11‏/02‏/2015

العقد الإجتماعي 4

العقد الإجتماعي 4

الحالة المدنية :

      أدى الانتقال من حالة الطبيعة الى حالة المدنية الى تغييرات واضحة حقيقة فى الفرد .

فقد أحل العدالة محل الغريزة فى سلوكه , وأضفى على تصرفاته أساسا أخلاقيا كان يعوزها من قبل .

إن الانسان لا يدرك أنه ملزم بطاعة مبادئ مختلفة تماما , وأن عليه أن يسترشد بعقله لا أن يستجيب لدوافع رغباته فحسب , إلا عندما يحل صوت الواجب محل النزعات الجسدية , ويحل الحق محل الاستجابة للشهوات ؛ فعندئذ فقط يدرك الانسان ذلك , وقد كان من قبل لا يهتم إلا بنفسه وحده .


 ورغم أنه قد يجد نفسه محروما من عدة مزايا كان يتمتع بها فى حالة الطبيعة , فسيدرك أنه حصل على مزايا أخرى ذات قيمة أكبر بكثير ز فستنمو ملكاته , إذ يستعملها , ويتسع أفق تفكيره وتصبح مشاعره أنبل وتسمو روحه , إلى حد يجعله يبارك بلا انقطاع اليوم الذى حرره الى الأبد من حالته القديمة وحوله من حيوان بليد محدود الأفق الى مخلوق ذكى و إنسان , لولا أن سوء استعمال الظروف الجديدة ما زال يعود به أحيانا الى منحدر أسوأ من الحالة التى كان فيها .


       إن ما يفقده الإنسان نتيجة للعقد الاجتماعى هو حريته الطبيعية وحقه غير المحدود فى الاستيلاء على ما يريد وما يستطيع الحصول عليه ؛ أما ما يكسبه فهو الحرية المدنية وملكية كل ما فى حيازته .

 وحتى لا نتعرض للخطأ فيما يتعلق بهذه التعويضات , ينبغى أن نميز الحرية الطبيعية التى يتمتع بها الانسان والتى لا يحدها سوى قوة الفرد نفسه , والحرية المدنية التى تحدها الإدارة العامة ؛ وأن نميز بين الحيازة التى تقوم على القوة المادية وحدها وحق الاستيلاء الأول , والملكية التى لا يمكن أن تقوم إلا على سند إيجابى .


0 التعليقات: