إمبراطورية الثروة ج2- 15
لقد كان الواقع الجديد للسياسة
العالمية أكثر تأثرا مما تبدية الأرقام والإحصائيات .
إذ بينما وصل عدد القتلى فى
صفوف الجيش الأمريكى إلى 126 الفا فى الحرب العالمية الأولى , فإن فرنسا – التى
كان عدد سكانها يقل عن 40 مليونا – فقدت 1357000 من شبابها , وخسرت الإمبراطورية
البريطانية 908 الاف , وألمانيا 1.773 مليون , والنمسا 1.200 مليون , وروسيا 1.700
مليون .
الدول الأوروبية التى خرجت منتصرة و إن
شكليا – بريطانيا و فرنسا – قد خسرت مواردها العسكرية و الاقتصادية وروحها
المعنوية بسبب هذه الحرب العظمى .
ولن تعود هذه القوى إلى سابق عهدها فى العلاقات
الدولية الذى كانت عليه طوال قرون.
قال هنرى فورد : لم التردد بانتظار
الفرصة التجارية المواتية ؟ فلنخفض التكلفة بالإدارة الرشيدة . فلننزل بالأسعار
الى مستوى القدرة الشرائية .
الخطأ الفادح :
بدأ مصرف الاحتياطى الفدرالى – الذى تأسس
فى عام 1913 – عمله فى أول أيام الحرب العالمية الأولى . لكنه لم يؤد الدور
المطلوب منه إلا بعد إعادة إرساء دعائم السلام . وقد ارتكب الخطأ الفادح الأول فى
سياسته فورا تقريبا .
فكما هى الحال دائما حينما تنشأ
الحاجة الى تمويل حالات العجز الهائل , سببت الحرب العالمية الأولى تضخما حادا
وتضاعف مؤشر أسعار المستهلكن CPI تقريبا بين العالمين 1915 و 1920 , وقد أبقى
مصرف الأحتياطى الفدرالى على أسعار الفائدة فى مستويات متدنية فى أثناء الحرب
لتأمين حاجة الحكومة من القروض , و أبقى على تلك المعدلات المتدنية حتى نوفمبر
1919 . ومن ثم رفع سعر إعادة الخصم – وهو انذاك وسيلته الأساسية للتأثير فى سعر
الفائدة – فى سلسلة من الخطوات المفاجئة من 4 فى المائة الى 7 فى المائة فى الأشهر
الثمانية التالية.
اللوجو كيف بدأ ؟
لقد كانت ثمة ضرورة لتغيير أسلوب
الخطاب و الإعلان فى ضوء تجاوز السيارات بسرعتها كثيرا سرعة الخيول والعربات . ذلك
أن العين لن تلتقط صورة اللافتات على الطريق بسرعة ثلاثين أو أربعين ميلا فى
الساعة إلا لحظيا , أو سيفوت الناظر إدراكها كلية . واكتسبت شعارات الشركات
(اللوغوهات) أهمية خاصة لأول مرة .
لقد جلبت السيارة أيضا ضغوطا كبيرة جدا
على اقتصاد المناطق الريفية عموما .
ففى عام 1900 كان ثلث أراضى المزارع مخصصا
لمحاصيل الأعلاف التى خصصت للأعداد الكبيرة من الخيول والبغال , مصدر الطاقة
الرئيس فى قطاع النقل المحلى والصناعات الزراعية .
وفى عام 1929 اختفى معظم تلك
القطعان بعد أن حلت محله السيارات وتحولت كثير من الأراضى التى كانت تزرع فيها
محاصيل الشعير والشوفان الى زراعة محاصيل الغذاء البشرى , مما زاد من عرض المواد
الغذائية الى مستويات فاقت الطلب عليها , فتراجعت الأسعار تراجعا حادا . وكانت
النتيجة عصيبة على كل المزارعين الذى لم يروا الأسعار تعود الى سابق عهدها بعد
الانخفاض الحاد فى طلبيات الشراء الأوروبية فى أعقاب الحرب العالمية الأولى . إن
الكساد الذى عصف بالزراعة الأمريكية – الذى لم تستشعره انذاك وسائل الإعلام
العاملة فى المدن – سيتسع ويستفحل رويدا رويدا .
لا يزال توماس أديسون (يذكر اليوم بفضل
سيل ابتكاراته التى لا تحصى , والتى نقلت العالم من القرن التاسع عشر الى القرن
العشرين . ويعلم كل تلميذ اليوم أن أديسون ابتكر – أو ساهم كثيرا فى ابتكار –
الحاكى (الفونوغراف) وشريط البورصة المتحرك والهاتف ( الى جانب التحسينات
الميكانيكية المهمة على جهاز غراهام بل الأصلى , كما كان أديسون هو من نحت كلمة
بالانجليزية) و الأفلام وبالطبع المصباح الكهربائى .
0 التعليقات:
إرسال تعليق