10‏/03‏/2015

ما الأدب ؟ 8

ما الأدب ؟ 8



        الكاتب لا يخترع تأويلات لشرح أنواع ما يعانى من ضيق إلا حين يكون موزع النفس ساخطا , ولا يتوافر ذلك إلا فى المجتمعات غير المستقرة .

        يظل القرن الثامن عشر الفرصة الفريدة فى التاريخ , والجنة التى ما لبثت أن فقدها الكتاب الفرنسيون .

         كانت البرجوازية تتطلع إلى نور , وتشعر شعورا غامضا بأن فكرتها قد استلبت .
 ولهذا تود أن تكون على وعى بنفسها .
     
        الشاب يختار الكتابة ليهرب بها من اضطهاد يعانيه , ومن تضامن مع نظام يسبب له الخزى , ويعتقد – منذ أن يخط كلماته الأولى – أنه هرب من بيئته ومن طبقته , ومن كل البيئات وكل الطبقات , وأنه سبب انفجارا فى موقفه من التاريخ , لمجرد أنه غدا على وعى فكرى ونقدى لهذا الموقف .

         موجز القول كان هو الإنسان العالمى .
وكان الأدب الذى تحرر به عملا تجريديا وقوة من قوى الطبيعة الإنسانية المقررة , والحركة التى يتحرر المرء بها فى كل لحظة من التاريخ : وعلى سبيل الإيجاز كان ذلك الأدب بمثابة الدربة على ممارسة الحرية .

    حين كان العمل الأدبى عملا من ناحيتين : لأنه كان ينتج أفكارا تظل مصدرا للانقلابات الاجتماعية , ولأنه كان يعرض مؤلفه للخطر .

          كان على الكتاب أن يستجيبوا لمطالب جمهور موحد .

      كان جمهور هذا الفن لا يرهب شيئا بقدر ما يرهب موهبة الفنان , لأنها جنون متوعد , يغوص فى الأشياء فيثير الاضطراب بكلمات غير متوقعة , وبنداءات يرددها متوجها إلى حرية القارئ , فيهز من الناس أعماقا أكثر استجابة الى البلبلة .

وكانت الأشياء السهلة هى الأكثر رواجا , لأن القريحة فيها رهينة القيد , تدور على نفسها , وفيها تسكين للخواطر فى خطب منمقة متوقعة ذات طابع من الوفاق والمسألة , تبرهن على أن الإنسان والعالم من الأشياء الهينة القيمة الشفافة عن أسرارها , لا مفاجأة فيها ولا ترعد , ثم لا أهمية لها .

      

0 التعليقات: