30‏/11‏/2014

حرب العصابات في قبرص 16

حرب العصابات في قبرص 16


تكتيكات التخفى :

      لقد اظهر ديجينيس فى عملية تخطيطه واختياره للمواقع حصافة عسكرية مدهشة , وكانت تعليماته فى هذا الصدد قاطعة , فقد كان رجال العصابات يلبسون فوق احذيتهم أكياسا من الخيش أو القماش عند دخولهم المخابئ وخروجهم منها حتى لا يتركوا اثار أقدامهم ورائهم . وكانت المسالك المؤدية الى المخابئ تسير فى خطوط متعرجة كما كانت هناك تعليمات مشددة بألا يتركوا الفضلات أو الزبالة خارج المخابئ لأنها تجتذب الطيور . وكان استخدام النار او اى نوع من الاضاءة محظورا حظرا باتا ,

وكان الدخول الى المخابئ لا يتم الا فى ساعات الليل حيث يتعذر اكتشافها من قبل أى أنسان . وكان الثوار يعمدون الى نثر مسحوق الفلفل حول المنطقة لتعطيل حاسة الشم فى الكلاب البوليسية التى كان يطلقها الجيش لاقتفاء اثار الثوار وخصوصا بالقرب من المخابئ وقد سبب هذا ارتفاعا كبيرا فى أسعار الفلفل , وأزاء هذا الوضع وجد تجار قبرص أنهم مضطرون الى ان يوفقوا بين مصلحتهم التجارية وواجبهم الوطنى .

     وكانت العمليات غالبا تبدأ من هذه المخابئ حيث يخرج منها الثوار فرادى وجماعات يتجه كل منها فى أول الأمر الى مستودعات التموين ثم يعودون , فيلتقون فى أماكن يتفقون عليها من قبل وفى وقت معلوم , وكانت العادة أن يعمل أفراد العصابات بعيدا عن مقر سكنهم , وكان من النادر أن يعودوا الى بيوتهم , ويتلقى أفراد العصابات كل الارشادات عن طريق حصولهم على ما يحتاجون اليه من الطعام والمخابئ التى ينبغى أن يلجئوا اليها  فى تنقلاتهم عند الضرورة , والأوقات التى يجب أن يعودوا فيها والاشارات التى قد يتلقونها من قيادتهم .

      وقد يبدو من هذا السرد أن عمل رجال العصابات سهل غير أن ثمة كثيرا من الصعوبات التى ينبغى أن يدخلوها فى حسبانهم : فهناك مثلا قوانين منع التجول والدوريات العسكرية التى تقوم بحراسة مداخل القرى والتى قد تشمل مراقبة مساكن وبيوت المتعاونين مع منظمات الثوار ومؤيديهم مما يجعل بعض المواطنين يترددون فى السماح لافراد العصابات باللجوء الى بيوتهم , وقد يعنى هذا احيانا ان تضطر فرق العصابات الى قطع مسافات طويلة قبل أن يجدوا قرية أو بيتا يأويهم .

      وبالمثل لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لسكان القرى , وقد حدث فى أحدى المرات أن دخل رجلان يرتديان أسمالا أحدى القرى وطرقا أحد بيوت القرية , ففتحت فتاة من أهل البيت الباب , ولما رأياها قالا لها : أنهما من اعضاء منظمة أيوكا وقد جاءا هاربين , وطلبا منها ان تسمح لهما بالمبيت فى منزلها ليلة واحدة . فردت عليها الفتاة بأنه ليس فى المنزل سوى شخصين , وهى وأمها وأنه لا متسع بالبيت لايوائهما , ولكن الرجلين عادا يلحان على الفتاة بأن تسمح لهما بالمبيت ليلة واحدة فقط . فأبدت الفتاة أسفها لاستحالة ايوائهما . وقد كانت الفتاة على حق حين رفضت استقبال الطارقين بمنزلهما

. لأن الصوت قد سبق ان حذرهم بعدم ايواء شخص ما لم يكن معروفا لدى أصحاب البيت معرفة شخصية وبألا يقدموا أى شئ من نقود أو طعام أو ملابس , ما لم يكونوا على معرفة بالأشخاص ويثقوا فيه ثقة تامة .


      وكان الصوت هو الرمز للتعليمات التى كانت تصدر للقرويين عامة عن طريق مكبرات الصوت . وقد يحدث أن تنطلق أجراس الكنائس فى بهيم الليل ويكون الغرض من دق الأجراس تحذير أهالى القرية عن خطر محتمل الحدوث , او قد يكون اعلان عن مرور دورية بريطانية او اقترابها من منطقة المخابئ أو أن ثمة أنباء هامة أو موجزا لاخر منشور صدر من ديجينيس سوف يذاع , أو أن هناك مهمة معينة يتحتم القيام بها .

0 التعليقات: