02‏/02‏/2015

إمبراطورية الثروة ج2-15

إمبراطورية الثروة ج2- 15


          لقد كان الواقع الجديد للسياسة العالمية أكثر تأثرا مما تبدية الأرقام والإحصائيات .

إذ بينما وصل عدد القتلى فى صفوف الجيش الأمريكى إلى 126 الفا فى الحرب العالمية الأولى , فإن فرنسا – التى كان عدد سكانها يقل عن 40 مليونا – فقدت 1357000 من شبابها , وخسرت الإمبراطورية البريطانية 908 الاف , وألمانيا 1.773 مليون , والنمسا 1.200 مليون , وروسيا 1.700 مليون .

          الدول الأوروبية التى خرجت منتصرة و إن شكليا – بريطانيا و فرنسا – قد خسرت مواردها العسكرية و الاقتصادية وروحها المعنوية بسبب هذه الحرب العظمى .

ولن تعود هذه القوى إلى سابق عهدها فى العلاقات الدولية الذى  كانت عليه طوال قرون.

         قال هنرى فورد : لم التردد بانتظار الفرصة التجارية المواتية ؟ فلنخفض التكلفة بالإدارة الرشيدة . فلننزل بالأسعار الى مستوى القدرة الشرائية .

 الخطأ الفادح :

        بدأ مصرف الاحتياطى الفدرالى – الذى تأسس فى عام 1913 – عمله فى أول أيام الحرب العالمية الأولى . لكنه لم يؤد الدور المطلوب منه إلا بعد إعادة إرساء دعائم السلام . وقد ارتكب الخطأ الفادح الأول فى سياسته فورا تقريبا .


           فكما هى الحال دائما حينما تنشأ الحاجة الى تمويل حالات العجز الهائل , سببت الحرب العالمية الأولى تضخما حادا وتضاعف مؤشر أسعار المستهلكن CPI  تقريبا بين العالمين 1915 و 1920 , وقد أبقى مصرف الأحتياطى الفدرالى على أسعار الفائدة فى مستويات متدنية فى أثناء الحرب لتأمين حاجة الحكومة من القروض , و أبقى على تلك المعدلات المتدنية حتى نوفمبر 1919 . ومن ثم رفع سعر إعادة الخصم – وهو انذاك وسيلته الأساسية للتأثير فى سعر الفائدة – فى سلسلة من الخطوات المفاجئة من 4 فى المائة الى 7 فى المائة فى الأشهر الثمانية  التالية.

 اللوجو كيف بدأ ؟

            لقد كانت ثمة ضرورة لتغيير أسلوب الخطاب و الإعلان فى ضوء تجاوز السيارات بسرعتها كثيرا سرعة الخيول والعربات . ذلك أن العين لن تلتقط صورة اللافتات على الطريق بسرعة ثلاثين أو أربعين ميلا فى الساعة إلا لحظيا , أو سيفوت الناظر إدراكها كلية . واكتسبت شعارات الشركات (اللوغوهات) أهمية خاصة لأول مرة .

         لقد جلبت السيارة أيضا ضغوطا كبيرة جدا على اقتصاد المناطق الريفية عموما .

ففى عام 1900 كان ثلث أراضى المزارع مخصصا لمحاصيل الأعلاف التى خصصت للأعداد الكبيرة من الخيول والبغال , مصدر الطاقة الرئيس فى قطاع النقل المحلى والصناعات الزراعية .

وفى عام 1929 اختفى معظم تلك القطعان بعد أن حلت محله السيارات وتحولت كثير من الأراضى التى كانت تزرع فيها محاصيل الشعير والشوفان الى زراعة محاصيل الغذاء البشرى , مما زاد من عرض المواد الغذائية الى مستويات فاقت الطلب عليها , فتراجعت الأسعار تراجعا حادا . وكانت النتيجة عصيبة على كل المزارعين الذى لم يروا الأسعار تعود الى سابق عهدها بعد الانخفاض الحاد فى طلبيات الشراء الأوروبية فى أعقاب الحرب العالمية الأولى . إن الكساد الذى عصف بالزراعة الأمريكية – الذى لم تستشعره انذاك وسائل الإعلام العاملة فى المدن – سيتسع ويستفحل رويدا رويدا .


         لا يزال توماس أديسون (يذكر اليوم بفضل سيل ابتكاراته التى لا تحصى , والتى نقلت العالم من القرن التاسع عشر الى القرن العشرين . ويعلم كل تلميذ اليوم أن أديسون ابتكر – أو ساهم كثيرا فى ابتكار – الحاكى (الفونوغراف) وشريط البورصة المتحرك والهاتف ( الى جانب التحسينات الميكانيكية المهمة على جهاز غراهام بل الأصلى , كما كان أديسون هو من نحت كلمة بالانجليزية) و الأفلام وبالطبع المصباح الكهربائى .

0 التعليقات: