حرب العصابات في قبرص 24
وقد رد ديجينيس على بيان حكومة قبرص بكلمة قصيرة قال فيها : ان المنتصرين
لا يستسلمون ابدا واضاف انه اذا كانت السلطات مازالت متمسكة بسياستها , فان قواته
سوف تستأنف نشاطها اعتبارا من صباح يوم 28 من أغسطس . .
لقد ترك رد هاردنج المعادى
لعروض الهدنة انطباعا سيئا فى كل مكان . .
ففى قبرص اشاع البيان خيبة أمل عميقة و
اعتبرت شروط هاردنج شروطا مهينة . .
وعلى الأثر قام بعض طلبة المدارس فأسرجوا
حمارا ووضعوا فوق مؤخرته لافتة كبيرة كتبوا عليها العبارة التالية (أنى استسلم
أيها المارشال) وتركوا الحمار يطوف شوارع نيقوسيا , ليستقبله الجمهور بعاصفةمن
التصفيق والضحك . .
وقد أرادت ايوكا من هذا العمل أن يفهم الرجل العادى أن
الاستسلام هو من عادة الحمير .
حرص ديجينيس على ألا يهاجم رجال ايوكا أحدا
من الجنود الفرنسيين مهما بلغ الأمر , بل أوصاهم بمحاولة كسب صداقتهم ما أمكنهم
ذلك , وبأن يعرضوا عليهم شراء اسلحة منهم . .
وقد ارسل ديجينيس نسخة من القسم
الأول لهذه الأوامر الى قائد القوات الفرنسية فى قبرص , وبهذا الأجراء سهل للجنود
الفرنسيين الانتقال بحرية وارتياد الملاهى واندية الترفيه امعانا منه فى مكايدة
البريطانيين الذين كانوا محرومين من هذه الأشياء .
وقد استفاد من هذا الاجراء عدد
كبير من مراسلى الصحف ووكالات الأنباء المنتمين الى جنسيات غير الجنسية الانكليزية
, وقاموا برفع لافتات على سيارتهم تحمل جنسياتهم مكتوبة باللغتين اليونانية
والانكليزية , حتى لا يتعرضوا لاعتداء من جانب ايوكا .
قامت قوات المظلات البريطانية والفرنسية ومعها الوحدات لغزو بورسعيد . .
اما المعدات واأسلحة الثقيلة فكانت تشحن من مالطة
بطريق البحر , كما تحركت من مالطة أيضا وحدات قوية من الأسطول
وفى لندن أدلى السير
انتونى ايدن بتصريح قال فيه : ان الغرض من العملية البريطانية الفرنسية هو فصل
القوات المتحاربة بعضها عن بعض وايجاد منطقة حرام بين الجيش المصرى والجيش
الأسرائيلى , حول قناة السويس مما يسهل فى الوقت نفسه حماية القناة من أى حظر قد
تتعرض له نتيجة لهذه الحرب . . وفى قبرص صرح الجنرال كيتلى أنه كلما أسرعت مصر الى
التذرع بالحكمة بقبولها فكرة الاشراف الدولى المؤقت على القناة نقص عدد الضحايا .
ظل سلام العالم فى كفة القدر عدة أسابيع .
.
وهكذا تراجعت المشكلة القبرصية الى الوراء أمام المشاكل التى هى أشد خطورة و
أهمية .
اضطرت بريطانيا الى سحب عدد كبير من
وحداتهم العسكرية فى قبرص , وكانت الطرق التى أمتلأت بالقوافل العسكرية المحملة
بالمؤن والجنود , اهدافا سهلة لرجال العصابات . .
وخلال شهر اكتوبر وحده شنت ايوكا
416 هجوما , وهو أعلى رقم سجلته ثورة التحرير القبرصية فى أى وقت من الأوقات ,
وراح ضحيته 40 شخصا أغلبهم من رجال الخدمة , وقامت ايوكا بتدمير الطائرات
والمصفحات واحراق المستودعات .
بصرف النظر عن هذا كله فلقد برهنت الأيام
السبعة من حرب السويس على عدم صلاحية قبرص كقاعدة حربية ذات قيمة .
الحقيقة الأخرى التى أكدتها حرب السويس هى
ان لا يمكن لأية دولى ان تتخذ لها قاعدة فى بلد يناصبها أهله العداء .