قصف العقول 7
كان الفرنسيون هم الذين استثاروا
الاندفاع إلى زيادة أحجام الجيوش بالمثال الذي ضربوه , حين أسسوا أول جيش عامل
دائم في أوروبا فيما بين العام ١٤٤٥ و ١٤٤٨ .
حينما كانت اﻟﻤﺨاطر تفوق الجوائز كان
المرتزقة يظهرون هشاشة ولائهم وضعفه مثلما
حدث في العام ١٥٢٥ حينما هجر السويسريون صفوف الفرنسيين قبيل معركة بافيا ,
لأنهم لم يكونوا قد حصلوا على رواتبهم .
لا شيء أنفع لتحقيق النصر من إطاعة
أوامر الراية .
فرض ارتداء الأزياء الرسمية الموحدة
لزيادة الإحساس بالهوية الجماعية , ولكي تمنح الجنود الثقة بأنهم لن يهاجموا من
الخلف أو يقتلوا بأيدي زملائهم في حمى المعركة (على رغم أن الأزياء الرسمية الموحدة
استهدفت تعريف الجنود للأعداء أيضا) .
أصبح عازفو الموسيقى العسكرية جزءا
عضويا من المعنويات القتالية .
ومن الأساليب الأخرى لرفع المعنويات
المأخوذة من العصور القيمة ,
يبرز أسلوب الخطب الحماسية السابقة على نشوب المعارك .
لقد أدت الروايات عن الأعمال الوحشية - مثل هذه
- إلى تغذية المشاعر المعادية للحرب بين الكثيرين من المثقفين .
بيد أن هناك اختلافا كبيرا ب النظرية
والتطبيق. فالفجوة التي تفصل بين المفكرين النظريين في الحرب والممارسين
العمليين للعمل العسكري .
هي ما ثلها الاختلاف بين من يقرأ عن الشجاعة , ومن يجرب الذعر والفوضى وتتجلى شجاعته
في ميدان القتال. ولقد تبين القادة العسكريون المحنكون أن مفتاح المعنويات في
ساحة المعركة هو الانضباط والتدريب.
كتب فرانسيس بيكون يقول إن الطباعة
والبارود والبوصلة (قد غيرت صورة العالم كله وحالته ) .
ينبغي أن نتذكر أن المواعظ لم تكن
تستهدف هدفا دينيا فحسب ,
و إنما كانت وسيلة مهمة لنقل الأخبار المحلية والقومية والدولية إلى السكان , ولإعلان القوانين
والمراسيم ولتبرير الضرائب ولإعلان نشوب الحروب .
على رغم أن الطباعة كانت معرضة للكثير من إساءة استخدامها مثلما كانت الحال
في نشر الكتابات والصور الفاضحة المكشوفة
فإنه لا يمكن التقليل من
قيمتها في تزويد الوعاظ ورجال الدين بمجموعة من الأحكام و الأفكار , الأمر الذي
ساعدهم في نشر الرسالة الموحدة إلى شعوبهم .
إن كان هناك خيط واحد يجري عبر حكاية
حركة الإصلاح بأسرها ,
فإنه التأثير المتفجر واﻟﻤﺠدد .
لا شك في أن للأعمال صوتا أعلى من صوت
الكلمات (بشرط إمكان إعلانها عنها بالقدر الكافي) .
أدرك كرومويل ضرورة إصدار مادة تقرأها
الجماهير وتستوعبها ,
فعلى الرغم من أنهم يخشون من الكلام بحرية
خوفا من العقاب فإنهم يتهامسون معا
بشكل سري .
رأي موريسون : أنه بالنسبة للناس
العاديين فإن الأشياء تنفذ إلى العقل من خلال العيون بأسرع جدا من نفاذها من خلال
الآذان .
أن القوات الجيدة التنظيم والمكونة من
رجال تدفعهم الروح الوطنية وعلى درجة عالية من الانضباط يستطيعون أن يقاوموا أقوى
الخصوم .
ففي الحرب الأهلية يكون تحديد العدو
ورسم صورته مهمة بالغة الصعوبة بالنسبة لرجل الدعاية , وخاصة في حرب بدأت دون
إصرار شديد وفي تردد قوي .
بفضل الانضباط الصارم والمعنويات
العالية (فقد كانوا ينشدون الأغاني الدينية وهم متجهون إلى المعركة). وإذ انتهت
الحرب , فقد
بدأت مختلف الأجنحة السياسية تتعارك من أجل السلطة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق