قصف العقول 2
الحرب فى جوهرها تبادل منظم للعنف
والدعاية فى جوهرها عملية إقناع منظمة .
إنهما تحاولان رفع معنويات أحد الجانبين و أن تنسفا إرادة القتال لدى الأخر
الحرب هى امتداد للسياسة بوسائل مختلفة ,
للسياسة والحرب الهدف ذاته : أى تغليب إرادة جماعة أو مجتمع ما – ووجودهما – على
إرادة ووجود جماعة أخرى أو مجتمع أخر .
الدعاية هى فن الإقناع و للإقناع قواعد
وأصول يمكن تلخيصها فى ثلاثة هى :
1- كسب مظهر
الصدق ( لكسب ثقة الجمهور المتلقى المراد إقناعه) .
2- البساطة
والتكرار ( للوصول إلى أذهان ومشاعر الناس بسرعة والنفاذ الى ذاكرتهم التى لن
تتذكر إلا ما استوعبته بسهولة وبكثرة )
3- الرموز
وضرب الأمثلة ( فالذاكرة البشرية يسهل عليها أن تخزن وان تستدعى الصور ذات
الدلالات المرتبطة بمخزون الذاكرة الموروث أو المكتسب ) .
المؤلف مؤرخ ومفكر و استاذ جامعى غربى
بريطانى يؤمن بالليبرالية , يتجنب الدعاية الغربية التى انتشرت فى العصر
الاستعمارى وهذا ما جعله يتجاهل تقريبا الدعاية النازية ضد اليهود , ولعل
الانتماءات ذاتها أيضا هى ما دعته الى تجنب الحديث عن دعاية المسلمين فى أثناء
الحروب الصليبية على رغم عرضه للدعاية .
الدعاية الموجهة الى الاعداء فى زمن الحرب
, قذائف من الكلمات التى تختار بعناية وتصاغ بحساب دقيق مستهدفة تشكيك شعب دولة
العدو وجنوده فى قضيتهم .
وهدم ثقتهم فى قياداتهم وفى حكومتهم وفى قدرتهم على
تحقيق النصر .
يشير المؤلف الى ان تأثير موقف الصحافة
والتليفزيون الأمريكيين - ضد التورط الأمريكى فى فيتنام - هو ما أدى الى خروج
الولايات المتحدة من تلك الحرب قبل أن تحقق الانتصار فيها .
غير ان القراءة النصية
لكلمات المؤلف فى تلك السياقات وما يشبهها ليست هى القراءة الملائمة .
فالدعاية فى
كل الأحوال - ومهما كان من كفاءة القائمين بها وذكاء خططها وقدرتها على الوصول
الواسع والتأثير النافذ - لم تكمن فى النهاية سوى عامل مساعد للعوامل الأصلية
المكونة للحركة الفعلية للتاريخ .
سيكون من الظلم وعدم الموضوعية تجاهل
صلابة وبسالة الشعب الفيتنامى فى كفاحه الطويل من أجل الاستقلال الوطنى والتقدم
والعدل ضد سلسلة طويلة من المحتلين .
تقول المصادر الغربية إن القائد العسكرى
للمقاومة الفيتنامية الجنرال جايب هو القائد الوحيد الذى انزل الهزيمة بجيوش ثلاث
دول كبرى متعاقبة دون أن تلحق بقواته هزيمة كبيرة واحدة .
فهل كانت الدعاية هى
صانعة هذه الانتصارات المذهلة – حتى فى عصرها الذى شهد الكثير من انتصارات ثورات
الشعوب وحروبها التحريرية – ام كانت خصائص كامنة فى ثقافة شعب تقوم على التقشف
الشديد والزهد البالغ مع الانضباط الصارم وممارسة انواع كثيرة من رياضيات التحكم
الذهنى فى الجسد مع تحمل ما لا يطاق من الالام البدنية .
والثقة المطلقة فى النفس
والرغبة فى الابتعاد عن بقية الجماعات البشرية !؟
إنهما تحاولان رفع معنويات أحد الجانبين و أن تنسفا إرادة القتال لدى الأخر
0 التعليقات:
إرسال تعليق