المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل 23
ينتظم الإمام عقد الصفوة المباركة من أئمة المسلمين في الفقه، والدِّين، وَلاَ أدَلَّ على امتلاكه الطاقة الكبرى في الفقه، وتبوئه موقع الريادة فيه، من انتصابه للفتيا، وتسجيل آلاف الفتاوى، مقدرة بنحو ستين أَلف فتوى. قال تلميذه عبد الوهاب بن عبد الحكم الوَرَّاق: " ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، قيل له: وأيش الذي بان لك من فضله ، وعلمه على سائر من رأيت؟ قال رجل سئل عن ستين ألف مسألة ، فأجاب فيها بأن قال: حدَّثنا، وأخبرنا ". وهي مدونة في عشرات كتب المسائل، التي رواها مئات التلاميذ عنه، بل من كبار شيوخه من يرجع إليه، ويستفتيه، ويرجع إلى رأيه في الفقهيات، كما يأخذون عنه الروايات أمثال الأئمة: الشافعي، ويزيد بن هارون، وابن مهدي، وعبد الرزاق، ووكيع، ويحيى ابن آدم، وأَبي ثور، وكان يقول- وهو شيخه-: (أَحمد، شيخنا، وإمامنا) . ولهذا قال أَبو القاسم ابن الجَبُّلي: " أَكثر الناس يظنون أَن أَحمد إِنما كان أَكثر ذكره لموضع المحنة، وليس هو كذاك، كان أَحمد بن حنبل، إذا سُئِلَ عن المسألة كأن علم الدنيا بين عينيه " انتهى من كتاب ابن الجوزي " مناقب الإمام أَحمد " : " الباب التاسع: في بيان غزارة علمه وقوة فهمه وفقهه ". وفيه ساق أَمثلة عجيبة من دقة فقه الإمام، وبصيرته النافذة في مآخذ الأَحكام . وما كان أَغنانا عن البحث في هذا، لأَن ثبوت إمامة أَحمد في الفقه، ومعرفته فيه، وغوصه في فهم نصوص الوحيين الشريفين، وفقه الصحابة والتابعين، وشهرة ذلك كالشمس إلَّا أَنها تغرب، وهذا واضح للعيان لمن وقف على أَفعاله، وأقواله في أَجوبته وفتاويه التي بلغت عشرات الأَسفار يكتبها عنه مئات الأصحاب، وقد شهد بفقهه الأَئمة الكبار من شيوخه، وأَقرانه، وتلامذته، ممن لهم قدم صدق في الإسلام والعلم والورع والإيمان من أَئمة أهل العلم في الأَقطار، في بغداد، والحجاز واليمن، والشام، ومصر، وبلاد العجم، وقد ساق الذهبي أقوالهم في: " تاريخ الإسلام " و " السير " وغيره في غيرها من سابق ولاحق، فَمِنَ الذين نَعَتُوْه بِالفقه:
المبحث الثاني: إِمامته في الفقه :
ينتظم الإمام عقد الصفوة المباركة من أئمة المسلمين في الفقه، والدِّين، وَلاَ أدَلَّ على امتلاكه الطاقة الكبرى في الفقه، وتبوئه موقع الريادة فيه، من انتصابه للفتيا، وتسجيل آلاف الفتاوى، مقدرة بنحو ستين أَلف فتوى. قال تلميذه عبد الوهاب بن عبد الحكم الوَرَّاق: " ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، قيل له: وأيش الذي بان لك من فضله ، وعلمه على سائر من رأيت؟ قال رجل سئل عن ستين ألف مسألة ، فأجاب فيها بأن قال: حدَّثنا، وأخبرنا ". وهي مدونة في عشرات كتب المسائل، التي رواها مئات التلاميذ عنه، بل من كبار شيوخه من يرجع إليه، ويستفتيه، ويرجع إلى رأيه في الفقهيات، كما يأخذون عنه الروايات أمثال الأئمة: الشافعي، ويزيد بن هارون، وابن مهدي، وعبد الرزاق، ووكيع، ويحيى ابن آدم، وأَبي ثور، وكان يقول- وهو شيخه-: (أَحمد، شيخنا، وإمامنا) . ولهذا قال أَبو القاسم ابن الجَبُّلي: " أَكثر الناس يظنون أَن أَحمد إِنما كان أَكثر ذكره لموضع المحنة، وليس هو كذاك، كان أَحمد بن حنبل، إذا سُئِلَ عن المسألة كأن علم الدنيا بين عينيه " انتهى من كتاب ابن الجوزي " مناقب الإمام أَحمد " : " الباب التاسع: في بيان غزارة علمه وقوة فهمه وفقهه ". وفيه ساق أَمثلة عجيبة من دقة فقه الإمام، وبصيرته النافذة في مآخذ الأَحكام . وما كان أَغنانا عن البحث في هذا، لأَن ثبوت إمامة أَحمد في الفقه، ومعرفته فيه، وغوصه في فهم نصوص الوحيين الشريفين، وفقه الصحابة والتابعين، وشهرة ذلك كالشمس إلَّا أَنها تغرب، وهذا واضح للعيان لمن وقف على أَفعاله، وأقواله في أَجوبته وفتاويه التي بلغت عشرات الأَسفار يكتبها عنه مئات الأصحاب، وقد شهد بفقهه الأَئمة الكبار من شيوخه، وأَقرانه، وتلامذته، ممن لهم قدم صدق في الإسلام والعلم والورع والإيمان من أَئمة أهل العلم في الأَقطار، في بغداد، والحجاز واليمن، والشام، ومصر، وبلاد العجم، وقد ساق الذهبي أقوالهم في: " تاريخ الإسلام " و " السير " وغيره في غيرها من سابق ولاحق، فَمِنَ الذين نَعَتُوْه بِالفقه:
شيخه وتلميذه: الإمام الشافعي ، وشيخه عبد الرزاق ، قال:
" ما رأيت أَحدًا أَفقه ولا أَورع من أَحمد بن حنبل ".
قال الذهبي بعده:
" قلت: قال هذا، وقد رأى مثل الثوري، ومالك، وابن جريج ".
ومن الذين نعتوه بالفقه: أَبو عبيد القاسم بن سَلَّام " وأَبو ثور ، وعبد الله بن المديني ، وابن وارة
، والنسائي ، وصالح بن محمد
جزرة ، والبوشنجي ، وأَبو زرعة الرازي ، وإبراهيم بن خالد ، وإسحاق ابن راهويه ، ويحيى
بن آدم ، وإبراهيم الحربي ،
وأَبو حاتم الرازي ، والعجلي ، ويحيى بن معين ، كل هؤلاء
نعتوه بالفقه، ومنهم من فَضَّله على غيره، وأَلحقه بطبقة التابعين؛ بل منح لقب:
" الإمام " ، وقد سمى ابن الجوزي بعض من لقبوه بالإمام، منهم:
علي بن المديني، وأَبو عبيد القاسم بن سلام، وبشر بن الحارث، ويحيى بن آدم القرشي،
والذهلي، وأَبو ثور.
ولما ساق الذهبي كلمة المروزي في تفضيل أَحمد على أَهل زمانه قال:
" قلت: كان أَحمد عظيم الشأن، رأسًا في الحديث، وفي الفقه، وفي التأله، أثنى
عليه خلق من خصومه، فما الظن بإخوانه وأَقرانه ...؟ ".
وقال أيضا في: " السير 11/291-293 " : " و إلى الإمام أَحمد،
المنتهى في معرفة السنة علما، وعملًا، وفي معرفة الحديث وفنونه، ومعرفة الفقه
وفروعه، وكان رأسًا في الزهد، والورع، والعبادة، والصدق "
قال الربيع بن سليمان، قال الشافعي: " أَحمد إِمام في ثمان خصال: إِمام في
الحديث، إمام في الفقه، إِمام في اللغة، إِمام في القرآن، إِمام في الفقر، إِمام
في الزهد، إِمام في الورع، إِمام في السنة ".
وقد شرحها مع ضِعْفِها ابن أَبي يعلى في " الطبقات " .
فالإمام أَحمد- رحمه الله تعالى- مُحَدّث يمحص الروايات صحيحها من سقيمها، وراجحها
من مرجوحها، وناسخها من منسوخها وعامها من خاصها، ومطلقها من مقيدها ... وهذه
منقبة له بالاتفاق والإجماع من الموافق والمخالف.
والإمام أَحمد- رحمه الله تعالى- فقيه يمحص معاني النصوص وأَلفاظ الرواة.
وهو لغوي بارع، يعرف منازل الكلام، وموارده، ومصادره، ونحو العربية، وبلاغتها،
ويكفينا في هذا إِضافة إلى أَنه عربي من ذُرَى شيبان، شهادة سَيِّدِ من نطق بالضاد
في زمانه، شيخه، وتلميذه الإمام الشافعي بأَن أَحمد: " إِمام في اللغة "
. وقد قال أَحمد:
" كتبت من العربية أكثر مما كتب أَبو عمرو بن العلاء ".
وكان- رحمه الله تعالى- لا يلحن في الكلام، ويؤدِّب أَولاده على اللحن، وقد ضرب
ابنته زينب، وانتهرها على اللحن.
وهكذا جمع الله له بين الفقهين: فقه الإسناد، وفقه المتون والألفاظ بحقائقها
اللغوية والشرعية.
ولا غرابة كان فقهه: " فقه دليل " ، وإلاَّ فكيف يفقه النص من لا يعرف
منزلة سنده؟.
0 التعليقات:
إرسال تعليق