11‏/02‏/2015

العقد الإجتماعي 3

العقد الإجتماعي 3

        إن إعلان الحرب إنذار للرعايا أكثر منه للحكومات .

 فالأجنبى سواء كان ملكا أو شخصا عاديا أو أمة فى مجموعها – الذى يسرق رعايا بلد أخر أو يقتلهم أو يأسرهم دون إعلان الحرب أولا على أمير هذا البلد , يتصرف كقاطع طريق لا عدو .

       لما كان هدف الحرب هو تدمير دولة العدو , فإن للقائد كل الحق فى قتل من يدافعون عنها طالما كان سلاحهم فى أيديهم .

ولكن بمجرد أن يلقوه ويستسلموا , لا يعودون أعداء أو أدوات يستخدمها العدو ويصيرون مرة أخرى مجرد أشخاص عاديين ولا شئ أكثر .

      إن حق الغزو ليس له أساس سوى قانون الأقوى .

وإذا كانت الحرب لا تمنح المنتصر حق ذبح أعدائه المهزومين . فإنه لا يستطيع أن يستند على حق لا وجود له فى إنشاء حق أخر باسترقاقهم .

      إن المنتصر والمهزوم دخلا فى تعاقد , ولكنه تعاقد أبعد ما يكون عن أن ينهى حالة الحرب . بل هو يفترض استمرارها .

      إذا لم يكن هناك اتفاق سابق , فلماذا تقبل الأقلية – إلا إذا كان الاختيار بالإجماع – قرار الاغلبية ؟

فمن أين لمائة شخص يريدون سيدا الحق فى اتخاذ قرار بالنيابة عن عشرة أشخاص لا يريدونه ؟

إن قانون أغلبية الأصوات هو فى ذاته نوع من التعاقد ويفترض قيام الإجماع الكامل مرة على الأقل .

      لا بد من ايجاد نوع ما من الاتحاد من شأنه استخدام قوة المجتمع كلها فى حماية شخص كل عضو من أعضائه وممتلكاته , وذلك بطريقة تجعل كل فرد , إذ يتحد مع قرنائه , إنما يطيع إرادة نفسه ويظل حرا كما كان من قبل هذه هى المشكلة الأساسية التى يكفل العقد الاجتماعى حلها .

      إذا نزعنا من الاتفاق الاجتماعى كل ما هو غير جوهرى فيه , فإننا سنجد أنه يتلخص فيما يلى كل واحد منا يسهم فى المجموع بشخصه , وكل ما لديه من قدرة , تحت التوجيه الأعلى للإدارة العامة , ونلتقى كذلك فى جسد المجموع كل عضو بوصفه جزءا لا يتجزأ من الكل .

      بمجرد أن يتم عقد الاتحاد هذا يتولد عنه جسد معنوى وجماعى , يسمى فى الماضى مدينة ولكنه يسمى الان جمهورية أو الجسد السياسى .

     بمجرد أن تتحد جماعة فى جسد سياسى , فأن أى اعتداء على فرد فيها يعتبر اعتداء على الجسد , وأكثر من ذلك , لا يمكن الاعتداء على الجسد السياسى فى مجموعه إلا كان لذلك أثره فى كل فرد فيه . 
ومن ثم فإن كلا من المصلحة و الواجب يلزم الطرفين المتعاقدين بالمساعدة المتبادلة .


0 التعليقات: