23‏/02‏/2015

العقد الإجتماعي 14

العقد الإجتماعي 14

                       وسائل منع اغتصاب الحكم

         التصرف الذى تتكون الحكومة بمقتضاه ليس عقدا , بل قانونا , وأن من عهد إليهم بالسلطة التنفيذية ليسوا سادة الشعب ولكن موظفيه ؛ وأنه يستطيع تعيينهم أو عزلهم كمل يشاء , وان الوضع بالنسبة لهم ليس مسألة تعاقد , بل مسألة طاعة , وأنهم بقيامهم بالمهام التى تكلفهم بها الدولة إنما يؤدون واجبهم بوصفهم مواطنين , دون أن يكون لهم أى حق فى مناقشة الشروط .

          ومن ثم عندما يقوم الشعب بتعيين حكومة وراثية , سواء ملكية فى عائلة أو ارستقراطية فى طبقة من المواطنين , فإن ذلك ليس التزاما من جانبه , ولكنه مجرد الصورة المؤقتة التى يعطيها للإدارة إلى أن يحلو له تغييرها .

          وصحيح أن هذه التغيرات مصدر خطر دائما , وأنه يجب عدم المساس مطلقا بحكم قائم إلا إذا صار متعارضا مع الخير العام : بيد أن ذلك قاعدة من قواعد السياسة فحسب وليس قاعدة قانونية , وليست الدولة ملزمة بترك السلطة المدنية فى يد رؤسائها أكثر مما هى ملزمة بترك السلطة العسكرية فى يد قوادها .

     ينبغى دائما أن يكون افتتاح هذه الاجتماعات , التى لا غرض منها سوى المحافظة على الميثاق الاجتماعى , باقتراحين لا يمكن إلغاؤهما مطلقا , وتؤخذ الأصوات على كل منهما على حدة .

        الأول : هل يرى معقد السيادة الاحتفاظ بصورة الحكم    الحالية ؟ .

       الثانى : هل يرى الشعب ترك الإدارة فى يد من يقومون بها حاليا ؟ .

       ما من قانون أساسى فى الدولة لا يمكن إلغاؤه , حتى العقد الاجتماعى نفسه ؛ إذ لو اجتمع المواطنون جميعا على نبذ هذا العقد بإرادة مشتركة , لا ريب فى أنه ينحل بصورة شرعية .


                            الإرادة العامة لا يمكن إتلافها

      عندما يرى الإنسان عند أسعد شعب فى العالم جماعات من الفلاحين ينظمون شئون الدولة تحت شجرة بلوط ويتصرفون باستمرار بحكمة , هل يستطيع عندئذ أن يمنع نفسه من احتقار الحركات المهذبة لدى الأمم الأخرى التى تحظى بسمعة كبيرة وهى بائسة بما تبديه من مهارة وما تنطوى عليه من أسرار ؟ .

      إن دولة تحكم بهذه الطريقة لا تحتاج إلى الى القليل من القوانين , وتوضع قوانين جديدة بقدر ما تدعو الضرورة , ويرى الجميع هذه الضرورة , وأول من يقترحها لا يفعل أكثر من أنه يضع فى كلمات ما يحس به الجميع , ولا يتطلب تحرير قانون قرر الجميع فعلا وضعه , مناورات ولا لباقة , بمجرد أن يدرك الواحد منهم أن الباقين سيفعلون مثله .


       كل واحد إذ يفضل مصلحته على المصلحة المشتركة يرى جيدا أنه لا يستطيع فصلهما بالمرة : ولكن يبدو له أن ما يسببه من الضرر العام لا شئ بالنسبة للمنفعة الخاصة التى يزعم أنه سيحصل عليها لنفسه . وباستثناء هذه المنفعة الخاصة , يطلب الخير العام لفائدته بقدر ما يطلبه أى شخص أخر .

0 التعليقات: