

الا انه لاشك فى ان مكاريوس بهذا البيان كان يعنى شيئا حقيقيا .

 وان ما لدى من معلومات تدفعنى الى الاعتقاد بان فكره المقاومه عندما طرأت على الرجلين كانت غامضه جدا ان لم تكن من قبيل التعللات الخائبه فى تلك المرحله . 

0 التعليقات: