العقد الإجتماعي 14
وسائل منع اغتصاب الحكم
التصرف الذى تتكون الحكومة بمقتضاه ليس
عقدا , بل قانونا , وأن من عهد إليهم بالسلطة التنفيذية ليسوا سادة الشعب ولكن
موظفيه ؛ وأنه يستطيع تعيينهم أو عزلهم كمل يشاء , وان الوضع بالنسبة لهم ليس
مسألة تعاقد , بل مسألة طاعة , وأنهم بقيامهم بالمهام التى تكلفهم بها الدولة إنما
يؤدون واجبهم بوصفهم مواطنين , دون أن يكون لهم أى حق فى مناقشة الشروط .
ومن ثم عندما يقوم الشعب بتعيين حكومة
وراثية , سواء ملكية فى عائلة أو ارستقراطية فى طبقة من المواطنين , فإن ذلك ليس
التزاما من جانبه , ولكنه مجرد الصورة المؤقتة التى يعطيها للإدارة إلى أن يحلو له
تغييرها .
وصحيح أن هذه التغيرات مصدر خطر دائما
, وأنه يجب عدم المساس مطلقا بحكم قائم إلا إذا صار متعارضا مع الخير العام : بيد
أن ذلك قاعدة من قواعد السياسة فحسب وليس قاعدة قانونية , وليست الدولة ملزمة بترك
السلطة المدنية فى يد رؤسائها أكثر مما هى ملزمة بترك السلطة العسكرية فى يد
قوادها .
ينبغى دائما أن يكون افتتاح هذه
الاجتماعات , التى لا غرض منها سوى المحافظة على الميثاق الاجتماعى , باقتراحين لا
يمكن إلغاؤهما مطلقا , وتؤخذ الأصوات على كل منهما على حدة .
الأول : هل يرى معقد السيادة الاحتفاظ
بصورة الحكم الحالية ؟ .
الثانى : هل يرى الشعب ترك الإدارة فى يد
من يقومون بها حاليا ؟ .
ما من قانون أساسى فى الدولة لا يمكن
إلغاؤه , حتى العقد الاجتماعى نفسه ؛ إذ لو اجتمع المواطنون جميعا على نبذ هذا
العقد بإرادة مشتركة , لا ريب فى أنه ينحل بصورة شرعية .
الإرادة العامة لا يمكن
إتلافها
عندما يرى الإنسان عند أسعد شعب فى العالم
جماعات من الفلاحين ينظمون شئون الدولة تحت شجرة بلوط ويتصرفون باستمرار بحكمة ,
هل يستطيع عندئذ أن يمنع نفسه من احتقار الحركات المهذبة لدى الأمم الأخرى التى
تحظى بسمعة كبيرة وهى بائسة بما تبديه من مهارة وما تنطوى عليه من أسرار ؟ .
إن دولة تحكم بهذه الطريقة لا تحتاج إلى
الى القليل من القوانين , وتوضع قوانين جديدة بقدر ما تدعو الضرورة , ويرى الجميع
هذه الضرورة , وأول من يقترحها لا يفعل أكثر من أنه يضع فى كلمات ما يحس به الجميع
, ولا يتطلب تحرير قانون قرر الجميع فعلا وضعه , مناورات ولا لباقة , بمجرد أن
يدرك الواحد منهم أن الباقين سيفعلون مثله .
كل واحد إذ يفضل مصلحته على المصلحة
المشتركة يرى جيدا أنه لا يستطيع فصلهما بالمرة : ولكن يبدو له أن ما يسببه من
الضرر العام لا شئ بالنسبة للمنفعة الخاصة التى يزعم أنه سيحصل عليها لنفسه .
وباستثناء هذه المنفعة الخاصة , يطلب الخير العام لفائدته بقدر ما يطلبه أى شخص
أخر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق