حرب العصابات في قبرص 15
واقعة مرسناكى قد برهنت لايوكا أن الحماس وحده لا يكفى , وأنه لا بد من
توجيه اهتمام أكبر لتدريب الاعضاء وتخطيط العمليات , ومن ان تكون معلوماتها عن
تحركات البوليس معلومات دقيقة كما تيقنت وجوب تحسين أجهزة مخابراتها .
المعركة التى جاءت خاتمة لحياة دراكوس كما
رواها لى الجندى البريطانى الذى قتل دراكوس وبرغم أصابته اصابة مميتة فقد استمر
دراكوس يطلق النار من مدفعه وذلك ليحمى مؤخرة رفاقه وليمكنهم من الهرب , ثم صوب
مسدسه على نفسه .
قبل تنفيذ حكم الاعدام (على زاكوس ورفاقه)
بأيام قليلة كانت ايوكا قد اختطفت شيخا انجليزيا يدعى جون كريمر وكان يعيش فى قبرص
منذ عدة سنوات . وقد ألعنت أنه اذا ما نفذ حكم الأعدام فى زاكوس ورفاقه فأنها سوف
تنفذ حكم الأعدام فى كريمر مقابل ذلك , لقد كان لهذا التحدى الذى لا مبرر له وقع
اليوم لدى الجميع حتى ان زاكوس نفسه قد انزعج منه وطلب الى المحاميين عنه ستليو
بافلديس وثاسوس بابادوبولو أن يبدلا أقصى ما فى وسعهم للابقاء على حياة كريمر .
وقد تقدم الأثنان برجاء الى ديجينيس بهذا المعنى , وقال زاكوس للمحاميين : ان ما
فعلته فعلته بمحض ارادتى وان كريمر برئ وليس على البرئ حرج .
وقد أذيع الرجاء من محطة الاذاعة , ثم جرت
اتصالات عن طريق رجال الكنيسة تعزيزا لذلك , وقد وافق ديجينيس فأطلق سراح كريمر .
ان تلك البادرة من زاكوس , والزيارة التى
قام بها الجندى البريطانى لوالدة دراكوس انما هما ومضات انسانية , لكنها لم تجد
لها صدى فى الأوساط العليا .
رساله زاكوس لأخيه
قبل الاعدام :
( فى اللحظة التى تصلك رسالتى هذه أكون أنا قد
أنتهيت ّ وهل نحن خالدون فى هذه الحياة ؟ لأن اللحظات الأخيرة من حياتنا تقترب ,
غير أننا فى أعماق نفوسنا نشعر بالطمأنينة التامة , اذ فى هذه اللحظات بالذات نحن
نستمع الى سيمفونية ارويكا لبيتهوفن , وفى الموقف الذى نحن فيه لا يمكننا حتى
بمعاونة المجهر أن نكتشف الجانب الفاجع فى الموت . ولقد كنت سأشعر بالأسى حقا لو
كنت استطيع بنجاتى من حبل المشنقة أن أظل شابا وخالدا على مدى الأيام , أما الأن
ففى وسعى أن أتصور , ونتيجة لذا الحكم فقط , فأننى سأظل شابا وسأظل خالدا , وعلى
؟أية حال فقد كان لابد لى عاجلا او اجلا أن أموت , ولست أعرف مناسبة أصلح لتحقيق
هذه الفكرة من هذه الفرصة . حاول يا أخى أن تشجع أفراد أسرتنا على تحمل هذه المصاب
, وبالاضافة الى ذلك أن ترعى والدتنا وتواسيها فمنذ الان ستكون أنت لا أنا – ابنها
الاكبر . . أنى اعانقك . اخوك اندرى ) .
وصف لحال البلد قبل
الاعدام :
لقد قضت نيقوسيا ليلة خيم فيها الصمت على
المدينة , فقد لزم جميع المواطنين ممن لا تزيد سنهم على 27 عاما عقر بيوتهم من
غروب الشمس حتى شروقها , وقد شاركهم الكبار أيضا فلم يبارحوا دورهم , وأغلقت
الملاهى والمقاهى أبوابها فى وقت مبكر , وقد رابط أكثر من عشرين صحفيا خارج أسوار
السجن وكانت أناشيد السجناء تخترق أسوار السجن لتصل الى مسامعهم . وقد اشترك جميع
السجناء فى ترديد الأناشيد الحماسية والموكبية والملاحم الشعبية الوطنية . وقد دام
هذا الوضع عدة ساعات , وكانت الأصوات تسمع فى معظم أحياء المدينة على حين كانت
نساء قبرص يصلين داخل بيوتهن كما كان الرجال يبكون . كان الوقت قد تجاوز منتصف
الليل عندما سمعت أصوات من خلف زنزانات المسجونين تشير الى أنهم فى طريقهم الى
ساحة الأعدام , وعلى الفور 700 نزيل من نزلاء السجن , وأخذوا ينشدون نشيد اليونان
الوطنى , وحين بلغهم أن السجين الأول قد صعد الى المشنقة توقفوا فجأة وخيم السكون
على أرجاء السجن وعلى المدينة كلها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق