29‏/11‏/2014

حرب العصابات في قبرص 2

حرب العصابات في قبرص 2


هذه الحرب قد سببت حزازات وأحقاد بين اليونانيين والأتراك من سكان قبرص وبين اليونانيين أنفسهم ايضا , فقد كانت أيوكا قاسيه جدا تجاه المخبرين وضعاف النفوس بمثل ما كانت قاسيه على نفسها وعلى كل فرد من افرادها يخون العهد او ينتهك حرمه ميثاقها , على ان شيئا واحدا كان واضحا فى هذه الحرب الا وهو ان القبارصه كانوا يحاربون الانجليز من اجل حريتهم .

    الشخصيتين اللتين كانتا محور الصراع هما الاسقف مكاريوس والعسكرى جريفاس اللذين اصبحا رمز القضيه القبرصيه .

(الأسقف مكاريوس يمثل الجناح السياسي ، وجريفاس يمثل الجناح العسكري مؤسس منظمة أيوكا)

    كان مكاريوس يعلم ان السلطه للمجلس الكنسى – وان كانت قويه فى الظاهر – كانت سلطه هشه فى الحقيقه – لانها لم تكن تقوم على اسس ثابته ولم تكن تعتمد على شىء ما عدا نفوذها الشخصى على القدوه الحسنه , اما بالنسبه الى تاييد الشعب فلم يكن واثقا منه تماما .

    لم يحاول مكاريوس التقليل من قيمه دور الكنيسه فى الحركه الوطنيه بوصفها العمود الفقرى للنشاط الوطنى , وانما ساهم فى دعم نشاطها , كما اتجه الى المنظمات الوطنيه التى تتالف من نقابه العمال الحره واتحاد الزارعين ومنظمه الشباب الارثوذكسين المسيحيين وجمعيات الشباب وبالاخص شبان المدارس الثانويه والمعاهد الدينيه , ودعاهم جميعا الى تركيز جهودهم فى قضايا اهم , مع استمرارهم فى الوقت نفسه فى دعم منظماتهم ورفع مستواها .

    كما كان يقضى فى المنازعات الشخصيه , وحينما يقدم المساعدات الماليه , اذا ما اقتضت الضروره ذلك , وفى كل ذلك كان مكاريوس يؤكد ضروره تمسك الجميع بالنظام والايمان المطلق بالكفاح فى سبيل الحريه القوميه . ونتيجه لهذه الجهود تحولت كل المنظمات الوطنيه الى مراكز للتجمع القومى الذى انبثقت عنه فيما بعد منظمه ايوكا الثوريه .

     اخبرنى احد النقاد القدماء الذى كان يعتقد ان مكاريوس قد اخذ يركز كثيرا من السلطه فى يده : ما عليك الا ان تطلب مقابله الاسقف حتى تستدعى على الفور الى قصره حيث تدخل حجره مفروشه بالسجاد الاحمر , وفى احد الجوانب القاعه الكبيره ترى الاسقف جالسا على مكتبه فوق منصه تعلو قليلا عن الارض , فيستقبلك بابتسامه عريضه , ويمد لك يده لتقبلها مما يجعلك تشعر بانك شخص ادنى مرتبه منه , وان علاقه غير متكافئه تربط بينك وبينه مما يحول بينك وبين ان تفكر فى الدخول معه فى خلاف , ولكنك تستطيع ان تحدثه فيما جئت فيه بكل هدوء , وتراه يصغى اليك فى اناه واهتمام , واذا ما توقفت عن الكلام طالبك بالاستمرار فى حديثك حتى تنتهى مهمتك , عندئذ تنهض واقفا وتقبل يده مره اخرى وتغادر القاعه وانت تتساءل فيما بينك وبين نفسك : هلى مقابلتك له كانت ذات اهميه على الاطلاق ؟ وهل اى شىء مما قلته قد نفذ الى نفسه أو أثر عليه ؟ .


      لقد اخذ ديجينيس يحوز بالتدريج شعور الاعجاب والاحترام بين الضباط الانكليز , لقد كان بالنسبه اليهم خصما عنيدا يتمتع بذكاء خارق وقدره لا نظير لها . وانه من العادات الماثوره عند الانكليز انهم يعترفون لصاحب كل فضيله فضيلته , حتى لو كان خصما لهم , غير انى تبينت فى هذا الجانب بالذات اشياء اخرى , وهو ان هذا الموقف فى تصورى يمثل اعترافا من الانكليز بعداله القضيه التى كان ديجينيس يدافع عنها .

0 التعليقات: