المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل 24
ومنه أَن يحيى بن يحيى الأَزجي ت بعد سنة (600 هـ) في كتابه: " نهاية المطلب في علم المذهب " حذا فيه حذو " نهاية المطلب " لِإمام الحرمين الجويني الشافعي، كما في: " ذيل الطبقات " وقد فرح بعضهم بهذا التقارب بين المذهبين، فادَّعى أَنه لا حاجة لمذهب الإمام أَحمد؛ لعدم وجود خلاف بينهما إلا في مسائل قليلة نحو ست عشرة مسألة؟ وقد ذكر هذه الدعوى الشيخ يوسف بن عبد الهادي الحنبلي،المتوفى سنة (909 هـ) - رحمه الله تعالى- في كتابه. " مناقب الإمام أَحمد " ورد عليها فيه، ثم أَفرد كتابا لنقضها باسم: " قرة العين فيما حصل من الاتفاق والاختلاف بين المذهبين ". ولم يقدر لنا الاطلاع على الكتابين، لكن الشيخ أحمد بن محمد المنقور التميمي، المتوفى سنة (1125 هـ) - رحمه الله تعالى- ذكر في مجموعه: " الفواكه العديدة في المسائل المفيدة " الإشارة الى ذلك، ونقل كلام ابن عبد الهادي الآتي ذكره في: كتب المفردات " من الباب العاشر ". والخلاصة أن المسائل بين الأئمة الأربعة تجري على أنواع : 1- مسائل اتفقوا عليها وانظر " الإفصاح " لابن هبيرة، و " رحمة الأمة " للدمشقي. 2- مسائل اختلفوا فيها على قولين أو ثلاثة أو أربعة. 3- ومن مسائل الخلاف ما يحصل فيه بعضها انفراد واحد عن الثلاثة، ولهذا أَلف أَهل كل مذهب مفردات ذلك المذهب. ومنها كتب في مفردات مذهب الإمام أَحمد. وليس الخلاف والانفراد هو الشاهد على الاستقلال، لكن الشاهد: ما ثبت في أَجوبة الإمام على فتوى المفتين في أَكثر من ستين أَلف مسألة، رواها عنه تلامذته، ودونوها في كتب " المسائل عنه " وفيها من الفقه، والتعليل، والتدليل، ودقة النظر ما يبهر العقول، ويرسم للمتفقه طريق الفقه في الدِّين واستنباط دقائق الأَحكام من أَدلة التشريع، فرحمة الله على الجميع، آمين.
المبحث الثالث: مَدَى تأثر فقه أحمد ومذهبه
بفقه الشافعي ومذهبه:
وُلدَ الإمام الشافعي سنة (150 هـ) وتوفي سنة (204 هـ) ، والإمام أَحمد ولد سنة (164 هـ) وتوفي سنة (241 هـ) فيكون أَدرك من حياة الشافعي أَربعين عاما، وقد تتلمذ عليه واستفاد منه، وَبِالمِثْلِ فإِن الشافعي اعترف بفضل الإمام أَحمد وأَثنى عليه كثيرًا، وأَخذ عنه، وكان لمنزلته عنده يزوره فلما قيل له، أنشد: قالوا يزورك أَحمد وتزوره ... قلت الزِّيارة كلها من أَجله إن زرته فلفضله أو زارني ... فبفضله فالفضل في الحالين له قيل: أَجابه أحمد- رحمه الله تعالى- بقوله: إن زُرتنا فبفضل منك تَمنحنا ... أو نحن زُرْنا فللفضل الذي فيكا فَلاَ عدمنا كلا الفضلين منك ولا ... نال الذي يتمنى فيك شانيكا
وُلدَ الإمام الشافعي سنة (150 هـ) وتوفي سنة (204 هـ) ، والإمام أَحمد ولد سنة (164 هـ) وتوفي سنة (241 هـ) فيكون أَدرك من حياة الشافعي أَربعين عاما، وقد تتلمذ عليه واستفاد منه، وَبِالمِثْلِ فإِن الشافعي اعترف بفضل الإمام أَحمد وأَثنى عليه كثيرًا، وأَخذ عنه، وكان لمنزلته عنده يزوره فلما قيل له، أنشد: قالوا يزورك أَحمد وتزوره ... قلت الزِّيارة كلها من أَجله إن زرته فلفضله أو زارني ... فبفضله فالفضل في الحالين له قيل: أَجابه أحمد- رحمه الله تعالى- بقوله: إن زُرتنا فبفضل منك تَمنحنا ... أو نحن زُرْنا فللفضل الذي فيكا فَلاَ عدمنا كلا الفضلين منك ولا ... نال الذي يتمنى فيك شانيكا
والشافعي- رحمه الله تعالى- دخل بغداد مرتين، أقام في رحلته
الأولى سنتين ونصف، وفيها صَنَّفَ كُتبهُ القديمة، ورحلته الثانية أقام بها شهرًا
ولم يصنف فيها شيئًا.
فلهذه العلاقة العلمية والودية لاشك أثر على كل منهما كما
أثرت العلاقة فيما بين أحمد، وإسحاق بن راهويه، المتوفى سنة (238 هـ) ولهذا قال
شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى - في: " الفتاوى: 34/ 113 " :
(وموافقته- أي أحمد- للشافعي، وإسحاق، أَكثر من موافقته لغيرهما، وأصوله بأصولهما
أَشبه منها بأصول غيرهما، وكان يُثني عليهما، ويُعظمهما، ويُرجح أصول مذهبهما على
من ليست أصول مذهبه كأصول مذهبهما .ومذهبه: أَن أصول فقهاء الحديث أَصح من أصول
غيرهم، والشافعي وإسحاق، هما عنده من أَجل فقهاء الحديث في عصرهما، وجمع بينهما في
مسجد الخيف، فتناظرا في " مسألة إجارة بيوت مكَة " ...)
ثم إِن هذين الإمامين يشتركان في خدمة الحديث الشريف وفقهه،
مما صار له الَأَثر على فقههما، وتلاقي فُهُوْمِهِمَا في الاستنباط والتعليل، وصار
له أَثر على أتباعهما في خدمة السنة النبوية؛ ولهذا برز في كلا المذهبين أَعلام
على قدم الإمامة في علم الحديث
فمن الشافعية: الخطيب، والنووي، وابن كثير والذهبي، وابن حجر.
ومن الحنابلة: عبد الغني بن سرور المقدسي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن عبد
الهادي.
وكان من أَثر الفقه الشافعي بالفقه الحنبلي، سلوك بعض الأصحاب طريقة بعض الشافعية
في صناعة التأليف في الفقه، وذلك من لدن أَول متن في المذهب: " مختصر
الخِرَقي "؛ إذ أَلَّفهُ على طريقة المزني في " مختصره " كما في:
" الفتاوى 4/ 450 " .
وهكذا من سار على طريقة الخرقي وترتيبه من الأصحاب.
وهذا الفخر ابن تيمية ت سنة (622 هـ) - رحمه الله تعالى- له: " تخليص المطلب
... " و " ترغيب القاصد... " و " بلغة الساغب ... " وهذه
الثلاثة على طريقة الغزالي الشافعي في: " البسيط " ، و " الوسيط
" و " الوجيز ".
وهذا العلاَّمة المرداوي ت سنة (885 هـ) جرى في كتابه: " الِإنصاف... "
على طريقة ابن قاضي عجلون في تصحيحه لمنهاج النووي وغيره من كتب التصحيح.
ومنه أَن يحيى بن يحيى الأَزجي ت بعد سنة (600 هـ) في كتابه: " نهاية المطلب في علم المذهب " حذا فيه حذو " نهاية المطلب " لِإمام الحرمين الجويني الشافعي، كما في: " ذيل الطبقات " وقد فرح بعضهم بهذا التقارب بين المذهبين، فادَّعى أَنه لا حاجة لمذهب الإمام أَحمد؛ لعدم وجود خلاف بينهما إلا في مسائل قليلة نحو ست عشرة مسألة؟ وقد ذكر هذه الدعوى الشيخ يوسف بن عبد الهادي الحنبلي،المتوفى سنة (909 هـ) - رحمه الله تعالى- في كتابه. " مناقب الإمام أَحمد " ورد عليها فيه، ثم أَفرد كتابا لنقضها باسم: " قرة العين فيما حصل من الاتفاق والاختلاف بين المذهبين ". ولم يقدر لنا الاطلاع على الكتابين، لكن الشيخ أحمد بن محمد المنقور التميمي، المتوفى سنة (1125 هـ) - رحمه الله تعالى- ذكر في مجموعه: " الفواكه العديدة في المسائل المفيدة " الإشارة الى ذلك، ونقل كلام ابن عبد الهادي الآتي ذكره في: كتب المفردات " من الباب العاشر ". والخلاصة أن المسائل بين الأئمة الأربعة تجري على أنواع : 1- مسائل اتفقوا عليها وانظر " الإفصاح " لابن هبيرة، و " رحمة الأمة " للدمشقي. 2- مسائل اختلفوا فيها على قولين أو ثلاثة أو أربعة. 3- ومن مسائل الخلاف ما يحصل فيه بعضها انفراد واحد عن الثلاثة، ولهذا أَلف أَهل كل مذهب مفردات ذلك المذهب. ومنها كتب في مفردات مذهب الإمام أَحمد. وليس الخلاف والانفراد هو الشاهد على الاستقلال، لكن الشاهد: ما ثبت في أَجوبة الإمام على فتوى المفتين في أَكثر من ستين أَلف مسألة، رواها عنه تلامذته، ودونوها في كتب " المسائل عنه " وفيها من الفقه، والتعليل، والتدليل، ودقة النظر ما يبهر العقول، ويرسم للمتفقه طريق الفقه في الدِّين واستنباط دقائق الأَحكام من أَدلة التشريع، فرحمة الله على الجميع، آمين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق