23‏/02‏/2015

العقد الإجتماعي 13

العقد الإجتماعي 13

        لا يكفى أن يجتمع الشعب مرة لتحديد الدستور بإعلانه موافقته على مجموعه من القوانين , ولا يكفى أن ينشئ حكومة دائمة , أو أن يكفل وسيلة انتخاب الحكام مرة وينتهى الأمر بذلك : فإلى جانب الاجتماعات الاستثنائية التى قد تتطلبها الحالات العاجلة , يجب أن تكون هناك اجتماعات دورية محددة لا يستطيع شئ منعها أو تأخيرها , بحيث أن الشعب يجتمع فى يوم معين بقوة القانون ودون حاجة إلى انتظار دعوة رسمية بالاجتماع .

        بمجرد أن يجتمع الشعب اجتماعا شرعيا بوصفه هيئة سياسية , تقف جميع اختصاصات الحكومة , وتتوقف السلطة التنفيذية , ويصبح شخص أقل مواطن مقدسا وذا حرمة مثل أكبر حاكم , لأنه عندما يوجد الأصل لا محل لمن يمثله .

         وقد كانت فترات التوقف هذه التى كان الأمير يعترف فيها , أو يجب أن يعترف , بأن له سيدا فعلا , مصدر إزعاج له دائما , و كانت اجتماعات الشعب هذه , التى تعد محرك الجسد السياسى و ضابط الحكم , مصدر ذعر الرؤساء فى كل عهد .

                                نواب أن ممثلون

            بمجرد أن تكف الخدمة العامة عن أن تكون الشاغل الرئيسى للمواطنين , ويفضلون الخدمة بمالهم على الخدمة بأشخاصهم , تكون الدولة قد قربت من الدمار .

فإذا تطلب الأمر أن يسيروا إلى الحرب , استأجروا جنودا وقبعوا فى منازلهم .

وإذا تطلب الأمر أن يذهبوا إلى المجالس , عينوا نوابا وقبعوا فى منازلهم .

فهم تحت ضغط الكسل وبقوة المال قد جلبوا على أنفسهم جنودا لاستعباد الوطن ونوابا يبيعونه .

            فالانكباب على التجارة والفنون , والرغبة الشرهة فى الربح , وحب الراحة و الدعة , هى التى تجعل الناس يحولون الخدمة العامة إلى مال ,فيتنازل الواحد منهم عن جزء من ربحه حتى يتفرع للعمل على زيادة مكاسبه .

فبمجرد أن تعطى المال بدلا من الخدمة فسرعان ما تجد نفسك فى الأغلال . إن هذه الكلمة (المالية) كلمة عبيد ولا تعرفها المدنية , ففى البلد الحر حقيقة يفعل المواطنون كل شئ بأذرعتهم , ولا يفعلون شيئا بالمال , فهم أبعد ما يكونون عن دفع المال للتخلص من واجباتهم .

     كلما كان تكوين الدولة أحسن , فضل المواطنون الأعمال العامة على الخاصة .

 بل وتكون فيها الأعمال الخاصة أقل بكثير , لأن مجموع السعادة المشتركة تكفل جزءا أكبر من سعادة كل فرد فى هذه الحالة , ولا يبقى لديه إلا القليل مما يتطلب اهتمامه فى المشاغل الخاصة .

وفى المدينة التى يكون حكمها صالحا يسارع كل واحد إلى المجالس , ولكن لا يحب أحد أن ينقل قدمه خطوة واحدة للاشتراك فيها عندما يكون الحاكم سيئا , لأنه ما من يهتم بما يدور فيها , فالناس تدرك أن الإدارة العامة لا تسود , ومن ثم تستغرق المشاغل الخاصة اهتمام الناس جميعا .

 وبمجرد أن يقول الواحد عن شئون الدولة : ما الذى يهمنى فى الأمر ؟ يجب أن تعتبر الدولة ضاعت .

          إن فتور حب الوطن , ونشاط المصالح الخاصة , وضخامة الدول , والغزو , وسوء استعمال الحكم , جميعا أدت إلى ظهور فكرة دخول نواب الشعب أو ممثليه فى مجالس الأمة .

          كل قانون لم يصدق عليه الشعب بشخصه باطل ؛ وهو لا يكون قانونا بالمرة .

ويعتقد الشعب الإنجليزى أنه حر , ولكنه مخطئ تماما ؛ فهو لا يكون حرا إلا أثناء انتخابات أعضاء البرلمان : وبمجرد أن يتم انتخابهم يصير الشعب عبدا , فهو ليس شيئا على الإطلاق . فطريقة استعماله لحريته فى فترات الحرية القصيرة تجعله جديرا بأن يفقدها .

0 التعليقات: