إمبراطورية الثروة ج2-19
حصرت صلاحيات عمليات السوق المفتوحة –
وهى أداة أساسية لتنظيم عمل النظام المصرفى و أسعار الفائدة – بيد لجنة السوق
المفتوحة الفدرالية فى واشنطن بدلا من ترك تصريفها للمصارف .
فى 7 مارس 1938 أوقفت بورصة نيويورك
التداول لتعلن تعليق عمل شركة ريتشارد ويتنى وشركاه بسبب تصرفات غير قانونية و
منافية لمبادئ التداول النزيه .
وعمت الصدمة الكبرى مؤسسة وول ستريت فكتبت
صحيفة الأمة (نايشن) – وهى صحيفة سياسية يسارية – بنبرة يغلبها الابتهاج إن وول
ستريت فى موقف محرج جدا .. وما كانت لتشعر بحرج كهذا لو أن جى بى مورغان وجد يتسول
على باب كاتدرائية القديس يوحنا .
وأحتشد ستة الاف شخص فى محطة قطار جراند
سنترال فى 12 ابريل لمشاهدة ريتشارد ويتنى – مصفدا فى الأغلال – يستقل قطارا
سينقله الى سجن سنج سانج . وفى غضون ذلك , تحرك ويليام أو دوغلاس سريعا لاغتنام
حال الأرتباك العام التى ألمت بحرس وول ستريت القديم .
وقبل نهاية العام , اعتمدت
البورصة نظاما داخليا جديدا , يضع مسؤولياتها العامة العامة قيد المساءلة . وصار
الرئيس موظفا مأجورا وليس عضوا . كما صار لزاما على الشركات الخضوع لمزيد من
عمليات تدقيق الحسابات الخارجى , ولم يعد يسمح لأعضاء بشراء الأسهم بتمويل جزئى
(الشراء بالهامش) إذا كانوا يقدمون خدماتهم للعملاء . وخفضت النسبة القانونية
للدين الى راس المال , مما جعل شركات السمسرة أكثر استقرارا وقدرة على مواجهة
فترات تراجع أداء السوق .
صحيح أن الاقتصاد كان يمر – بلغة
الاقتصاد – بفترة انتعاش لسنوات أربع فإن كلمة كساد فى التعبير الشائع كانت تطلق
على عقد الثلاثينات برمته . لذلك فقد أطلق الاقتصاديون على هذا الكساد الجديد الذى
وقع فى فترة كساد سابقة اسم (الركود) . ومنذ ذلك الحين باتت هذه الكلمة تستخدم فى
وصف تراجع الأداء الاقتصادى . وصارت كلمة كساد تكتب باللغة الإنجليزية بحرف كبير Depression لتعنى حصرا فترة عقد الثلاثينيات
.
حاولت المانيا ان تكره بريطانيا على
الاستسلام بهجوم خاطف وقطع خطوطها التجارية عبر الأطلسى . و أوشك ذلك أن يحقق
الغاية المنشودة .
وقد لخص هذا الوضع رديارد كيبلينغ قبل عقود خلت بقوله :
إن الخبز الذى تأكل والبسكويت
والحلويات التى تقضم
, واللحم الذى تلوك .
نأتيك جميعا بها كل يوم , نحن البواخر
العظيمة .
وإن سد علينا أحد طريقنا ..
فأنكم جميعا ستتضورون جوعا !
تحدث
وينستون تشرشل بصراحة تعوزها اللياقة الديبلوماسية عن متطلبات بريطانيا من
الولايات المتحدة إذا ما اريد لبريطانياالا تخسر الحرب , ودون المتطلبات العاجلة
وهى (( اولا : إعارتنا أربعين أو خمسين من مدمراتكم القديمة . ثانيا : نحتاج الى
عدة مئات من احدث الطائرات .
ثالثا : أجهزة وذخيرة مضادة للطائرات . رابعا : نحتاج
الى شراء الفولاذ من الولايات المتحدة .
ويسرى ذلك على الأعتدة الأخرى . وسندفع
مالا بقدر استطاعتنا , لكن يجب أن تعطونى ضمانات كافية بأنكم ستزودوننا بما نحتاج
إليه وبالشروط نفسها حتى إن عجزنا عن دفع المال إليكم )) .
لقد ثبت عدم نجاعة التخطيط المركزى على
الإطلاق فى إنتاج السلع والخدمات الاستهلاكية ( وذلك فى المقام الأول لأنه ليس
للمستهلكين من اعتبار فى تحديد ماهية المنتج وشكله ) , لكن التخطيط المركزى أعطى
نتائج أفضل فى إنتاج العتاد الحربى .
فى الواقع كانت الغاية السياسية من هذا
القانون إبطاء عودة المحاربين القدماء إلى سوق العمل . لقد قدم قانون حقوق
المحاربين القدماء معونات سخية لكل المحاربين القدماء الذين سرحوا من الخدمة بشرف
, وكانت هذه المساعدات تشتمل على التعليم وتوفير المسكن فى مرحلة الدراسة
والمساعدة على شراء منزل , وافتتاح مشروع تجارى خاص بعد انتهاء الدراسة والتعليم .
ويحضرنا هنا ناموس العواقب غير المقصودة
لتفسير النتائج الكارثية التى ترتبت على عمل تشريعى , مثل قانون حظر المشروبات
الكحولية الذى اتخذ بحسن نية . لكن مشروع قانون المحاربين القدماء , وربما كان ذا
أثر لا بأس به فى التخفيف من تدفق المحاربين الى قطاعات الاقتصاد الأمريكى , لم
يفض فى الواقع إلا إلى (عواقب غير مقصودة) وكان كل منها – إذا جاز القول – ذا أثر
جد إيجابى فى البلاد .
لقد سمح مشروع القانون لما لا يقل عن
ثمانية ملايين من المحاربين القدماء بالحصول على المزيد من فرص التعليم فى الكليات
والمدارس الفنية , وما كانوا لولا ذلك ليحصلوا عليها . فقد زاد كثيرا من نسبة
السكان الحاصلين على شهادات جامعية , وفى عام 1950 منحت 496 الف شهادة جامعية , أى
أكثر من ضعف عدد الشهادات الممنوحة قبل عقد من الزمان .
0 التعليقات:
إرسال تعليق