ما الأدب ؟ 9
منذ عام 1848 حتى حرب سنة 1914 , كانت
وحدة جمهور الكاتب فى أساسها دافعا له للكتابة على حسب مبدأ يضاد به جميع قرائه .
وكان يبيع – على الرغم من هذا – كل ما ينتج , ولكنه كان يحتقر من يشترونها ,
ويحاول جاهدا أن يخيب امالهم فيه .
وكان من الأمور المقرر لدى الكاتب أن يظل
مغمورا لا مشهورا , وأن النجاح – إذا واتى الفنان مرة فى حياته – فإن مرد ذلك سوء
تفاهم .
وإذا تصادف أن نشر الكاتب مؤلفا لا يصطدم مع قرائه صداما كافيا , أضاف
إليه مقدمة يسبهم فيها
وكان هذا العراك الجوهرى بين الكاتب وجمهوره ظاهرة لم
يسبق لها مثيل فى تاريخ الأدب .
ففى القرن السابع عشر كان الأدباء والقراء على
وفاق تام ؛ وكان المؤلف فى القرن الثامن عشر يتصرف فى جمهورين كلاهما جمهور فعلى
له , وكان له الخيار فى الاعتماد على أحدهما دون الأخر .
وكانت الرومانتيكية فى
أوائل عهدها محاولة فاشلة لتجنب مثل ذلك الصراع الصريح .
فبحسب الكاتب – ليكون ثائرا – أن يكشف
عن طبيعة فنه فى ذاته ويجعل من نفسه ترجمانا لمطالبة النظرية .
فالأدب ثورى حين
تكون الثورة التى فى دور الإعداد ثورة برجوازية .
أدب القرن التاسع عشر كان قد تخلص من
المذاهب الفكرى الدينى , ورفض – فى الوقت ذاته – أن يخدم المذهب الفكرى البرجوازى
, فأقام نفسه مستقلا فى مبدئه عن كل نوع من أنواع التشيع , وبذا احتفظ بالسلبية
الخالصة مظهرا تجريديا له .
أضحى الفن مقدسا بقدر انصرافه عن الحياة
.
بل إنه استن نظاما صار به الفنانون مجتمعا من القديسين .
حيثما مرت الواقعية لا ينبت على أثرها
عشب .
وقدرية القصة الطبيعية تسحق الحياة .
أبسط مفهوم للعمل السريالى هو النزول الى
الشارع بمسدس فى اليد , وإطلاقا على الجمهور على سبيل الصدفة , وبقدر ما يستطاع .
أسرفوا الإسراف كله فى التقاليد الأدبية
, وفى استعمال الكلمات , فصاروا يلقون ببعضها ضد بعض لتنفجر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق