حرب العصابات في قبرص 18
الطرف السياسى
(المفاوض) :
وفى اليوم التالى أجتمع هاردنج بالأسقف
مكاريوس وتم الأجتماع فى فندق نيقوسيا الرئيسى , ومع كل منهما مستشاروه السياسيون
وقد أفاض هاردنج فى الحديث عن أهمية قبرص لحلف شمال الأطلنطى فى مواجهة التهديد
الشيوعى للعالم الغربى وعن ضرورة وحدة الحلفاء الغربيين , كما أعرب عن رغبته فى
الوصول الى صلح . كل هذا الاجتماع بالنسبة الى هاردنج ذا طابع استطلاعى بحت , اما
الاسقف الذى رأى فى هاردنج مفاوضا عنيدا متسلحا بالحجج فقد قال ان كل ما يطلبه شعب
قبرص هو منحه فورا حق تقرير المصير .
كان هاردنج قد عاد من لندن وفى جعبته
برنامج شامل للتنمية الأقتصادية والأجتماعية تبلغ تكاليفة نحو 38 مليون جنيه فانه
لم يأت معه بأى شئ محدود أو مشجع بالنسبة الى المستقبل السياسى للجزيرة .
مقارنة بين الغريمين
:
على الرغم من أختلاف منبت الرجلين , و
أختلاف نظريتهما ونشأتهما فقد كان ثمة أشياء كثيرة تجمع بينهما : فكلاهما ينحدر من
أسرة الفقير , فالحاكم هاردنج بدأحياته موظفا فى مصلحة البريد وارتقى الى تلك
المرتبة العسكرية بجهده وكفايته , وان كان للحظ فيها دور كبير , أما مكاريوس فقد
هجر بيئته الفقيرة وسنة احدى عشرة سنه ليدخل الدير كراهب تحت التمرين .
وقد لعب
الحظ والكفاية الشخصية دورهما ايضا فى بلوغه المركز الذى بلغه بين رجال الكنيسة ,
كما أن كلا الرجلين قضى حياته فى رحاب معهدين بارزين هما الجيش والكنيسة . وكان كل
منهما يدرك ما يتطلبه هذان المركزان من الأستقرار فى شئونهما , كما كانا يدركان أن
أى فشل يصيبهما فى الحياة السياسية ينبغى ألا يؤثر تأثيرا كبيرا على مسئولياتهم
الأخرى .
وبرغم ما كانت تتسم به حياه الرجلين من
تقيد النظام , وبرغم تمرسهما الطويل بأساليب الطاعة والقيادة – فقد احتفظا بذهن
متفتح نير , وكان كل منهما يفهم هدفه فهما واضحا : هاردنج كان الرجل العملى الدقيق
ذا الأدراك الواسع , ولكنه لم يكن صبورا .
أما مكاريوس الرجل العميق المتأمل فكان
برغم الخبرة التى تجمعت لديه من خلال الدور الذى كانت تلعبه الكنيسة الاغريقية
الأرثوذكسية فى الحياة السياسية لقبرص – كان حذرا الى حد الأفراط , بل أذا أقتضت
الضرورة كان صبورا الى درجة الخطورة.
أن الوفاق بين القوى التى تقف وراء كل
منهما كان امرا متعذرا , وقد أخذ هاردنج
يلح على مكاريوس بأن يصدر بيانا يستنكر فيه أساليب العنف التى كانت تقوم بها ايوكا
.
صرح أحد المسئولين
الرسميين :
أى حل أخر سوف يعنى أننا رضخنا للأرهاب .
وربما كان هاردنج يرى الرأى نفسه ومع كل فقد كان هاردنج مخلصا فى اعتقاده بأنه عن
طريق ذلك الحل أمكن التغلب على كثير من المشاكل العويصة وأنه هو و الأسقف يستطيعان
بعد ذلك أن يتفرغا لمسئوليتهما .
وما دام الأنفاق قد تم على الخطوط الرئيسية فانه
يمكن التفاهم على التفصيلات بصورة تدريجية مع مرور الوقت .
غير أن عقلية الأسقف
كانت من تركيب أخر , فهى قد تعودت التركيز حول التفاصيل ومراقبة الأثر الذى تحدثه
على البناء الكلى للمشكلة كما أن الخبرة الطويلة التى ورثها من الكنيسة كانت له
دائما بمثابة الذى يذكره بأن الاتفاق على الخطوط العامه لا يصل الى مستوى
الأهميه للأتفاق أو الأختلاف على النقاط
الصغيرة أو الغامضة لأية فكرة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق