العقد الإجتماعي 3
إن إعلان الحرب إنذار للرعايا أكثر منه
للحكومات .
فالأجنبى سواء كان ملكا أو شخصا عاديا أو أمة فى مجموعها – الذى يسرق
رعايا بلد أخر أو يقتلهم أو يأسرهم دون إعلان الحرب أولا على أمير هذا البلد ,
يتصرف كقاطع طريق لا عدو .
لما كان هدف الحرب هو تدمير دولة العدو ,
فإن للقائد كل الحق فى قتل من يدافعون عنها طالما كان سلاحهم فى أيديهم .
ولكن
بمجرد أن يلقوه ويستسلموا , لا يعودون أعداء أو أدوات يستخدمها العدو ويصيرون مرة
أخرى مجرد أشخاص عاديين ولا شئ أكثر .
إن حق الغزو ليس له أساس سوى قانون الأقوى
.
وإذا كانت الحرب لا تمنح المنتصر حق ذبح أعدائه المهزومين . فإنه لا يستطيع أن
يستند على حق لا وجود له فى إنشاء حق أخر باسترقاقهم .
إن المنتصر والمهزوم دخلا فى تعاقد , ولكنه
تعاقد أبعد ما يكون عن أن ينهى حالة الحرب . بل هو يفترض استمرارها .
إذا لم يكن هناك اتفاق سابق , فلماذا تقبل
الأقلية – إلا إذا كان الاختيار بالإجماع – قرار الاغلبية ؟
فمن أين لمائة شخص
يريدون سيدا الحق فى اتخاذ قرار بالنيابة عن عشرة أشخاص لا يريدونه ؟
إن قانون
أغلبية الأصوات هو فى ذاته نوع من التعاقد ويفترض قيام الإجماع الكامل مرة على
الأقل .
لا بد من ايجاد نوع ما من الاتحاد من شأنه
استخدام قوة المجتمع كلها فى حماية شخص كل عضو من أعضائه وممتلكاته , وذلك بطريقة
تجعل كل فرد , إذ يتحد مع قرنائه , إنما يطيع إرادة نفسه ويظل حرا كما كان من قبل هذه
هى المشكلة الأساسية التى يكفل العقد الاجتماعى حلها .
إذا نزعنا من الاتفاق الاجتماعى كل ما هو
غير جوهرى فيه , فإننا سنجد أنه يتلخص فيما يلى كل واحد منا يسهم فى المجموع بشخصه
, وكل ما لديه من قدرة , تحت التوجيه الأعلى للإدارة العامة , ونلتقى كذلك فى جسد
المجموع كل عضو بوصفه جزءا لا يتجزأ من الكل .
بمجرد أن يتم عقد الاتحاد هذا يتولد عنه
جسد معنوى وجماعى , يسمى فى الماضى مدينة ولكنه يسمى الان جمهورية أو الجسد
السياسى .
بمجرد أن تتحد جماعة فى جسد سياسى , فأن أى
اعتداء على فرد فيها يعتبر اعتداء على الجسد , وأكثر من ذلك , لا يمكن الاعتداء
على الجسد السياسى فى مجموعه إلا كان لذلك أثره فى كل فرد فيه .
ومن ثم فإن كلا من
المصلحة و الواجب يلزم الطرفين المتعاقدين بالمساعدة المتبادلة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق