27‏/11‏/2014

تنقية أصول التاريخ الإسلامي 11

تنقية أصول التاريخ الإسلامي 11


            الاحظ مره بعد اخرى اننا فى الواقع نجهل حقائق التاريخ الاسلامى ولا نكلف انفسنا جهدا ومن هنا فاننا نردد سواء فى الكتب العامه او المدرسيه صورا تقليديه وضعها مؤرخون محدثون بضاعتهم من التاريخ قليله وفهمهم لحقائقه مضطرب وحافل بالاخطاء .

      وربما كان اول من تنبه الى ضروره تقويم هذا التاريخ وبدأ عمليه الاصلاح هو الشيخ محمد الخضرى الذى يعتبر بلا شك من عمد التاريخ المسلمين فى عصرنا الحاضر .

    وثانى المفكرين المحدثين الذين تناولوا هذا التراث الواسع بالدراسه والنقد واحسنوا التاليف فى الحضاره الاسلاميه والفكر العربى هو جورجى زيدان الذى اكثر الناس من الاساءه اليه فى حياته ومازال بعضنا يسىء الظن به الى الان ولكن الرجل كان دون شك مفكرا ومؤرخا جادا واصيلا وصاحب اثر بعيد فى فكرنا المعاصر .

      الحقيقه ان الخليفه العباسى الوحيد الذى كان يقدر مسئوليته ويقوم بها خلال العصر العباسى الاول هو ابو جعفر المنصور . وكان المنصور اداريا عظيما وماليا دقيقا . فقد احكم تنظيم دولته اداريا .
      الدوله العباسيه نشأت فى جزء من دوله الفرس القديمه , وورثت اسليبها الماليه وان اعطتها اسماء عربيه . وقد كانت موارد الاموال بالنسبه للدوله العباسيه هى الخراج والجزيه والزكاه  والفىء .


      والدوله الاسلاميه اصبحت فى ايام ابى جعفر دوله اسيويه وجهتها اسيا ولهذا حرصت على الا تفقد شيئا من اراضيها الاسيويه حتى السند والتبت كانت الدوله حريصه على سلطانها فيها وجمع المال المستحق منها . فى حين ان الدوله الامويه كانت دوله متوسطيه متجهه بوجهها نحو البحر المتوسط وحضاراته , وكان تطور الدوله فى العصر الاموى بحريا متوسطيا فاهتمت بالاساطيل والموانىء وكل ما يتصل بالبحر وشئونه وكان اهتمامها بالتجاره عظيما اما الدوله العباسيه فاهملت الى حد بعيد شئون البحر والسفن والموانىء والتجاره .

     وكان المنصور مقتصدا جدا فى شئون النساء , حتى انه لم يتزوج الا امراه واحده وهذه طبيعه وخلق فيه , ونجد هذا الطبع فى الكثير من الناجحين من رجال الدوله الاسلاميه , مثل عبد الرحمن الداخل , وعبد الرحمن الناصر .

     المشكله الكبرى التى اضعفت خلفاء بنى العباس وضيعت الدوله العباسيه اخر الامر هم رجال الدوله (اى رجال الاداره من الوزراء)  فهؤلاء كانوا بالفعل على مستوى متواضع من الكفاءه كانت تسيطر عليهم الانانيه المفرطه والسبب فى ذلك هو ان العباسيين كانوا يعرفون من اول الامر انهم غاصبون , وان الشعب لا يحبهم ول يؤيدهم لان راى الناس كان ان بنى على ابن ابى طالب هم اصحاب الحق فى هذه الدوله لانهم فى الحقيقه كانوا خيره بنى هاشم .



     ومن اكبر الادله على الشعور بان العباسيين غاصبون وان امه الاسلام لا تريدهم هو مقتل ابى سلمه الخلال وزير ال محمد وما كان من الغدر بابن هبيره ثم مقتل ابى مسلم الخرسانى على صوره بالغه البشاعه , كل ذلك ابعد العباسيين عن قلوب الناس وجعل تعلقهم الحقيقى يتجه نحو الفقهاء فهم كانوا فى الواقع رجال امه الاسلام يتعلق بهم الناس فى كل مكان .وكان كبراء الفقهاء يتحاشون اى اتصال وثيق بالعباسيين وهذه هى (الحاله) التى اخذت صورتها الحاسمه فى محنه خلق القران .


      ثم ان غدر هارون الرشيد بالبرامكه كان له صدى فى قلوب الناس لان البرامكه وان كانوا فرسا فانهم كانوا محسنين ومخلصين وقد تصرفوا فى امور الدوله باذن ورضا من العباسيين وكانوا فى الواقع محسنيين وكرماء وفضلاء , فكان يحى البرمكى رجلا كاملا فاضلا , وقد اخلص فى خدمه بنى عباس واستخدم مواهبه الاداريه الكبيره فى اداره الدوله بعد المنصور , ولم يقل احد قط انهم كانوا مسيئين او لصوصا ولولاهم لما استطاعت الدوله العباسيه ان تقر فى مكانها , خاصه ام المهدى ثم الهادى لم يكوناعلى شىء يذكر من الكفاءه , واذا كان المهدى قد حدد للدوله رسالتها الحقيقيه وهى حمايه السنه والقضاء على الزندقه , فان الهادى لم يكن بشىء , وكان فى عزمه ان يخلع اخا هارون الرشيد عن ولايه العهد , لولا انه مات قتيلا على صوره غير واضحه والراى السائد عند المؤرخين القدامى هو ان التى دبرت موته كانت امه الخيزران وكانت من اقدر النساء وكانت عوطفه مع ابنها الاصغر وهو هارون الرشيد .     

0 التعليقات: